كيف تحمل "السادات" معاناة قطع الإرسال؟.. كواليس بيان ثورة 23 يوليو

تقارير وحوارات



"اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم"، هكذا بدأ بيان ثورة 23 يوليو ليعلن عبور مصر إلى مرحلة جديدة إنتهت بها محاولات إهانة المصريين وردت كرامتهم.


وتابع البيان الذي ألقاه محمد أنور السادات: " وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنافي حرب فلسطين.وأما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة على الجيش وتولى أمرهإما جاهل أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها".

وأضاف: "على ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي خلقهم وفي وطنيتهم ولا بد أن مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب.أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب".

وإختتم: "وإني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف لأن هذا ليس في صالح مصر وأن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله جزاء الخائن في الحال. وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاوناً معالبوليس. وإني أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ويعتبر الجيش نفسهمسئولا عنهم والله ولي التوفيق".

"السادات" يلقي البيان من الإذاعة
وعن كواليس إلقاء البيان في الإذاعة، قال الرائد الإذاعي فهمي عمر وصل محمد أنور السادات إلى استوديوهات الإذاعة بشارع علوي وسط حراسة مشددة ودخل السادات الاستديو وكان يعتزم إذاعة البيان بعد المارش العسكري الذي يعقب افتتاح المحطة الذي كان ينتهي في السادسة واثنتين وثلاثين دقيقة، وبعد حوالي أربعين دقيقة من انقطاع الإرسال عاد الإرسال وكان ذلك في حوالي الساعة السابعة وثلاث عشرة دقيقة فبادرت بإبلاغ السادات بعودة الإرسال فسألني: هل يمكن إلقاء بيانى ؟ فقلت: بعد دقيقتين ستنتهى إذاعة القرآن الكريم وسوف يتلوه حديث دينى لمدة عشر دقائق فقال السادات: لا.. أنا سأذيع البيان بعد القرآن مباشرة وفى الساعة السابعة والربع تماما".

مشكلات قطع الإرسال
وأضاف: "تأهبت لتقديم السادات لإذاعة البيان وإذا بالمهندسين يبلغوني مرة أخرى بأن الإرسال قد قُطع ثانية ولكن هذه المرة من مصلحة التليفونات وليس من (أبو زعبل) وثار السادات غاضبا وقال: إيه ده تانى.. وأسرع إلى التليفون حيث عاود اتصاله بالقيادة وفى الساعة السابعة وسبع وعشرين دقيقة عاد الإرسال مرة أخرى وكان ذلك من المصادفات الحسنة لأن نشرة الأخبار كان موعدها فى السابعة والنصف صباحاً وهو أفضل موعد يستمع فيه الناس إلى نشرة الإذاعة".

وتابع الرائد الإذاعي: "عندما دقت ساعة القاهرة وقتئذ معلنة السابعة والنصف تأهبت لتقديم أنور السادات بالصفة التى طلبها وهى أنه مندوب القيادة فقد رفض أن يقدمه باسمه وبعد إجراء التقديم قرأ محمد أنور السادات البيان الأول للثورة فى مستهل نشرة الأخبار واستغرقت تلاوته دقيقتين ونصفا واختتم القراءة بذكر موقع البيان اللواء أركان حرب محمد نجيب القائد العام للقوات المسلحة".

تحمل "السادات" معاناة قطع الإرسال
وفي نفس السياق، ويحكي سامي شرف، سكرتير الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في إحدى رواياته عن بيان الثورة، أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات، كان وقتها رتبته بكباشى، حيث توجه إلى مبنى الإذاعة المصرية صباح يوم 23 يوليو فى تمام الساعة السادسة والربع صباحا، وأوضح أنه سيتم تغيير فى البرامج الصباحية، وأنه سيطلق بيانا هاما.

ويحكي شرف: دخل السادات إلى استوديو الإذاعة، وقرر إذاعة البيان بعد المارش العسكرى، ولكن فهمى عمر علم من المهندسين، أثناء إذاعة المارش العسكرى، بأن الإرسال قد قُطع من محطة "أبوزعبل"، ولمَّا علم السادات خرج من الاستديو، وأبلغ الموقف للقيادة، وعاد الإرسال مرة أخرى فى حوالى الساعة 7:13 دقيقة، وأبلغ فهمى عمر السادات بعودة الإرسال، ولكن وضح للسادات أن البيان سيتم إذاعته عقب الحديث الشريف الذى يلى القرآن الكريم، الذى سينتهى بعد دقيقتين، ولكن أصر السادات على إذاعته عقب القرآن الكريم.