استقالة المستشار الإعلامي الأول للرئيس التونسي

عربي ودولي



أعلن أيوب المسعودي، المستشار الإعلامي الأول للرئيس التونسي المؤقت، منصف المرزوقي، عن إستقالته من منصبه ليكون بذلك المستشار الثالث الذي يستقيل من قصر قرطاج.

وقال المسعودي ، في رسالة تحت عنوان : وأخيرا أسترد حريتي ، نشرها عبر صفحته على موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك ، أُعلن عن إستقالتي من منصب المستشار الأول لرئيس الجمهورية مكلف بالإعلام .

ولم يذكر المسعودي سبب إستقالته من منصبه، واكتفى بالإشارة إلى أن الوقت سيأتي للكشف عن العديد من الحقائق من أجل مصلحة البلاد ،بينما ربط مراقبون هذه الإستقالة بمسلسل التخبط الذي تعيشه الرئاسة التونسية.

وكانت آخر حلقات هذا التخبط ما حصل الليلة الماضية عندما أعلن عن إلغاء كلمة للرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي إلى الشعب التونسي كان يُفترض أن تبثها القناة التلفزيونية الرسمية في نشرة أخبارها عند الساعة الثامنة من مساء الخميس. وقال مصدر من التلفزيون التونسي ، إن الرئاسة التونسية أبلغت قسم الأخبار أن الرئيس المؤقت منصف المرزوقي سيلقي كلمة إلى الشعب التونسي، وبعد الإعلان رسميا عن موعد بثها، عادت الرئاسة التونسية لتُبلغ قسم الأخبار قبل نحو 10 دقائق من موعد البث عن إلغاء الكلمة.

وأكد المصدر الذي طلب عدم ذكر إسمه، أن الرئاسة التونسية لم تقدم أي سبب لهذا التراجع، ما أثار الكثير من التساؤلات لدى الأوساط السياسية وعموم الناس الذين يتابعون مسلسل التخبط وتوالي حلقاته على خلفية الأزمة السياسية والدستورية الذي فجرها موضوع تسليم الحكومة التونسية البغدادي المحمودي آخر رئيس حكومة في عهد العقيد الليبي الراحل معمر القذافي إلى ليبيا.

وما زالت هذه الأزمة تلقي بظلالها على الإئتلاف الحاكم في تونس، وخاصة بين الرئاسة في قصر قرطاج ورئاسة الحكومة في القصبة على خلفية التنازع على الصلاحيات، حيث يُفترض أن يُخصص المجلس الوطني التأسيسي جلسته لمناقشة تداعيات هذا الموضوع.غير أن اللافت باستقالة أيوب المسعودي المستشار الإعلامي الأول للرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي، ليس في توقيتها فقط الذي جاء متزامنا مع إستفحال تضارب الآراء والمواقف داخل القصر الرئاسي، بل أيضا في شكلها الذي بدا وكأن مستشاري المرزوقي بدأوا يفرون من حوله.

وتُعتبر هذه الإستقالة الثالثة من نوعها من القصر الرئاسي حيث سبق لإثنين من مستشاري المرزوقي الإستقالة من منصبهما،هما عبد الله الكحلاوي الوزير المستشار لدى الرئيس المكلف بالشؤون الخارجية، وشوقي عبيد المستشار الأول برئاسة الجمهورية مكلف بالملفات الإقتصادية.

ولئن بررت الرئاسة التونسية إستقالة الكحلاوي بأنها تمت لأسباب خاصة، فإن إستقالة عبيد أثارت جدلا واسعا، حتى أن البعض لم يتردد في القول إنها إقالة وليست إستقالة، بإعتبار انها جاءت بعد مقال كتبه عبيد طالب فيه بإقالة الحكومة المؤقتة برئاسة حمادي الجبالي، أمين عام حركة النهضة الإسلامية، وإستبدالها بحكومة تصريف أعمال لإنقاذ البلاد من الوضع المتدهور الذي تردت فيه.وأثار هذا الموقف في حينه عدة نقاط إستفهام حول تمساك الإئتلاف الحاكم الذي يتألف من حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل من أجل العمل والحريات.

وسعت أطراف هذا الإئتلاف إلى تطويق هذا الخلاف بين الرئاسة ورئاسة الحكومة، ولكن سرعان ما إنفجر من جديد عقب عملية تسليم البغدادي المحمودي، التي إعتبرها الرئيس المرزوقي بمثابة الطعنة في الظهر ، خاصة وإنها تمت من دون علمه وإظهاره كرئيس منزوع الصلاحيات. ويبدو أن مسألة الصلاحيات هي التي عمقت الخلاف بين القابع في قصر قرطاج أي الرئيس المؤقت المرزوقي، وبين الحاكم في قصر الحكومة بالقصبة أي حمادي الجبالي، لاسيما وأن المرزوقي أصبح يُنظر إليه على مستوى فئة واسعة من الشعب التونسي على أنه رئيس طرطور .

ويرى مراقبون أن هذا الوصف، أي طرطور الذي إنتشر بشكل واسع على صفحات التواصل الإجتماعي، هو الذي زاد في تخبط الرئاسة التونسية حيث سعى الرئيس المؤقت إلى إثبات عكس ذلك من خلال إتخاذ قرارات إتسمت بالتسرع والإرتباك، منها إعفاء محافظ البنك المركزي من مهامه، ورفض التوقيع على مشروعي قانونين يتعلقان بتعديل إتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي، والترخيص للدولة التونسية بزيادة حصتها لدى صندوق النقد الدولي بقيمة 258.700 مليون دينار (163.734 مليون دولار) من حقوق السحب.