صبرى الباجا يكتب: إخوان.. وخونة

مقالات الرأي



تثير الزيارات واللقاءات العلنية المتتالية لبعض الشخصيات الأمريكية النافذة، لبعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين بعد ثورة يناير 2011 وحتى الآن استفسارات وأسئلة. تبدو إجاباتها غائبة عن الكثير من المواطنين المصريين والمهتمين بالشأن العام، بسبب سياسة الغموض والسرية التى تفرضها الجماعة على علاقاتها بالدول الخارجية وأجهزتها الأمنية كقاعدة ثابتة منذ النشأة وحتى الآن، وإن أصبح الكثير منها معلوماً لاجهزة الأمن المصرية، أو متاحاً ومنشوراً نتيجة تسريب بعض أخبار هذه اللقاءات والاتفاقات بسبب تقاليد لسياسات بعض الدول التى لا تمتلك حق إخفاء المعلومات عن مواطنيها على الأخص، أو لأغراض أخرى، وبعضه مما يصرح به أو يكتبه بعض قيادات الجماعة فى مذكراتهم أو المنشقين عن الجماعة، أو بعض من تعاملوا معهم عن قرب.

الارتباط بين الإخوان والدول الخارجية ليس حديث العهد، بل يمكن إرجاعه إلى بدء نشأة الجماعة فى مصر فى عام 1928 أو ما قبلها مدعومة بالاحتلال الانجليزى فأول 500 جنيه تبرع تلقاها السيد حسن البنا كانت من شركة قناة السويس المسيطر عليها من قوى الاحتلال تنهض كدليل على عمق العلاقة بينهما، وكان الاحتلال الانجليزى قد أزعجه تماسك النسيج المصرى بعد ثورة 19، ورأى فى الجماعة أنها الوسيلة التى يستطيع بها بذر بذور الفتنة الدينية، وهدم التوافق والوحدة الوطنية بين أبناء الوطن كعامل أساسى لضمان بقاء الاستعمار البريطانى لأطول فترة ممكنة فى مصر، وحتى لا يكون الكلام مرسلاً نرجع الأمر لبعض الوثائق المتاحة لمن يريد الاستوثاق بادئين بعلاقة الإخوان المسلمين بالإنجليز.

يذكر الدكتور ابراهيم المطلق (1): «إن فكرة انشاء الجماعة خطط لها وطبخت افكارها فى دهاليز سفارات بعض الدول فى مصر» مضيفاً أن هذا ليس مجرد اتهام منه ولكنه ما اعترف به بعض كبار مؤسسى الجماعة وكبار قياداتها مؤكداً أن: سيد قطب اعترف أن سفارة إنجلترا فى مصر كانت مقراً للعديد من اجتماعات التنظيم وأعضائه، متسائلاً: ما علاقة السفارات بالتنظيم؟!».

يعود الكاتب فى ذات المصدر ليؤكد: «أن زرع تنظيم الإخوان المسلمين فى مصر تم من قبل الانجليز وأمريكا لهدف سياسى واستخباراتى بحت».

نفس الشيء تؤكده كتابات موثقة أخرى (2) من بعض رجال الاخوان أنفسهم مثل عبدالسلام البحيرى ومحمد أحمد البشارى، بالاضافة الى كتابات أخرى للكاتب الأمريكى «روبرت داريفوس» (3) ذكر فيها: أن بريطانيا فى أعقاب الحرب العالمية الأولى مدفوعة برغبتها فى الحفاظ على امبراطوريتها عقدت عدة صفقات مع «عدة شياطين» - على حد تعبير الكاتب-: بتقديم بريطانيا دعماً غير محدود لأبرز أعلام الإسلام السياسى حسن البنا فى مصر، وأمين الحسينى فى القدس، فكان أن أنشأ حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين فى مصر بدعم مباشر من شركة قناة السويس المملوكة للانجليز آنذاك، وبدأ الملك المصرى والانجليز باستخدام الاخوان المسلمين وخاصة جهازها السرى حين تستدعى الظروف ذلك.

فى ذات السياق عمدة لندن كين لفنجستون (4) أكد تلقى الاخوان لتمويل مالى من جهاز المخابرات MI6 البريطانية والشيء نفس كتبه مارك كيرتس (5) مؤلف كتاب: «الشئون السرية» شارحاً أن تأسيس الإخوان كان لصالح البريطانيين فى مواجهة الوفد والقصر فى قاهرة المعز.

وتجيئ أخطر المعلومات على لسان الشيخ على عشماوى (6) المسجلة فى كتابه «التاريخ السرى للاخوان المسلمين» وخاصة عند إشارته للشيخ «سيد قطب»: «وكان يعلم - أى سيد قطب- أن قيادة النظام الخاص للاخوان كانت مخترقة من الاجهزة الغربية الاستعمارية وتعمل لحسابها، مضيفاً أن جميع الأعمال الكبرى التى يتفاخر بها الإخوان فى تاريخهم قد تم تفريغها من نتائجها، فمثلاً حرب فلسطين التى يفخر بها الإخوان باستمرار فى الحقيقة أنهم لم يدخلوا سوى معارك بسيطة جداً ثم صدرت من الشيخ محمد فرغلى الأوامر بعدم خوض الإخوان معارك، وتم تنفيذ الأمر إلى أن عادوا من فلسطين.

وقبل أن نترك القارئ الكريم لتدبر الأمر وتحليله نضيف خاتمة ربما تكون كاشفة «عبارات مشهورة ومسجلة» للمرشد العام الأسبق لجماعة الإخوان «حسن الهضيبي» (7) منها على سبيل المثال: «أن الشعب البريطانى أقرب الشعوب للإسلام!»، ثم يضيف فى مقال منشور لفضيلته (8) فى عام 1951 بما نصه «أن أعمال العنف لن تخرج الإنجليز من مصر، ولكن يجب على الحكومة المصرية تربية الشعب وإعداده كما يفعل الإخوان!»، وهو الأمر الذى أغضب الكاتب الإسلامى الاستاذ خالد محمد خالد والمحسوب على جماعة الإخوان أن يصرخ قائلاً: أبشر بطول سلامة يا جورج!!.

هوامش

1- د. إبراهيم عبدالله المطلق راجع الموقع الرسمى له ومقاله بجريدة الجزيرة السعودية الصادرة فى 11 نوفمبر 2011 «هل نجح الاسلاميون بمغازلة أمريكا ودول الغرب؟».

2- راجع أحاديثهم الصحفية بجريدة الجمهور بتاريخ 5 يونيه 2011 وبنفس الجريدة بتاريخ 3 يوليو 2011.

3- روبرت داريفوس «لعبة الشيطان».

4- نقلا سمير ريحان فى جريدة «المصريون» بتاريخ 12 مارس 2008.

5- مارك كيرتس الشئون السرية.

6- الشيخ على العشماوى.. التاريخ السرى للإخوان المسلمين.

7- اللواء فؤاد علام.. الإخوان وأنا.

8- مقال حسن الهضيبى.. مجلة الجمهور المصرى الصادرة بتاريخ 15 فبراير 1951.