بوابة الفجر

رغم تطهير "السيسي".. "الفساد" مازال يحكم

بوابة الفجر

نافعة: توجد شبكة كبرى تعمل على الفساد.. وعدم الاقتراب منها "لغز"

عبدالفتاح: الفساد منتشر بسبب تعقيد الإجراءات

ربيع: التقليل من الفساد يكون عن طريق الأجهزة الرقابية

جاءت الدعوات للقضاء على الفساد كهدفًا أساسيًا من أهداف الثورات السابقة، فقامت ثورة  23 يوليو من أجل إنهاء الفساد والاستبداد، واستكملت بعدها ثورة 25 يناير التي قامت للقضاء على نظام قام على الفساد ونهب ثروات المصريين، وأخيرًا خرج الشعب في ثورة الـ 30 من يونيو، ضد جماعة الإخوان التي كانت تعبث بالبلاد وتسير على نهج النظام الذي سبقها للسيطرة على ثروات البلاد واحتكارها لرجالها.

وعلى الرغم من قيام الثورات المناهضة للفساد إلا أنه ما زال منتشرًا في جميع مؤسسات الدولة، حيث تشير التقديرات إلى أن معدلات الفساد في ازدياد مستمر، خاصة بعد ثورة 25 يناير.

200 مليار جنيه تقديرات المركزي للمحاسبات لحجم الفساد في 2014

قدر رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة، حجم الفساد في مصر خلال العام الماضي 2014، بنحو 200 مليار جنيه، أي ما يعادل 25.5 مليار دولار.
 
وتشير تقارير المراكز الحقوقية، ومنها "مبادرة ويكي فساد" إلى أن حجم الفساد خلال شهر يونيو الماضي يقدر بـ3.4 مليارات جنيه، ويقدر حجم الفساد خلال شهر مايو الماضي 3.2 مليارات جنيه، ليصل حجم الفساد خلال الشهرين الماضيين إلى 6.6 مليارات جنيه، أي ما يعادل نحو 770 مليون دولار أمريكي.

"السيسي" وإعلان الحرب ضد الفساد

تعهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في كلمة وجهها للشعب في مايو الماضي، بمكافحة الفساد، وإصداره تعليمات مشددة لمسؤولي الحكومة بضرورة مواجهته، والتي قال خلالها نصًا: "نواجه الفساد بإرادة سياسية حقيقية وقوية"، مؤكدًا على مفهوم "مكافحة الفساد".

وأكد السيسي، خلال كلمته أنه يتابع بدقة تعديل قوانين الأجهزة الرقابية التي تسهل القضاء على الفساد بأجهزة الدولة، مشيراً إلى أن الحكومة لم تبدأ من الصفر وتعمل بنتائج جيدة.

وقال السيسي: "نواجه الفساد بإرادة سياسية حقيقية وقوية، ونعمل على عدم التدخل في عمل الأجهزة الرقابية، إلى جانب مواجهة الفساد بخطة عمل جديدة".

البداية بالقبض على وزير الزراعة في قضية فساد كبري

كانت كلمة الرئيس السيسي، تعتبر إشارة منه لبدء دق طبول الحرب ضد الفساد، والتي بدأ فعليًا تنفيذها بالكشف عن أكبر القضايا المتعلقة به، حيث رُفع في بداية الشهر الماضي الستارعن قضية فساد كبرى، والقبض على وزير الزراعة السابق صلاح هلال، فور قبول استقالته بعد توجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي، والتحقيق معه هو ومجموعة من قيادات الوزارة.

وتم حبس الوزير في قضية عرفت باسم  "فساد وزارة الزراعة" والتي تضمنت حصول مسؤولي الوزارة لرشاوى عينية، وطلب عقارات من المتهم أيمن الجميل، رجل أعمال، مقابل تقنين مساحة أرض 2500 فدان في وادي النطرون.

وتتعدد الأسباب وراء ارتفاع معدل الفساد خلال السنوات الأخيرة، حيث أكد خبراء ومحللين على عدم وجود أي محاولات جادة من الدولة للقضاء عليه، بالإضافة إلى وجود شبكة كبرى تعمل على استمراره، لافتين إلى أن القضاء عليه بات مستحيلاً.

أنظمة ما بعد ثورة يناير حولت الفساد إلى "منظومة"

من جهته أكد الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن أنظمة ما بعد ثورة 25 يناير لم تبذل من جهتها أي محاولات جادة للقضاء على الفساد، لافتا إلى أنه تحول إلى "منظومة"، وأن ما يحدث في مصر الآن هو محاولات لإدارة الدولة بالفساد.

وأضاف نافعة، أن هناك شبكة مصالح فاسدة مرتبطة ببعضها البعض، مشددًا على ضرورة كشف هذه الشبكة وتحديدها برمتها، ومنوهًا إلى وجود معركة كبرى مع هذه الشبكة التي تعمل على الفساد وأن لا أحد يستطيع الاقتراب من هذه الدائرة، متابعًا: "من يقترب منها يتراجع .. وهو لغز كبير!!".

ولفت إلى أن الرئيس السيسي، خلال فترة توليه رئاسة الجمهورية لم تصدر عنه أي محاولات للقضاء على الفساد، كما أعلن مُسبقاً في مايو الماضي بالتعاون مع الأجهزة الرقايبة للقضاء عليه، مشيرًا إلى أن ما حدث بشأن صلاح هلال، وزير الزراعة السابق والقبض عليه لاتهامه بالفساد وتقاضي رشوة مجرد "فرقعة إعلامية".

وتابع: "كان يوجد 7 وزراء متهمين بنفس القضية وعدد منهم عاد مرة أخرى في تشكيل الحكومة.. فلم يحدث افصاح عن الحقيقة"، معبرًا عن اندهاشة الشديد بأن تنحصر الاتهمات الموجهة إلى وزير الزراعة في تلقيه رشوة ملابس أو حتى حصوله على رحلات حج، مستكملاً: "لم يكن ما قيل مقنعًا عن ما ورد عن قضية فساد كبرى".

واستدل على أن النظام الحالي لا يسعى للقضاء على الفساد، بأن الجهاز المركزي للمحاسبات أصبح محاصرًا وغير قادر على ممارسة مهامه، بعد أن أصبح للرئيس السيسي حق تعيين رؤساء الأجهزة الرقابية والمستقلة.

وأوضح نافعة، أن ذلك أدى إلى جعل المركزي للمحاسبات والأجهزة الرقابية تحت سيطرة السلطة التنفيذية، مؤكدًا أن ذلك بمثابة خطوة لـ"وأد" أي محاولة للقضاء على الفساد.

الدولة تتسبب في انتشار الفساد والحل في يدها

فيما اتهم الدكتور معتز بالله عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، النظام الحالي بالدولة بالتسبب في انتشار الفساد خلال الفترة الأخيرة، موضحًا أن الدولة دائماً ما تفترض في مواطنيها أنهم مجرمُون مُحتملون حتي يثبت العكس، وأن النظام يعقد الإجراءات على المواطنين لهذا السبب. 

وأضاف عبد الفتاح، أن تعقيدات النظام ومسئوليه دائمًا ما تنهي الحال بالمواطنين بالإضطرار إلى الإلتفاف على اللوائح والتصريحات، مما يؤدي في النهاية إلى اتهامهم بالفساد، مؤكدًا أن تبسيط الإجراءات وكذلك القيود الغير ضرورية سيصبحوا كفيلين بالقضاء على نسبة كبيرة من الفساد.

وتابع: "القضاء على الفساد في يد الدولة كمجموعة وليس شخص بعينه، بأن تُنهي كل هذه التعقيدات حتي يتم القضاء على نسبه كبيرة منه في مؤسساتها".

لا يمكن القضاء عليه نهائياً .. ولكن

من جانبه استبعد الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إمكانية القضاء على الفساد بشكل كامل، لافتا إلى أنه من الممكن التقليل منه فقط وليس القضاء عليه.

وأضاف ربيع، أن التقليل من الفساد يكون عن طريق الأجهزة الرقابية وتنفيذ القانون، قائلاً: "القضاء على الفساد لا يمكن أن يحدث بسبب ارتفاع الأسعار.. وإذا استمر الوضع بعدم تناسب الدخل مع ارتفاع الأسعار لا يمكن الحد من الفساد".