بوابة الفجر

المصير "المجهول" للإرهابيين "المصريين" فى "جبهة النُصرة"

عناصر جبهة النصرة
عناصر "جبهة النصرة" الإرهابية - أرشيفية

بين العمليات العسكرية التركية.. و"غيبوبة" الجولانى و"غضب" الظواهرى

■ تسريبات غربية عن تحرك أمنى مصرى لاصطياد مقاتلين بـ"النُصرة" على اتصال بسيناء


أصبحت هيئة تحرير الشام - جبهة النصرة سابقاً- فى صدارة المشهد الإرهابى الدولى، بمجرد الإعلان الروسى عن استهداف وإصابة زعيمها أبو محمد الجولانى، فى غارة روسية فى إدلب  بسوريا.

ورغم محاولات"هيئة تحرير الشام" نفى الإعلان الروسى عن إصابة الجولانى، وإصدارها لبيان رسمى تؤكد  فيه أنه "بصحة جيدة ويمارس مهامه بالكامل"، إلا أن المعلومات الروسية كانت محددة.. الغارة أسفرت عن مقتل 12 قيادياً ميدانياً من قيادات هيئة تحرير الشام.. والجولانى أصيب إصابة بالغة أسفرت عن تعرضه لبتر فى يديه، ثم دخل فى غيبوبة، تنذر باحتمال فقد الفرع الأكبر والأخطر للقاعدة فى المنطقة، لقائده قريباً. 

  إصابة الجولانى جاءت فى ظل أزمة داخلية عاصفة داخل صفوف الهيئة، شهدت انشقاق عدد من الفصائل الجهادية  المنضوية تحت لوائها ومنها "حركة نور الدين زنكى"، و"كتائب ابن تيمية"، و"جيش الأحرار" عن حركة أحرار الشام، وقد تم الإعلان قبل ساعات عن تأسيس تنظيم جديد باسم "أنصار الفرقان فى بلاد الشام" يضم عناصر متشددة من "المهاجرين والأنصار" فى "هيئة تحرير الشام"، علاة علي صراعات تنظيمية وإعلامية ضارية بين قيادات الصف الأول، وانشقاق اثنين من قيادات الهيئة البارزين هما السعوديان عبدالله المحيسنى، ومصلح العليانى.

وهى الخلافات الداخلية التى تم الربط بينها وبين الظهور الأخير لحمزة بن لادن نجل زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن فى تسجيل صوتى جديد بعنوان "محنة الشام.. محنة الإسلام"، وفهم منه تدخل نجل مؤسس القاعدة، وواجهتها الشابة مؤخراً، لحل الخلاف الذى وقع بين "الجولانى" وشرعيى الهيئة "المحيسنى"، و"العليانى"، فيما دعا الجولانى وقادته العسكريون إلى الإصغاء لدعوات من وصفهم بمشايخ الجهاد.

غير أن ظهوراً لاحقاً أخير لزعيم القاعدة أيمن الظواهرى بنفسه، كان السبب أيضاً فى اعتبار أن فرع القاعدة السورى الأهم فى المنطقة، وقائده أبومحمد الجولانى يعيشان أزمة حقيقية بعد تدهور علاقتهما بالظواهرى والقيادة المركزية، حيث كشف تسجيل صوتى أخير قبل أيام لزعيم القاعدة، ونشرته "مؤسسة السحاب" التابعة للتنظيم، بعنوان "سنقاتلكم حتى لا تكون فتنة بإذن الله"، وشدد فيها على أن بيعته "عقد شرعى ملزم ويحرم نكثه"، مضيفاً "نحن نوفى ببيعتنا، ولا نقيل ولا نستقيل".

ما حدث تم التعامل معه على أنه هجوم وجهه الظواهرى ضد الجولانى الذى فضل "فك الارتباط" مسبقاً بين جبهة النصرة والقاعدة، وأعلن عن ذلك رسمياً يوليو 2016، انحيازا لمصالح سياسية فى الداخل السورى.

لم يفت الظواهرى أيضاً توجيه اللوم والتوبيخ للجولانى متهما إياه بالفشل وطالبه بـ"الإصلاح الذاتى"، فيما يرى العديد من الخبراء والمتخصصين أن الخلاف الحقيقى بين الظواهرى والجولانى هو فى الأساس خلاف يتعلق  بالمال والسلاح،الذى يصل لتنظيم الجولانى ويتصرف فيه بعيداعن سلطة القاعدة المركزية.

بالتزامن مع ذلك بدأت عمليات عسكرية تركية أيضاً بالاشتراك مع الجيش السورى الحر، فى إدلب معقل (هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة) ضد تنظيم الجولانى الذى أصبح فى موقف لا يحسد عليه.

وفى ظل واقع صعب تعيشه "هيئة تحرير الشام" الآن، التنظيم القاعدى الأهم والأخطر فى المنطقة، فإن علامات استفهام  بالجملة تفرض نفسها الآن بشأن مستقبل العدد المتبقى من نحو 600 مقاتل وقيادى مصرى انضموا إلى جبهة النصرة، بالمقارنة بنحو 1000على الأقل انضموا إلى داعش فى سوريا.

فطالما كان المصريون رقماً مهماً فى نفوذ "جبهة النصرة"، ثم نسخها التنظيمية المتلاحقة فى سوريا "فتح الشام" ثم "هيئة تحرير الشام"، كما كانوا أيضاً أداة هامة لتنفيذ خطط تنظيم القاعدة المركزى فى سوريا.

ففى الظهور الإعلامى الأول لأبو محمد الجولانى، ظهر معه جنباً إلى جنب،"شريك اللقطة"، محمد عبدالسلام فرج (أبو الفرج المصري) قيادى تنظيم الجهاد الشهير والذراع اليمنى لأيمن الظواهرى وصديق عمره، كأحد قيادات القاعدة البارزين فى سوريا، الذى سيتم الكشف عن دوره الخطر لاحقاً، إضافة إلى رفاعى طه (أبو ياسر المصري) وأبو الخير المصرى، وقد استخدموا جميعاً تأثيرهم كقيادات جهادية تاريخية تستخدم  نفوذها الروحى والتاريخى وعلاقاتها فى المنطقة لتوحيد التنظيمات الجهادية فى سوريا تحت راية القاعدة، وقد استهدفتهم الغارات الأمريكية واصطادتهم للحيلولة دون تنفيذ مخططهم لصالح ترسيخ نفوذ القاعدة والظواهرى فى سوريا.

 وكانت ثمة تساؤلات ظهرت وقتها، حول حدود الدور المصرى، فى استهداف واصطياد العناصر والقيادات المصرية الإرهابية  فى سوريا، للتخلص منهم فى المنبع وقطع الطريق عليهم للعودة إلى مصر لمحاولة اشعال الداخل المصرى بالعنف والإرهاب، وتساءل أحمد كامل البحيرى، الباحث فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن كانت مصر قد أرسلت قوات نخبة خاصة محدودة لسوريا، ليس بهدف مساندة النظام السورى، ولكن لاصطياد القيادات المصرية فى التنظيمات الإرهابية الموجودة بسوريا، وفقاً لتحليلات وتسريبات غربية قريبة من دوائر استخباراتية فى دولها.. أم أن ذلك غير صحيح ؟! 

وكان البحيرى أشار أيضاً فى وقت سابق إلى إحصائية منسوبة لمراكز أبحاث غربية، تفيد بمقتل حوالى 15 من العناصر الإرهابية المصرية خلال ثلاثة أشهر فقط فى سوريا، مطلع العام الحالى، نتيجة  تبادل معلومات استخباراتية بين الجانب المصرى والسورى والروسى أيضاً، وإن لم تحسم بشكل قاطع الجهة التى نفذت تلك العمليات على الأرض.

والآن، وقبل أيام أيضاً نشرت مواقع غربية لها صلاتها الاستخباراتية المعروفة، معلومات بشأن اتصالات تقول أنها مؤكدة تم رصدها بين قيادات وعناصر مصرية شديدة الخطورة فى"هيئة تحرير الشام" وعناصر إرهابية فى سيناء، وأن ذلك دعا الأجهزة الأمنية فى القاهرة إلى التحرك مجددًا وسريعًا للتنسيق مع قوى دولية وإقليمية بالمنطقة بحثًا عن معلومات تقود إلى اصطياد هؤلاء.

وفيما تبقى كل السيناريوهات مفتوحة عند دراسة مصير العناصر والكوادر المصرية فى هيئة تحرير الشام/النصرة سابقاً.. بما فيها الانضمام إلى تنظيمات قاعدية أخرى فى المنطقة، أو اللجوء إلى الصحراء الشاسعة بين دير الزور السورية والقائم العراقية، لكن يبقى خيار العودة إلى مصر هو السيناريو الأكثر خطورة بالقطع لهؤلاء.. بكل خبرتهم القتالية الدموية.. وصلاتهم الإرهابية الإقليمية.. ومخططاتهم التى لا تنتهى.