ماجدة خير الله تنتقد فيلم "الحرب العالمية الثالثة"

الفجر الفني

ماجدة خير الله تنتقد
ماجدة خير الله تنتقد فيلم "الحرب العالمية الثالثة"

طرحت الناقدة الفنية ماجدة خير الله، وجهة نظرها الخاصة بمسألة اقتباس السينما المصرية أفلامها من أفلام أجنبية وتعديلها لنسخة بالعربية مع بعض التغييرات الطفيفة، ويأتي هذا بعد ان شهد موسم أفلام عيد الفطر المنقضي تواجد أربعة أفلام من أصل خمسة بهم اقتباس أجنبي، علي رأسهم فيلم الحرب العالمية الثالثة، الذي ياتي علي رأس قائمة الإيرادات بأعلى نسبة تخطت حاجز الـ 10 مليون جنيه حتى الآن.

وأوضحت خير الله في طرحها، أن الأفلام الأجنبية أيضاً سرقت أفكار مصرية واقتبست أفلاماً وعلي رأسها السينما الأمريكية مستشهدة بفيلم قدمه نجم الكوميديا الراحل إسماعيل ياسين، عن متحف الشمع خلال الخمسينات، فلماذا وقتها لم يتم إتهام أمريكا بالسرقة من إسماعيل ياسين، وهذا أبلغ ردْ علي من يروجون بأن الأفلام المصرية مسروقة من نظيرتها الأجنبية وفي هذا استيلاء علي حقوق الملكية الفكرية دون التعرض لذكر كلمة مقتبس ، حفاظاً علي هذه الحقوق.

وكتبت خير الله عبر حسابها الرسمي علي موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وهي تشرح أهمية الاقتباس وإضافة المبدع للسيناريو علي طريقته الخاصة، ثم ذكرت أفلاماً مصرية تم سرقتها من نظيرتها الأجنبية والعكس، فقالت: مؤامرة شريرة يقودها هتلر، للسيطرة على العالم وتدمير الحضارة المصرية، إسماعيل يس قدم في الخمسينيات متحف الشمع فلماذا لا نتهم الأمريكان بالسرقة منه؟.

وواصلت، المفاجأة ان فيلم الحرب العالمية الثالثة ، يتصدر إيرادات افلام العيد،وان دور السينما التى تعرضه تشهد زحاماً منقطع النظير،والأغرب أن الناس بتحجز لحفلات قادمة، وهو أمر لم يحدث من سنوات،ويعنى ان السينما المصرية قد دبت بها الحياة،ولو بشكل مؤقت،والشهادة لله،أن الإقبال الجماهيري،على دور العرض لاينفرد به،فيلم الحرب العالمية الثالثة فقط،ولكن يشاركه النجاح الفيل الأزرق، و صنع فى مصر ،أما فيلم ياسمين عبد العزيز فترتيبه الرابع من حيث الإيرادات،والفرق بينه وبين،الأفلام الثلاث الأول فرق ملحوظ فى الإيرادات! طبعا فى الأعياد،وكما هو متوقع الجمهور يفضل الفيلم الكوميدى، وذلك لأن النسبة الأكبر من هذا الجمهور من فئة الشباب والمراهقين،وهؤلاء يفضلون عدم إرهاق رؤؤسهم بأفلام تناقش قضايا،أو تحتاج إلى تركيز، باختصار هو جمهور يسعى للانبساط ومش عايز وجع دماغ!ولكن الخبر المفرح.

وأتمت إن الفيلم رغم انه من إنتاج واحد من السبكيه،إلا أنه يخلو من الخلطة المشهورة،التى شكونا منها كثيرا،يعنى مش حاتلاقى بلطجي ورقاصه ومطرب شعبى بيضرب على قفاه،وما تيسر من مشاهد متكررة فى كل أو فلنقل معظم الأفلام التى تحمل ختم السبكيه!.

ورغم نجاح الحرب العالمية الثالثة الذى يلعب بطولته الثلاثى احمد فهمى،شيكو،هشام ماجد،وأخرجه أحمد الجندى،إلا أنه يفرض علينا مناقشه،قضيه سبق ان تعرضنا لها مراراً،ونضطر لأعاده فتح ملفاتها فى كل مره،وهى قضيه الاقتباس! نعم الاقتباس ليس جريمة،بل هو إبداع مواز،والسينما العالمية تفعل ذلك مراراً وتكراراً،فهوليوود تقتبس أفلاما من السينما اليابانية والكورية والايطالية والفرنسية وهكذا،ولكن الحق يقال انهم لا يخفون هذا الاقتباس،وينسبون الفضل لصاحبه،والفضل هنا صاحب الفكرة، الاصليه، ولكن للاقتباس شروطا،تختلف بالطبع عن السرقة،فالمؤلف الذى يقتبس فكره فيلم،لابد وان يذكر ذلك ،كما يذكر صاحب الفكرة لان هذا يتبعه حقوق ملكيه،ولكن الأهم من ذلك انه يقتبس الإطار الخارجي للحكاية،ويضيف من ابداعه تفاصيل تخص مجتمعه،وقد تبعد بالموضوع عن الفيلم الاصلي وتضيف له أبعادا اخرى،مثلا آخر فيلم امريكى مقتبس شاهدته كان OLD BOYوهو مأخوذ من فيلم كورى شهير وجميل جدا،يحمل نفس الاسم،غير ان المعالجه الامريكيه لاترقى بحال لمستوى الفيلم الكورى ولكن هذا موضوع آخر،وأزيدك من الشعر بيتأ،فأن فيلم العظماء السبعه الذى يعتبر من كلاسيكيات السينما الأمريكيه مقتبس من الفيلم اليابانى الذى قدمه أكيرا كيروساوا،بإسم الساموراى السبعه!!واقتبسته السينما المصريه وقدمته بأسم شمس الزناتى من إخراج سمير سيف وبطوله عادل إمام ومحمود حميده،وكان من أسخف ماشاهدناه لعادل امام!.

وعشان نعرف فضل الاقتباس وأنه مش حاجه سيئه زى ما أنت فاهم،فلك أن تعرف ان فيلم يوم من عمري الذي لعب بطولته عبد الحليم حافظ وزبيده ثروت،مقتبس من الفيلم الامريكى اجازه فى روما،بطوله جريجورى بيك وأودرى هيبورن،وعندما تشاهد الفيلمين سوف تستمتع بكل منهما،رغم الفروقات الواضحه بينهما،وايضا التشابه فى الاطار العام،ولكن كاتب سيناريو الفيلم المصرى،يوسف جوهر كان من العبقريه والقدره على الابداع ان قدم عملا مصريا خالصا،تكاد لاتلحظ فيه اى أثر للفيلم الامريكى!! وعشان تستريح بقى،فإن معظم افلام نجيب الريحانى مقتبسه من روايات فرنسيه،ترجمها بديع خيرى وصاغها وفق رؤيته وابداعها واضاف من روحه المصريه الصميمه ملامح وأحداث لاتخرج من عقل وروح مبدع مصرى! إذن لماذا ننزعج الى هذا الحد من فكره الإقتباس،ونعيد ونزيد ونجرس المقتبس،ونفضحه فضيحه المطاهر يوم خروجه ع المعاش؟؟.

فى الحقيقه ان السينما المصريه زودتها قوى،إذا كان الاقتباس ليس جريمه وانه يعتبر ابداع مواز،ويتطلب مجهودا وحرفه ومهاره ،إلا أن فكره ان تكون النسبه الاعظم من إنتاج السينما المصريه يعتمد على الاقتباس فقط،هى فكره غير مليحه بالمره!وخاصه وان هذا الاقتباس،يندرج احيانا تحت بند السرقه،يعنى بيكون فيه عمليه استسهال ونطاعه،ونقل للشخصيات والأحداث والمواقف وأحيانا زوايا التصوير!

نرجع لفيلم الحرب العالميه التالثه المأخوذ أو المقتبس فى خطوطه العريضه من الفيلم الامريكى ليله فى المتحف الذى لعب بطولته بن ستيلر وقدم منه جزئين والثالث فى الطريق،يعتمد الفيلم الاصلى على ان حارس لمتحف الشمع للتاريخ الأمريكى يضم تماثيل لبعض الشخصيات السياسيه الفنيه والادبيه، بالاضافه لنماذج هياكل حيوانات منقرضه مثل الديناصور،وبعض قبائل الهنود الحمر التى ابديت على يد الرجل الابيض!

ويفاجأ الحارس بن ستيلر بأن الحياة تدب فى التماثيل عندما تدق الساعة الثانية عشره مساءا ،يعنى منتصف الليل،وتبدأ الشخصيات فى الصراع والعراك رغم انها تنتمي لأجيال مختلفة وبعضها لم يلتقى فى الحياه الواقعيه ابدا،ويصبح الحارس طرفا فى هذا الصراع،لاينقذه الا دقات الساعة،التى تعلن موعد افتتاح المتحف للجمهور!وطبعا تلك الفكره الخياليه الفانتزايا تفجر الضحكات،وتحقق درجه هائله من المتعه للمشاهد،وخاصه وإنها مقترنه بتقديم صوره تزخر بألمؤثرات البصريه والسمعيه المتطوره والتى تناسب هذا النوع من الافلام.

أما فيلم الحرب العالميه التالته،الذى شارك فى كتابته وبطولته كل من احمد فهمى وشيكو،وهشام ماجد،بالاستعانه باتنين من كتاب السيناريو مصطفى صقر،ومحمد عز،فقد اضاف لفكره الفيلم الامريكى روحا مصريه،تعتمد على افيهات لايضحك لها إلاجمهورنا،اما شخصيات المتحف فأغلبها شخصيات تاريخيه من ازمنه مختلفه،يعنى محمد على باشا،احمد عرابى، توت عنخ أمون،أم كلثوم،ابو الهول،رأفت الهجان،صلاح الدين الايوبى عمرو يوسف ،بالاضافه لشخصيه قادمه من حواديت ألف ليله وهى علاء الدين بتاع المصباح السحرى هشام ماجد ،والجن خادم المصباح.

وبالاضافه لهؤلاء هناك شخصيات ونماذج لم يتم استخدامها بشكل جيد،ولم يكن لوجودها ضروره مثل المطرب الامريكى ذائع الصيت ألفيس بريسلى نجم الخمسينيات ،والمغنى الاسمر مايكل جونسون التسعينيات بالاضافه لمارلين مونرو! وكان يمكن الاستعاضه عنها باى من نجمات الاغراء فى تاريخنا،وحتى يضع كتاب السيناريو اللمسة المصرية،وهى لمسه مقتلعه فى الحقيقه،كان لابد من اضافه بعض الإسقاطات السياسية،تجسد نظريه المؤامره التى تسيطر على عقولنا وحياتنا،تتلخص فى وجود مؤامره كونيه يقودها اشرار التاريخ هتلر ،هولاكو، أبو لهب ،والفامبيرز،وعليهم ريا وسكينه ،يدبرون لحرب عالميه تالته،تقضى على الحضاره المصريه،ويتصدى لهذه المؤامره أحمد فهمى الشاب الذى دخل المتحف لكى يبحث عن الكوره بتاعته،وتوت عنخ آمون وعرابى ومحمد على باشا وبقيه التماثيل!.

فى السكه اسقاط على حاله الثوره والتمرد التى تنتاب الشباب نظرا لشعورهم بأن الكبار لايلتفتون اليهم،ولايهتمون لامرهم لانهم لم يشاركوا فى صنع التاريخ،ويمثلهم شخصيه علاء الدين وهو دائم الشكوى من اضطهاد الشخصيات التاريخيه له على اعتبار انه شخصيه قادمه من الحواديت ولم يكن له دورا فى صناعه التاريخ،فيقرر السفر لامريكا استجابه لاغواء ميكى ماوس الذى سبقه للسفر لديزنى لاند،وخد بالك من الاسقاط !ولكن فى لحظه وعى ويقظه ضمير،يعود علاء الدين ويقرر البقاء فى المتحف للدفاع عنه وعن سكانه! ويتمكن مع رفاقه من هزيمه قوى الشرواجهاض محاولات هتلر لتدميرالعالم!.

يفتقد الحرب العالميه التالته،للخيال الابداعى الذى توفر للفيلم الامريكى،وحاول المخرج احمد الجندى ان يغزل برجل حمار،وتقديم القدر المسموح به من الابداع نظرا لقله الامكانيات وقله الطموح،واعتمد بشكل كبير على النكات اللفظيه،وكتر خيره على أية حال،ولابد وأن نتفق ان التعامل مع فيلم يعتمد على الخيال المفرط،الذى لايقصد فى المقام الاول إلا الاضحكاك،بوعى وفهم لهذه النوعيه،ولايليق بايه حال أن نتعامل معها بضيق افق ونتهمها كما فعل البعض بالإساءه لرموزنا!! فالفيلم يدور فى متحف لتماثيل الشمع،إلا إذا كان فى نيتنا ان نعبد تلك التماثيل ونقدسها!أما معايره صناع الفيلم بإنه مقتبس من ليله فى المتحف ،فقد جاء رد أحد ابطال الفيلم أحمد فهمى : وليه ما نقولش ان الفيلم الامريكى مقتبس من متحف الشمع الفيلم الذى لعب بطولته فى الخمسينيات إسماعيل يس ،رد ذكى فعلاً!