طارق الشناوي يكتب: يا حلاوة الدنيا يا حلاوة!!

الفجر الفني

طارق الشناوي يكتب:
طارق الشناوي يكتب: يا حلاوة الدنيا يا حلاوة!!


ساعات ويطل علينا عام جديد، ليبدأ كل منا بعدها فى عمل «جردة» للعام كله بحلوه ومرّه، وغالبًا ما يتبقى أكثر فى الذاكرة هو المر، مهما كان فى الأيام قليل من الحلو.

أشعر أن عامًا يمضى لم أنجز فيه ما كنت أتمناه، وأنظر إلى كشف الحساب وأكتشف أن هناك الكثير الذى أجَّلته إلى الغد، رغم أنه كان من عمل أمس بل وأول من أمس.

نعم، كلنا نشعر ببهجة لانتقالنا إلى عتبة زمنية جديدة، ولكن فى نفس الوقت هناك لحظة شجن تسيطر علينا، عندما نكتشف أن العام الجديد يخصم جزءًا من رصيدنا فى الحياة.

لكل منا مقياس مختلف لحساب الزمن، البعض يرى زيادة شعرات رأسه البيضاء فوق رأسه، البعض يتابع التجاعيد على وجهه.. هناك مَن يقيسها بتضاؤل الحركة أو ربما بفقدان جاذبيته الشخصية أو تدهور الذاكرة.. بالنسبة إلىّ أرصد مراحل عمرى من خلال نوعيات الأغانى التى أتابعها، فى الماضى كنت أستمع إلى الإذاعة المصرية قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمان، وهى تقدّم أغنيات صالح عبد الحى، وعبد الحى حلمى، وملك، ونادرة، وغيرهم فى برنامج اسمه ألحان زمان ، تقدّمه هالة الحديدى، ومن إعداد المؤرخ الموسيقى الراحل محمود كامل، فلقد كانت هذه هى أغنيات ومطربى زمن أجدادى.. كنت دائمًا أحاول أن أبحث عن مناطق الجمال فى هذه الأغانى، ونادرًا ما أعثر على جملة موسيقية أو أداء يجعلنى أشعر بالقيم الجمالية التى تصر المذيعة على أن تؤكّدها قبل وبعد إذاعة الأغنية، كنت أقول من المؤكد أن العيب فى تذوّقى، ولهذا لا أستطيع أن أعثر على مناطق الإبداع فى تلك الألحان الباردة، لم تكن هذه الأغنيات لها علاقة بالزمن الذى نحياه، حيث كنت أستمع وقتها بشغف إلى أغنيات سميرة سعيد، ولطيفة، وهانى شاكر، ومحمد منير، ومدحت صالح، وعمرو دياب، ومحمد فؤاد.

كانت هذه الأصوات من وجهة نظر أغلب المستمعين لعب عيال.. منذ عدة سنوات وأنا أقلّب فى موجات الإذاعة استمعت فى إذاعة نجوم FM إلى برنامج يشبه ألحان زمان ، واكتشفت أن أغنية قال جانى بعد يومين سميرة سعيد، و كده برضه يا قمر هانى شاكر، و أرجوك إوعى تغير لطيفة، صارت من ألحان الزمن القديم، وتخيَّلت شابًّا صغيرًا يدير مؤشر الراديو وهو يستمع إلى هذه الأغنيات يحاول عبثًا أن يعثر على مواطن الجمال دون جدوى.. هل أصبحت قال جانى بعد يومين بالنسبة إلى هذا الجيل، مثل أغنية سلطانة الطرب منيرة المهدية يا حلاوة الدنيا يا حلاوة التى لحّنها الشيخ زكريا أحمد، وكانت تعتبر أشهر طقطوقة غنائية فى زمانها.

لا أزال حتى الآن أحرص على أن أستمع إلى كل الأزمنة الغنائية، تطربنى أغنيات نجاة وفايزة ووردة وليلى مراد وأسمهان وفريد وعبد الحليم وعبد الوهاب وأم كلثوم، وكنت إلى عهد قريب أعتبر أن سميرة ولطيفة وهانى والحلو والحجار وعمرو شباب الأغنية، الآن صاروا راسخين، لم أفقد تواصلى بالجديد، وأرى مثلًا فى ألحان وليد سعد نبضًا جديدًا، وأتابع تامر والجسمى وعمرو وحمادة وسعد ونانسى وأصالة وجنات وآمال ماهر، وصولًا إلى كارمن سليمان وأحمد جمال ومحمد عساف، ومحمد شاهين نجم ستار أكاديمى.

يقولون الشباب شباب القلب، أما الموسيقار القدير هانى شنودة فإنه يردّد دائمًا أن الشباب شباب الركب ، على اعتبار أن فيها تكمن الحركة.. وأنا من واقع تجربتى أقول الشباب ليس بالقلب ولا الركب ولكن الأذن.. كلما كانت لديك القدرة على تذوُّق الجديد فى الحياة بحاسة السمع، فأنت لا تزال عصريًّا، وهكذا مرّ عام فلم يخصم منى شيئًا، بل أضاف، فأنا أحتفظ بلياقتى السمعية فى متابعة كل ما هو جديد.. وأحنّ فى نفس الوقت إلى سلطانة الطرب يا حلاوة الدنيا يا حلاوة !!

المقال نقلا عن التحرير