ننشر كلمة ممثل نيجيريا بملتقي التصوف العالمي في دورته ال١٨ بالمغرب

عربي ودولي

بوابة الفجر

 شارك الدكتور عبد اللطيف أديمولا مغاجي ممثل صوفية نيجيريا وخريج جامعة القرويين، ومؤسسة دار الحديث الحسنية
في أشغال الملتقى العالمي للتصوف الدورة الثامنة عشرة في الفترة من 23 إلى 29 سبتمبر. 

وقال "ممثل صوفية نيجيريا"  الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه أجمعين.
صاحب الفضيلة شيخ زاوية القادرية البودشيشية،
أصحاب الفضيلة شيوخ الزوايا المشاركة، سادتي الأساتذة والدعاة والأئمة، أيها الحضور الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وتابع:  يسرني في هذه المناسبة الكريمة أن أوجه شكري العميق إلى صاحب الفضيلة مدير الملتقى العالمي للتصوف الدكتور مولاي منير القادري وكل من ساهم في تنظيم هذا اللقاء المبارك لإتاحتهم لي الفرصة أن أشارك في هذا الحفل الكريم، كما يسرني أن أتوجه بالشكر إلى جميع المسؤولين أن زوايا الصوفية التي انتشرت في كل أقطار إفريقيا عموما وفي غرب إفريقيا خصوصا، والتي لا شك أنها لم تأل جهدا في تصحيح المسار والدعوة إلى الله تعالى، وفي مد يد العون إلى شباب الإسلام في إفريقيا الذين هم بأمس الحاجة إلى تنقية النفوس الشائبة والقلوب الحائرة، ونشلهم من براثين أعداء الإسلام الذين يريدون القضاء على هويتهم التي تتمثل في الشريعة والعقيدة والطريقة.

وأضاف قائلا:  أيها السادة والحضور، تعود علاقات المغرب بمنطقة جنوب الصحراء لفترة تاريخية قديمة وإن تطورت بعد انتشار الإسلام()، وقد أوضح الأستاذ أحمد التوفيق: أن التمازج المغربي الإفريقي سابق على الإسلام، إلا أنه ازدهر في العهد الإسلامي من خلال التجارة وتبادل المنافع، وإن هذه العلاقات تتميز ببعد شعبي، لم يضعفها لا الاستعمار ولا مخططات عزل المغرب عن محيطه الإفريقي، ومن رحم هذه العلاقات المغربية الإفريقية ولدت الثوابت الدينية المشتركة، وهي الأشعرية عقيدة، والمالكية مذهبا، والتصوف سلوكا روحيا.

وأشار قائلا:  يظهر الدور المركزي لمؤسسة إمارة المؤمنين التي تستمد مشروعيتها من النص الدستوري المغربي() في توجيه السياسة الخارجية من خلال التوظيف المكثف لرمزيتها الدينية والروحية في توثيق العلاقات المغربية بالبلدان ذات الأغلبية المسلمة بإفريقيا سواء تعلق الأمر بدول الساحل وإفريقيا الغربية التي تربطها بالمغرب علاقات تاريخية عريقة وتقاليد وعادات مشتركة أو غيرها من الدول التي تأثرت بالموروث الديني والروحي المغربي بفعل رحلات الدعاة والمتصوفة وعلماء المغاربة الذين حملوا إلى تلك البلدان في فترات متباعدة من التاريخ الفقه والعلوم والمعارف والتصوف.

وأوضح: ترتكز الدبلوماسية المغربية على الرابط الديني الذي يجمع المغرب بالقارة الأفريقية، من خلال إمارة المؤمنين ورمزيتها وما قدمته لخدمة الإسلام في القارة. فأول ما دخل الإسلام إلى إفريقيا جنوب الصحراء كان على يد التجار المغاربة والزوايا الصوفية المغربية، لذلك ظلت هذه العلاقة تكتسي طابعًا روحيًا، بالدرجة الأولى، ثم اكتست حلة سياسية، بمعناها الإيجابي، بحكم الإقرار للمملكة بإمارة المؤمنين. 
وقد نجحت منظومة إمارة المؤمنين في إرساء مشروع مغربي متكامل يرتكز على النسب الشريف وحماية الدين على المذهب السني المالكي الذي يتميز بالجمع بين النص وإعمال الرأي عند الضرورة، والعقيدة الأشعرية، والتصوف الجنيدي.

وعلى هذا سيتناول هذا العرض الأدوار الدبلوماسية لمؤسسة إمارة المؤمنين في ترسيخ القيم الدينية في إفريقيا من خلال المحاور الآتية:


المحور الأول: الدور الدبلوماسي لمؤسسة إمارة المؤمنين في ترسيخ القيم الدينية في إفريقيا. 
من الصعب أن نتحدث عن التجربة الإسلامية في بلدان غرب إفريقيا أو ما كان يعرف بالسودان الغربي دون أن نستحضر الدور الفاعل والمهم الذي لعبته مؤسسة إمارة المؤمنين في نشر الإسلام وثقافته في تلك الأصقاع والدفاع عنها باعتبارها دار إسلام وجب حمايتها بموجب البيعة الشرعية التي تنبني عليها مؤسسة إمارة المؤمنين في المغرب باعتبارها خلافة للنبوة وامتدادا للشرف النبوي ورمزا للإمامة العظمى التي من أولوياتها حفظ الدين وسياسة الدنيا حيث يصبح أمير المؤمنين بذلك هو الوالي الأعظم الذي لا والي فوقه، ولا يشاركه في مقامه، ولا في سلطته غيره من الحكام، مهما علا قدرهم وعظم شأنهم().

كما لا يمكن تجاهل دور المغرب في تكوين الشخصية الإفريقية المسلمة سواء من خلال تاريخه السياسي كدولة إسلامية ذات نفوذ وقوة وامتداد، وبخاصة في عهد الدولة المرابطية والدولة الموحدية التي امتد سلطان المغرب فيها إلى الأندلس شمالا وإلى تونس شرقا وإلى السنغال جنوبا، أو من خلال دور المغرب العلمي أو الثقافي في إفريقيا المسلمة، حيث كانت القرويين في فاس هي المركز العلمي الذي كانت تدرس فيه مختلف العلوم الشرعية والفلسفية، وأنجب المغرب علماء كبارا أسهموا في خدمة الفكر الإسلامي ،وما زال المغرب يتمتع بهذه المكانة حيث ينظر إليه الشعوب الأفريقية في غرب إفريقيا كعاصمة للثقافة الإسلامية وبخاصة في ما يتعلق بالمذهب المالكي الذي أسهم علماء المغرب في انتشاره في إفريقيا وخدموا هذا الفقه،  وألفوا الكثير من المصنفات في أصوله وفروعه وقواعده ونوازله...

كذلك يتجلى دور إمارة المؤمنين في المواقف التاريخية التي اتخذها المغرب في دعم نضال الشعوب الإفريقية من أجل الاستقلال، والتحرر من الاستعمار الأجنبي ومساندته لحركات التحرر الوطني الإفريقية منذ استقلال المغرب عبر مساهمته الفاعلة في بعثات الأمم المتحدة في إحلال الأمن والاستقرار بالمناطق التي شهدت صراعات مسلحة منذ 1960 وعمله في تحقيق المصالحة والتحكيم في النزاعات الإقليمية باعتباره عضوا مؤسسا لمنظمة الوحدة الإفريقية سنة 1963، حيث لعبت الدبلوماسية الملكية في عهد الملك الراحل الحسن الثاني دورا مهما في ضمان استمرارية وفعالية العلاقات المغربية الإفريقية حتى بعد انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1984..()
تأكد ذلك في عهد العاهل المغرب.