د.حماد عبدالله يكتب: الوطن والحب !!

مقالات الرأي

بوابة الفجر


 

بأحبك حب محدش قبلنا عرفه ولا صادفه !!
بأحبك حب ومش قادر على وصفه وأنا شايفه !!
هكذا كان (عبد الحليم حافظ) يتنسم تلك الكلمات برومانسية، مع محبوبته "زبيدة ثروت" (قمة الرومانسية، وقمة التعبير عن الحب).
صنع هذا الفيلم وعرض فى أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات وأصبح حديث الأولاد والبنات فى ذلك العصر 
"عبد الحليم" فى حالة حب جديدة مع "زبيدة ثروت" (على الشاشة) تلمسنا الذهاب إلى دور العرض الصباحية، هروبًا من حصص المدرسة أو من مدرجات الجامعة.
وتصور كل شاب نفسه وتمنى أن يكون "عبد الحليم حافظ" وتمنت كل بنت أن تكون "زبيدة ثروت" !
كان "عبد الحليم حافظ" (حلم جميل) وتعبيرًا عن مرحلة هامة فى تاريخ المصريين، خاصة، والعرب عامة، وكان تعبيرًا أيضًا، بل وسجلًا لتاريخ النضال الوطنى !
نضال الأمة تحت راية ثورة يوليو، منادية بالقومية العربية وعدم الإنحياز، والحياد الإيجابى، والإشتراكية، والوحدة، كلمات عشناها، وتعايشنا معها فى حالة حب مع "جمال عبد الناصر" حين يخطب فى مناسبات كثيرة، ومع "عبد الحليم حافظ " حينما يغنيها بعد أن ينظم كلماتها العملاق "صلاح جاهين".

(دى مسئولية عزيزة عليا.. معزة الروح والحرية.. معزة العسكرى لسلاحه وأكثر).
وغيرها من كلمات أدمت قلوب المصريين ،أذابتها حبًا فى تراب هذا الوطن !!.
(ملايين الشعب تدق الكعب، تقول كلنا جاهزين... كلنا جاهزين... يأ أهلًا بالمعارك).
ولم يترك "عبد الحليم حافظ" مناسبة إلا وكان فى أول طابور العارضين لمشاهدها فى غنوة أو فن سينمائى وكانت (حرب يونيو 1967 )، وقد أطلقنا عليها " النكسة" أو "النكبة " وكانت أزمة ثورة وأزمة جيل، وصدمة وطن بأكمله !!.
وكان هناك أيضًا " "عبد الحليم حافظ وعبد الرحمن الأبنودى وبليغ حمدى ".
عدى النهار والمغربية جاية..
تتخفى ورا ظهر الشجر..
وعشان نتوه فى السكة  ..
غاب من ليالينا القمر  ..
وبلدنا ع الترعة بتغسل شعرها..
جاها نهار ما قدرش يدفع مهرها !!
وبكى المصريون، ورفعوا شعار البناء والكفاح، وإعادة التوازن لقوى الوطن، وكانت حرب 1973، وعبورنا من الهزيمة للنصر، وعودة الكرامة العربية، وكان هناك أيضًا "عبد الحليم حافظ ".
عاش اللى قال للرجال عدى القنال... عاش 
عاش اللى حول صبرنا حرب ونضال.. عاش البطل 
هكذا كان هذا الزمان، وهؤلاء الفنانون، وهؤلاء الأبطال، أصحاب قضايا وأصحاب رؤية، وعاش الشعب (مر، وفرح، وحزن) هذه الأيام، وما زلت وما زلنا نتذكر كل هذا التاريخ فى غنوة، وفى لقطة أبيض وأسود "لعبد الحليم حافظ " (رحمه الله ) ورحم شركاؤه فى تنظيم كلمات أغانية، وملحنين عايشوه وعبروا معه عن أحاسيس شباب هذا الوطن، وكذا أحلامه وأحزانه، كما نطلب الرحمة لهذا الزمن بأبطاله رجالًا ونساء وشبابًا.
نرجو من الله أن يعين شعب مصر، بعد أن نفض عن تاريخه عصرًا من الإستبداد الوطنى والفساد، وأنهى عصر من نهب أمواله وضياع أصوله وأن يعيد لنا مثل هذه الإحساس الرائع بالوطن، وأن نعمل بروح الفريق، وأن يرزق مصر برياح الوطنية التى توحد من قواه وتشد أزر أبنائه، وأن يرزقنا بإرادة سياسية تغير من واقع عشناه، ونعيشه يفقدنا الإحساس بالمسئولية الوطنية نحو مستقبل وطن نحن فى أشد الإحتياج للإلتفاف حول هدف واحد وهو حريته وتنميته والقضاء على بذور الإرهاب، ودعم الوطنية والمواطنة فى "مصر" أم البلاد، وأقدمها على سطح الأرض "وللأسف لا يتغير فى أيامك إلا التاريخ !!"