الشيخ محمد رفعت " ڨيثارة السماء"
محمد رفعت ابن محمود، رفعت ابن محمد، رفعت جميعها أسماء مركبة فكل من اسمه واسم أبيه وجده، إنه محمد رفعت، قيثارة السماء، حيث ولد عام 1882 بدرب الأغوات بحي المغربلين بالقاهرة، إذ ترعرع في أسرة متوسطة الحال وكان ابيه "محمود رفعت" يعمل مأمورا بقسم الجمالية.
وكانت حياة الشيخ رفعت ثرية بالمواقف والقصص التي عاشها وتناقلها الناس والكتب عن حياته، حيث كانت البدايه فى الثانية من عمره أصيب الشيخ رفعت بمرض في عينيه، وما إن رأته إحدى السيدات حتى حسدته، إذ قالت لوالدته إنه يملك عين الملوك؛ نظرًا لجمال عينيه اللامعتين، وفى اليوم التالي استيقظ الطفل على صراخ شديد لشدة الألم في عينيه ليكُف بصره، ولم تكن النهايه بل كانت البدايه حيث قام والده بنذره لخدمه القران الكريم وتلاوته ليبدأ حفظ القران الكريم عن عمر خمس سنوات ليحفظ آيات القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، فأتم حفظ كتاب الله قبل سن العاشرة بكُتاب مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز في حي السيدة زينب.
وبدأ شيخه الشيخ محمد حميدة يرشحه لإحياء الليالي في الأماكن المجاورة القريبة. ودرس علم القراءات والتجويد لمدة عامين على الشيخ عبد الفتاح هنيدي صاحب أعلى سند في وقته ونال اجازته وبدأ ينتشر في الليالي لكن سرعان ماجائت الصدمه وهو في التاسعة من عمره فوجد الطفل اليتيم نفسه مسئولًا عن أسرته المؤلفة من والدته وخالته واخته واخيه «محرم» وأصبح عائلها الوحيد بعد أن كانت النية متجهة إلى الحاقه للدراسة في الأزهر، وبدأ يذهب للقري ويطلب بالاسم وبعدها صار يدعى لترتيل القرآن في الأقاليم ايضا في عمر الرابعه عشر.
*وفي عام ١٩٩٨ قد تزوج من الحاجة زينب من قرية الفرعونية بالمنوفية، ولديه أربعة أبناء أكبرهم محمد ثم احمد ثم بهيه وحسين
*ومن اهم المحطات في حياه الشيخ محمد رفعت افتتاح بث الإذاعة المصرية عام 1934م، بعد أن تم الحصول على فتوى من شيخ الأزهر آن ذاك الشيخ محمد الأحمدي الظواهري عن جواز إذاعة القرآن الكريم، فافتتحها رفعت بالآية الأولى من سورة الفتح "إنا فتحنا لك فتحا مبينا" وتحول بعدها صوت رفعت إلى عنوان وهوية، فقد كان صعوده وانتشار صوته جزءا من صعود مواهب وقامات ثقافية ارتبطت بثورة 1919، وكان جزءا من صعود شمل آخرين، منهم الشيخ سيد درويش، والنحات محمود مختار، والأدباء طه حسين وتوفيق الحكيم.
وقد تميز الشيخ محمد رفعت كان الشيخ محمد رفعت ذا صوت جميل ببصمة لا تتكرر، وأسلوب فريد ومميز في تلاوة القرآن، كان يتلو القرآن بتدبر وخشوع يجعل سامعه يعيش معاني القرآن الكريم ومواقفه بكل جوارحه لا بأذنه فقط، فكان يوصل رسالة القرآن ويؤثر بمستمعي تلاوته. كان يبدأ بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والبسملة والترتيل بهدوء وتحقيق، وبعدها يعلو صوته، فهو خفيض في بدايته ويصبح بعد وقت ليس بالطويل غالبًا «عاليًا» لكن رشيدًا يمسُّ القلبَ ويتملكه ويسرد الآيات بسلاسة وحرص منه واستشعار لآي الذكر الحكيم.
ومن ضمن المحطات الهامه بحياته نزاعه مع محطه الbbc فمعي مع نشوب الحرب العالمية الثانية، تنافست إذاعات القوى العظمى على اختلافها بين الحلفاء مثل إذاعتي لندن وباريس، والمحور مثل إذاعة برلين، على أن يُسجل لها الشيخ محمد رفعت لتجذب المستمعين خلال افتتاحية برامجها باللغة العربية، فرفض الشيخ محمد رفعت لأمرين، أولهما أنه لا يحب التكسب بقراءة القرآن الكريم، وخوفًا من أن يستمع الناس إلى القرآن الكريم في الملاهي والحانات، وبعد مراجعة الإمام المراغي شيخ الأزهر آنذاك، وافق الشيخ رفعت على تسجيل سورة مريم لإذاعة بي بي سي البريطانية،وذهب الشيخ رفعت، الذى لم يبد معارضة وطلب أجرا معينا كنوع من الضمان لمستقبل أولاده، وطلب مقابل تسجيل الشريط ومدته ساعة، 100 جنيه، ومقابل الاستخدام 100 جنيه أخرى، ومقابل الانتفاع 5 جنيهات، لتسجيل 10 شرائط فقط، أى أن المقابل الذى سيتم دفعه 2000 جنيه.
وبالفعل أرسل الشيخ للإذاعة البريطانية فى لندن شريطين، الأول يحمل تسجيلا لسورة آل عمران والآخر لسورة مريم، لكن أبو بثينة أرسل لمدير الإذاعة البريطانية رقما خاطئا، فقد أخطأ فى حساب المبلغ المطلوب وأرسل لهم ما يفيد بأن الشيخ يطلب أكثر من 20 ألف جنيه، فرفضت الإذاعة البريطانية هذا الرقم الخرافي وهنا ثار الشعب وغضب وهدد بمقاطعتها عندما اختلفت مع الشيخ رفعت على الأجر، وهدد المواطنون بعدم دفع ضريبة الاستماع إلى الراديو ما دام أن الإذاعة لن تحمل لهم صوته.
في عام 1943م أصابت حنجرة الشيخ محمد رفعت زغطة أو فواق تقطع عليه تلاوته، فتوقف عن القراءة. وقد سبب الزغطة ورمٌ في حنجرته يُعتقد أنه سرطان الحنجرة، صرف عليه ما يملك حتى افتقر لكنه لم يمد يده إلى أحد، حتى أنه اعتذر عن قبول المبلغ الذي جمع في اكتتاب (بحدود خمسين ألف جنيه) لعلاجه على رغم أنه لم يكن يملك تكاليف العلاج، وكان جوابه كلمته المشهورة «إن قارئ القرآن لا يهان» وفارق الحياة في 9 مايو عام 1950م وكان حلمه أن يُدفن بجوار مسجد السيدة نفيسة حتى تقرر منحه قطعة أرض بجوار المسجد فقام ببناء مدفنه عليه، وقد كان من عادته أن يذهب كل يوم اثنين أمام المدفن ليقرأ ما تيسر من آيات الذكر الحكيم.