محمد أكرم دياب يكتب: تجار "التبرعات"

مقالات الرأي

بوابة الفجر

"العاملين عليها"، بتلك الجملة من الآية قرآنية في سورة التوبة  والتي سبقتها " إنما الصدقات للفقراء والمساكين " وسبقتها آيات كثيرة لم تذكر العاملين عليها واختصت الفقراء والمساكين فقط في الصدقات، لكن دائما ما يبحث قاصد المال عن ثغرة لمكسب تحت ثياب شرعية، فاستخدمت الآية "صك غفران" لملايين من أموال الزكاة والتبرعات لصالح اشخاص تحولت حياتهم بين ليلة وضحاها إلى قطن الفيلات وامتلاك سيارات فارهة بمنصب في جمعية خيرية.

خلال طريقي في العمل الصحفي، اقتربت من دوائر مؤسسي جمعيات خيرية وعاملين بها ورصدت فسادا في كثير منها، وكانت اكبر الصدمات في عرض تلقيته من أحدهما  بنسبة ١٠ ٪؜ إذا مهدت لهم طرق للحصول على تبرعات بملايين وحاولوا إقناعي بصك غفرانها،  ووجدت أشخاص اعتبارية تسعى في الاتجاه ذاته دون الحصول على أي أرباح فقط  لوجه الله ومساعدة الانسانية، وجمعيات أخرى استهدفت الخير للحصول على مزايا القانون بمعافاة الضرائب مثلا.

بداية من الصدمة التي تدور تفاصيلها،  بعدما تلقيت دعوة من احد اصحاب الجمعيات على الغداء منذ عامين تقريبا بمقرهم في المهندسين، وقتها أثار فضولي نوع العزومة " جمبري من النوع الفاخر" حسبما قالت لي "الحاجة" التي قبعت خلف مكتبها ترتدي  نقابا،  مديرة الجمعية في الهاتف بعد ترشيحي لها من صديق سألته يوما عن صحفي يمتلك علاقات، رفضت الجمبري واكتفيت بالقهوة للاستماع إلى العروض بعدما حضر ابنها المسؤول عن ادارة الاموال في الجمعية  .

اخبرتني بعلمها بعلاقاتي مع رجال أعمال وبنوك تريد أن تستهدفهم لزيادة التبرعات،  فحاليا حجم التبرعات ضعيف أمام ما تريد تنفيذه مثل وقف النخيل وتوزيع المواد الغذائية، وان كل تبرع نتمكن من الحصول عليه سأتحصل منه على نسبة ١٠٪؜" من المليون ١٠٠ الف ودول حلال خلي بالك  "، كانت وقتها تنتج برنامج تلفزيوني على احد المحطات للترويج وسبيل لزيادة التبرعات  بتكلفة تقريبية نصف مليون جنيها للموسم، فكان الذهول لماذا لاتستغل اموال الانتاج والنسب وتسعى بجهد في توسيع اعمالها الخيرية.

العرض الذي رفضته، بالتأكيد، عرض على اشخاص اخرى قبلت به، فحاليا الجمعية تلاقي شهرة كبيرة وتنشر إعلاناتها  بإذاعة القرآن الكريم ومحطات التلفزيون المختلفة، وقصدتها بعد الشهرة لاشراكهم في مائدة رحمن في محاولة لإعادة الفهم لكن اكدوا ان الامر لديهم يبعد عن مشاركات الخير برد بسيط "  لانى خلصت كل التوزيعات" كان ذلك في ١٧ رمضان وماهي الا تجارة فقط تتربح منها عائلة كاملة ام واخ لها وابن يديروا ثلاثة جمعيات ويتلاعبون بالتبرعات لصالح مكاسب شخصية.

نفس فكرة مائدة الرحمن الصغيرة كانت كشف لعدد كبير من اصحاب النفقات الكبرى على الحملات الإعلانية التي وصلت فاتورة احداها خلال شهر رمضان إلى ٢٥ مليون جنيه، كنت اتلقى ردودا متشابهة، المشاركين فيها وجدتهم يسعوون فعليا للخير كانت اشخاص اعتبارية استهدفوا توزيع الطعام للخير كالصحفية عبير عبد الستار ومؤسسة  مرسال التي رحبت بالفكرة لكن لضيق الوقت لم تتمكن من المشاركة، قصة الجمعية السابقة ستجدها متكررة بأشخاص وظروف مختلفة تستهدف اموالك واموالي تخرج في نسب ومرتبات وسيارات لاعضاء مجلس الادارة، بتجارة التبرعات.