بوابة الفجر

نص تقرير لجنة تقصى الحقائق يكشف السيناريو الحقيقى وراء احداث هروب المساجين


كشف تقرير لجنة تقصى الحقائق، أن اللجنة قد انتقلت إلى سجن المرج برئاسة المستشار عادل قورة بصحبة العقيد محمودإسماعيل، وسجلت إجابة العقيد إيهاب محمد عبدالفتاح مأمور سجن المرج سابقا، وضابط بإدارة الترحيلات بقطاع السجون حاليا، وقال إن السجن به 4 عنابر، و8 غرف، مودع بها 540 سجينا، فضلا عن 22 مسجونا من المنتمين لحزب الله و2 من حماس، وأضاف أنه فى يوم السبت المشئوم أذاع التليفزيون نبأ هروب المساجين من سجن الفيوم وأبو زعبل، وعقب ذلك حدثت اضطرابات جسيمة داخل العنابر، وبدأ المساجين فى العنابر الأربعة فى إتلاف الأبواب الخاصة بالغرف والأبواب الداخلية، وفى ذات الوقت بدأ الهجوم على السجن بمدافع الجرينوف والأسلحة الآلية، وأطلق المجندون بأبراج السجن إطلاق النار على المهاجمين، وبعد نفاد الذخيرة من قوة التأمين، فوجئنا بكسر أبواب السجن الأمامية، ودخول مجموعات من المسلحين، حيث توجهوا إلى العنبر المودع فيه خلية حزب الله، وقاموا وفقا لما أسفرت عنه المعاينة عقب ذلك، بإتلاف البوابة الرئيسية للعنبر، وكسر السياج الحديدى، فضلا عن قيام المساجين من الخلية بثقب جدار السجن من الجهة اليسرى، والهروب إلى الفناء الخارجى، ومنه إلى الخارج، وعقب ذلك قامت مجموعات أخرى بالفرار خارج السجن، كون السجن محاطا بأحياء سكنية .

وقال المقدم احمد كمال أحمد قائد سرية التأمين بالسجن، أنه قام بتدعيم الأبراج الخاصة بأعداد إضافية من المجندين، وكميات من الأسلحة والذخيرة ولكن أثر ما أذيع فى التليفزيون كان أقوى من أى شىء، وتم التعامل مع حالة هياج المساجين، بإطلاق القنابل المسيلة للدموع وأعيرة الخرطوش للسيطرة على المساجين، واستمر ذلك حتى يوم السبت، وأنه اتصل بقوات الأمن المركزى لنجدته وتعزيز الأمن بالسجن، حتى ظهيرة يوم 30 يناير، وعقب نفاد الذخيرة من المجندين فى الأبراج، حضرت مجموعات وفتحت أبواب السجن، وعمدوا إلى تهريب مساجين حزب الله وتهريب باقى المساجين، وهروب 2 من حماس.

وقد كشفت معاينة سجن المرج، عن وجود ثقب كبير فى جدار العنبر المودع فيه أعضاء خلية حزب الله، وكسر الباب الأمامى والأيسر الجانبى الخاص بالتريض.

كما أسفرت المعاينة عن وجود آثار تلفيات فى أبواب العنابر (أ،ب،ج) وكسر أنبوب المياه الموجود داخل الغرف، وتبين عدم وجود أى آثار لإطلاق النار على السور الخارجى للسجن، أو على فروع الأشجار المحيطة.


سجون أبوزعبل

وقد بدأت لجنة تقصى الحقائق بسؤال الدكتور محمد عبدالغفار فى منزله المواجه للسور الشرقى للسجن، والذى يعمل طبيبا بالسجن منذ عام 1967، حيث فجر مفاجأة أنه فوجئ بضابطين يطرقان الباب عليه، ويطلبان الاختباء عنده بعدما سمعا أصوات طلقات نارية، وحدوث هجوم على السجن، وذلك خوفا من قتلهما، وقام بإدخالهما إلى الطابق الثانى فى المنزل، وفى الساعة الثانية عشرة تقريبا، سمع طرقا على باب منزله فى الدور الثانى، فنظر من خلال فتحة بالباب، فإذا به يرى أشخاصا ملثمين ومرتدين جلابيب بيضاء، وعلى رأسهم عقالات إلا أنه لم يحرك لسانه بكلمة واحدة، وهرع إلى داخل منزلة، حيث كان يقيم مع زوجته وابنته وأحفاده، واتجهت ابنته صوب الباب وأخبرت من يقف أمامه من الناحية المقابلة بأنها وحدها وتتوسل إليهم ألا يؤذوها، فأسرع من كانوا يطرقون الباب بالصعود مجموعات إلى أعلى سطح المنزل المواجه للسور الشرقى لسجن أبو زعبل، وأخذوا يطلقون النار بأسلحتهم الآلية وأسلحة الجرينوف صوب أبراج السجن المقامة على السور الشرقى.

وأضاف أنه لم يشاهد المهاجمين، لأنه وأسرته كانوا فى حاله من الرعب لم تسمح لهم بالتحقق من شخصيتهم، وسمع من الجيران أن المهاجمين من العرب وبعض السيدات منتقبات كن يناولنهم الذخيرة، وأولئك جميعا يقولون ادعوا لحماس على حد قولهم، وأفادنا بأن إطلاق الرصاص كان من أعلى سطح منزله صوب السور الشرقى للسجن، واستمر من الساعة 12 حتى الساعة الخامسة مساء.

وقال العميد كمال الموجى رئيس مباحث قطاع السجون، إن أحداث السجون ترجع إلى سببين، أولهما تعرض السجون لاعتداءات وهجمات خارجية مسلحة، وتشترك هذه السجون فى أن نزلاءها من المحكوم عليهم والمعتقلين من حركة حماس، والمحكوم عليهم بعقوبات تصل إلى السجن المؤبد من منطقة سيناء، وثانيهما هو حدوث اضطرابات داخلية بين المسجونين، ومع الهجوم الخارجى لم تتمكن القوات من تامين السجن.

أما اللواء شوقى محمود الشاذلى مدير الإدارة العامة لسجون المنطقة المركزية، فقال إن الهياج بالسجن بدا فى الحادية عشرة والنصف، وبدأ من عنبر رقم 1 بقسم أول السجن وهرب من ذلك العنبر نحو 150سجينا، وكان ذلك وقت زيارة السجناء، وانطلقوا ناحية السجن وأصابوا النقيب عبدالله صقر، وقامت قوات الشرطة بإطلاق النار فى الهواء ،ولم يستجيب السجناء، وفى الساعة الواحدة والنصف ظهرا أطلق رصاص بكثافة صوب سور وأبراج السجن من الناحية الشرقية، وقد فوجئنا بوصول مجموعات من العرب يستقلون أكثر من 15 سيارة محملة بالأسلحة الثقيلة والأوتوماتيكية، وأطلقوا النار بكثافة على السجن.

وأضاف أن منطقة سجن أبوزعبل، تقع فى منطقة تقيم على مقربة منها قبائل عربية، مثل عرب الزهار وعرب العيايدة وعرب بلى والصفراء، وأن هؤلاء تربطهم علاقات ببدو سيناء، ومن الممكن أن تتم الاستعانة ببعض هؤلاء الأعراب فى الهجوم، إضافة لتمكن سجناء من استخدام طفايات الحريق فى إحداث ثقوب فى الجدارين مكنتهم من الهرب.

وأضاف أنه قام بتعزيز مجندى الأبراج، التى يصل عددها إلى 23 برجا، بجنود آخرين وأسلحة، وتم التعامل مع المقتحمين الذين اعتلوا بعض أسطح المنازل، وعندما استعان بالجيش والمدرعات الأربعة التى وصلت السجن، رفض قائدهم التعامل مع المسلحين، لعدم وجود أوامر بتبادل لإطلاق النار.

وأضاف أنه أجرى عدة اتصالات بقوات السجن من مصلحة السجون، ومديرية الأمن والأمن المركزى، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، إلا أنه لم يستجب احد، وفى الوقت ذاته، بدا السجناء بالهياج، وقد نفدت الذخيرة وبقى عدد من الضباط معهم، وعندما لم يجدوا اى وسيلة لحمايتهم غادروا السجن.

وقرر اللواء شوقى انه تم تشكيل لجنه لجرد التلفيات، وتوصلت إلى أنها بلغت نحو 40 مليون جنيه، بواقع 17840994جنية مصرى و16546989بصندوق التصنيع ومبلغ 123523 دولار و1124 فرنك و4832 يورو.

كما تم التحفظ على فوارغ الطلقات، الأول أخضر اللون زيتى مكتوب عليه ما يفيد صنعه عام 75 -74، والثانى اكبر حجما نحاسى اللون مدون عليه أنه صناعة مصرية، وقرر الحاضرون من ضباط الشرطة أن النوع الأول يستخدم فى الأسلحة الآلية، وهى طلقات ليست مصرية، ولا تستخدم فى مصر سواء فى الجيش أو الشرطة، وقد تبين احتراق جميع المصانع والمخابز بسجن أبوزعبل، بالإضافة إلى عدد من السيارات التى كانت موجودة آنذاك.

أما العقيد مجدى موسى مأمور سجن أبو زعبل، فقال إن اقتحام السجن كان من الجهتين الشرقية والجنوبية، من خلال 3 لوادر وتحت إطلاق النار بكثافة على السجن، وقد استشهد المجندان رضا عاشور ومحمود إبراهيم وأحمد جابر عاشور، وأصيب 9 مجندين بإصابات متنوعة، وقرر أنه ليس لديه حصر بأعداد السجناء المتوفين.

سجون طرة

كما انتقل فريق التحقيق إلى منطقة سجون طرة يوم 31 مارس 2011، بصحبة العقيد محمود إسماعيل، وتم اللقاء مع العميد أيمن السيسى مأمور سجن القاهرة، وقرر الأخير أن السجن يودع فيه 2773 ومكون من 226 غرفة، وتم تغيير النظام الأمنى بالسجن، وأنه فوجئ بحالات هياج داخل السجن وتم التعامل مع المساجين من خلال ميكروفون المسجد، وقام المساجين بمحاولة الهرب، وتم التعامل مع الحدث بعدما تم تدمير بعض الأبواب ومحاولة الهرب، وتم إطلاق النار على الذين حاولوا الهرب، وأسفرت الأحداث عن وفاة 11 سجينا، وإصابة 20 آخرين، وكانت أغلب حالات الوفاة بجوار السور.

ليمان المزرعة

وسألت اللجنة العميد مخلوف حسين مخلوف مأمور سجن ليمان المزرعة، حيث قرر أن السجن يضم 1800 مسجون جنائى وسياسى، وانه فوجئ ببعض المواطنين يحاولون اقتحام أسوار السجن من الخارج، وقد استنجد بالقوات المسلحة، وتم التامين من الخارج، وتبين اشتعال النيران فى المسجد، وتمت السيطرة على الحريق، وأضاف أنه لم يقتل إلا سجين واحد حاول الهرب.

أما سجن عنبر الزراعة والاستقبال وشديد الحراسة بطرة، فتم السيطرة على حاله الهياج التى حدثت بهم.

القطا الجديد

كما انتقل فريق التحقيق يوم 29 يناير إلى السجن للوقوف على حقيقة ما وقع فيه، وكان القائم على حراسته القوات المسلحة، وتأكد للجنة أن هناك حالة انفلات أمنى لم يسبق لها مثيل فى ذلك السجن، وعدم السيطرة الأمنية بداخله، وتراخيا من جانب ضباط السجن، وأخذ السجناء بالصياح مطالبين بالدخول داخل أعماق السجن، للوقوف على حقيقة إطلاق الرصاص الحى على المساجين من جانب الأبراج، مؤكدين أنهم تعرضوا لمجزرة خلفت وراءها الكثير من القتلى والجرحى، وقد لاحظت اللجنة انتشار آثار إطلاق الرصاص الحى والخرطوش بداخل الزنازين والعنابر بشكل مكثف للغاية، الأمر الذى يضع علامات الاستفهام حول أسباب إطلاق الرصاص المتعمد على السجناء بداخل العنابر، وقد لوحظ أيضا آثار لإطلاق الرصاص الحى والخرطوش على جدران مبنى مستشفى السجن من الخارج، وعلى حوائطه بالداخل،كما رأت اللجنة كثيرا من المصابين من السجناء بالرصاص الحى، وتم توثيق الإصابات بالصور، وقد عمت حالة الفوضى لدى الحديث مع السجناء، فالكل يتسابق للإدلاء بشهادته عما حدث داخل السجن أيام الثورة، وقال ممثل عن السجناء إنه وقعت مشادة كلامية بين أحد السجناء بعنبر التحقيق، وحارس العنبر الذى سب السجين بأمه، ثم هرع إلى الخارج خوفا من إيذاء السجناء، وعزم المئات منهم للخروج بحجة أن الأحكام الصادرة ضدهم فاسدة ومفبركة من ضباط مباحث فاسدين، ولكن لأن السجن منيع لم يتمكن أحدا من الهرب، وقد دعا الأمر إلى استدعاء اللواء محمد البطران حتى يقوم بتهدئة الأوضاع بداخل السجن، وفور حضور البطران يوم السبت وهم يتوقون فيه وينزلون على اوامرة دائم، واجتمع مع المقدم سيد جلال والسجناء لتهدئتهم وبدا العنبر «د»، الأشد تذمرا، وبعدها طلبه سجناء عنبر «أ»، وذهب إليهم، فإذا بهم يطلبون منه الهرب أسوة بما حدث فى سجن الفيوم، فأخبرهم بأن هناك شائعة بذلك، وصاح السجناء وكبروا مثلما يحدث فى التحرير ورددوا «الشعب يريد إسقاط النظام»، وتدخل العقيد البسراطى للسيطرة على السجناء، إلا إن اللواء محمد البطران منعه، وأمره بالذهاب إلى مكتبه، وحدثت مشادة بينهما لأن البسراطى من أكثر الضباط الذين يمقتهم السجناء، نظرا لسوء معاملته لهم، وعندما هم البطران بالخروج من بوابة السجن المطلة على حوش العنابر، خرج على أثره مجموعة كبيرة من السجناء فأمر العقيد عصام البسراطى، الرائد جهاد حلاوة بإطلاق النار على الجميع، فسقط اللواء محمد البطران على الأرض مصابا بطلق نارى، وقتل معه مجموعه من السجناء، وأصيب آخرون بإصابات بالغة الخطورة.

شهادات الضباط

قال اللواء طارق أنور وكيل الإدارة العامة لسجون المنطقة المركزية، والمشرف على سجن القطا، إن السجناء بدأوا فى تكسير الأبواب حيث بدأ الصياح فى عنبر رقم 4، وامتد إلى عنبر رقم 1، وبدأ يتزايد عدد الثائرين، وكانت طلباتهم المساوة مع من هربوا، ونظرا لقلة عدد الضباط، بدا جميعهم فى الانسحاب نحو الأسوار، وغلق باب العنبر، وحاول بعض الضباط المحبوبين التفاوض مع السجناء، وكان منهم المقدم سيد جلال رئيس مباحث السجون، واللواء محمد البطران، وقام السجناء المتعاونين بإخراجهم من العنابر، خوفا عليهم، وكان الوضع آنذاك غير مستقر، حيث كانت جميع أبواب الزنازين مفتوحة، وأصبحت المواجهة بين 5 آلاف سجين، وبين عدد من الضباط لا يتعدى الـ5، وبدأ الضباط والجنود فى اعتلاء الأبراج، وإطلاق الرصاص والقنابل المسيلة للدموع، لوقف الهياج، وشاهد الضباط خروج اللواء البطران وجلال وخلفهما أكثر من ألف وخمسمائة سجين، فتم إطلاق النار على السجناء لمنعهم من الهروب، وأصيب عدد من المساجين، وتوفى البطران متأثرا بجراحة، وأن حراسة أحد الأبراج هى التى أطلقت النار على البطران.

أما العميد عادل عثمان مأمور سجن القطا منذ عام 2006 حتى 20 فبراير 2011 فقال إنه من الإنجاز أن يتم منع هروب 5 آلاف سجين، وأن وفاة 27 مسجونا فقط يدل على عدم إطلاق الرصاص عشوائيا، بل كان يستهدف من يحاول الهرب من الباب الخارجى، وأن دخول البطران إلى العنابر كان اندفاعا منه لاحتواء الموقف والتفاوض مع السجناء.

وقال المقدم سيد جلال رئيس مباحث سجن القطا، إن حالة الهياج بدأت فى عنبر «د»، بعدها طلب سجناء عنبر «ب»، أن يهربوا، ولم يتم التوصل مع السجناء لحل لمنعهم من الهرب، وتبلغ للبطران أن السجناء يريدون أن يهربوا، وخرج البطران من العنبر، وخرج خلفى والبطران أكثر من ألف سجين، ولم يستطع أحد إغلاق الباب، وكان بينهم وبين بوابة السجن الخارجية مسافة لا تزيد على 50 مترا، وأطلقت الأبراج الرصاص لمنع السجناء من الهرب فأصيب البعض، بينما توفى اللواء محمد البطران.

وأضاف سيد جلال أنه لا صحة من تعمد إطلاق الرصاص على البطران، وأن العميد عصام البسراطى لم يكن موجودا حينئذ، وأن الرواية ترجع لعدم محبة السجناء للبسراطى وللرائد جهاد حلاوة، وأرجع ثورة السجناء إلى أن بعضهم يظن بتنحى الرئيس تسقط الأحكام، ونظرا لأن السجناء بالسجن من شدة الخطورة الإجرامية، فقد كانت السيطرة عليهم صعبه جدا، خاصة أنه تم اختطاف ضابط بداخل العنبر، وتم إطلاق سراحه بأعجوبة بعد ذلك.

وقال الرائد جهاد حلاوة رئيس مباحث سجن التأهيل بالقطا للجنة تقصى الحقائق إنه عمل بالسجن لمدة 4 سنوات وأن الضباط كانوا موجودين بالسجن يوم السبت نظرا لخطورته، وقد بدأ السجناء بوضع سلم يمكنهم من الصعود على السور والهرب وتم إطلاق النار فى الهواء ولكنهم لم يمتثلوا وبدأوا فى الهرب بالفعل، وكان لابد من إطلاق النار عليهم لمنع الهرب، وحضر اللواء بطران وحاول مع المقدم سيد تهدئتهم وفور خروجهم خرج خلفهم المساجين فى محاولة للهرب، فكان لابد من إطلاق الرصاص عليهم فأصيب المقدم سيد جلال واللواء البطران وتوفى الأخير. وأنه لا صحة للرواية التى يتناقلها البعض بأن البسراطى أصدر أوامره بإطلاق الرصاص على البطران إذ إن البسراطى لم يكن موجودا.

وأضاف انه لولا إطلاق الرصاص الحى لكان السجناء قد هربوا، وأن السجناء قد اختطفوا العميد طبيب محسن موريس، وحاول أحد السجناء الاعتداء عليه ولكن الطبيب يرفض الإقرار لما تعرض له من المساجين حتى لا يذكر الإهانات التى تعرض لها.

الشهود

قال الشاهد أحمد حسن خليفة، سجين، إن السجناء شاهدوا الثورة بالتليفزيون، وشبت مشادات بينهم، وازدادت الأمور سخونة، وأطلقت إدارة السجن قنابل مسيلة للدموع، وتوفى اللواء البطران، ومنذ وفاته أصبح الضباط خارج السجن.

أما عن الوضع الداخلى للسجناء فالسجناء يقومون بالتعارك مع بعضهم البعض لتصفية خلافاتهم السابقة وكل غرفة تقوم بتدبير احتياجاتها من الطعام والشراب، وهناك أسلحة بيضاء مع السجناء وقد قتل ضباط السجن العديد من المساجين مما يصعب أن يقوموا بالإشراف على السجن، وأن من قام بنقل البطران هم السجناء أنفسهم.

وقال محمد حسن السيد، سجين، إن الضباط أطلقوا الرصاص الحى على السجناء فور تجمعهم عند الباب، ووقع قتلى وأصيب العديد بالرصاص، وقال: «عن نفسى قمت بنقل 8 جثث من زملائى الذين قتلوا فى الأحداث، وأن الوضع فى السجن سيئ للغاية، ولا توجد أغذية أو مياه أو كهرباء وهناك حالة خوف بين الضباط والسجناء».

وقال محمد عصام إن السجناء هاجوا نتيجة المظاهرات فى الشوارع، ونظرا لوجود السجن وسط المزارع، فقد شهد السجن هجوما من الخارج، وتدخل الجيش وأصحاب المزارع لمنع اقتحام السجن، نظرا لأن الأهالى كونهم أعرابا وأعرافهم تمنع التعدى على منطقة كل منهم، ولهم مصلحة فى حماية السجن.

واستمعت اللجنة إلى شهادات القاطنين بجوار سجن القطا، وقال فرج زكى المرتاح، إنه من أصحاب المزارع بجوار السجن، حيث قال إن بعض العرب حضروا إلى السجن، وحاولوا المرور نحو السجن بسياراتهم المحملة بالأسلحة، ولكنهم منعوهم من المرور، معتمدا على القواعد العرفية للعرب والبدو.

وقال عجمى عبدالعزيز محمد العجمى، إنه ينتمى إلى قرية القطا، وقام بمنع دخول سيارات محملة بالأسلحة، وساعده فى ذلك جميع القاطنين بجوار السجن، وبينهم أحمد عبدالنبى احمد إبراهيم وأخريين، وقد وقفوا فى وجه هؤلاء بالسلاح، وأضاف إن الأهالى منعوا كارثة اقتحام سجن القطا، ووقفوا فى مواجهه البدو والعرب ومنعوا اقتحامه.

وقالت اللجنة فى نهاية تصورها، إن هناك اتجاهين للتصور الأمنى داخل السجون يدخل فى نطاق ما حدث من انهيار فى أداء الشرطة فى جميع القطاعات، ورغبة فى ترويع المواطنين، ويستند هذا التصور على الحصول على شرائط فيديو اطلعت عليها اللجنة، تفيد بوجود مجموعة من الأشخاص يرتدون زيا أسود اللون متشابه الشكل يماثل الزى، الذى يرتديه أفراد الأمن المركزى، ويقومون بفتح أبواب السجون، وغرف العنابر لأحد مراكز مديرية امن الفيوم، ويطلبون من السجناء سرعة الخروج والعودة إلى منازلهم، وأيضا شهادة عدد من المساجين فى سجن وادى النطرون وسجن طرة، من أن إدارة السجن قطعت المياه والكهرباء عنهم قبل تمرد المساجين، ويعطى المبرر لاصطناع الاضطرابات ،بالإضافة إلى شهادات سجناء لم يهربوا، تفيد بأن الشرطة أطلقت الأعيرة النارية والقنابل المسيلة للدموع فى اتجاه العنابر، بالرغم من عدم وجود تمرد وتعمد إثارة المساجين.

أما التصور الثانى الذى ذهب إلى أنه فتم تهريب المساجين بعد اعتداءات مسلحة على السجون، وقد استند هذا الاتجاه إلى أن عدد السجون فى مصر41 سجنا، هرب السجناء من 11 سجنا فقط بنسبة 26%،هى أبو زعبل «4» ووادى النطرون «4» والمرج والفيوم وقنا، ولم يهرب مسجون واحد من سجون القاهرة طرة «4»، وسجن الاستئناف، وهى الأقرب إلى موقع الأحداث، وثبت من معاينة سجن أبوزعبل تعرضه لهجوم من الخارج.

وإزاء هذه التصورات، رأت اللجنة تعرض بعض السجون لهجمات شرسة خارجية، ويجب التوقف عند منطقة سجون وادى النطرون، إذ لم يثبت للجنة عند المعاينة وجود آثار إطلاق نار على هذه السجون، تنم عن حدوث اعتداء من خارج السجن، تعجز أمامه الشرطة عن المواجهة، ومن ثم لا يوجد مبرر مقنع لحدوث الانفلات الأمنى وهروب السجناء من سجون وادى النطرون، وإزاء ذلك فإن اللجنة ترى أن الأمر فى حاجة إلى مزيد من التحقيق القضائى، لتحديد المسئولية فى كل حالة من حالات الانفلات الأمنى داخل السجون.