تاجر الدم !

الفجر الرياضي



كالعادة دائما في مصر، نترك الحدث الأصلي ونُركز في الحدث الفرعي، فعلى سبيل المثال تركنا تنحي حسني مبارك وبدلاً من التفكير في المستقبل المظلم تحدثنا عن الرجل الواقف خلف عمر سليمان في البيان، ظللنا نتحدث سنوات عنه ونسخر لسنوات من الملامح العابسه لوجهه، فكرنا في مليارات مبارك التي زايدنا في أرقامها حتى بلغت 70 ملياراً من الدورلات وحسبنا كم سيحصل كل واحد من شعبنا من أموال ولم نفكر في كيفية استثمار الثروات الموجودة في هذة البلاد التي حباها الله بالكثير والكثير، تركنا فوز الأهلي بدوري أبطال افريقيا وتحدثنا في واقعة أحمد عبد الظاهر، لم ندرك مصيبة اقتحام جماهير الزمالك لمباراة الأفريقي التونسي عام 2011 واهتممنا فقط بالراجل أبو جلابية الذي جعلناً منه بطلاً شعبياً ونجماً في كل البرامج، حتى مجزرة بورسعيد التي كان من المفترض أن تجعلنا نستفيق من غيبوبتنا الطويلة كانت ضحية هي الأخرى للتركيز على واقعة تجاهل أبو تريكة للمشير طنطاوي في ذلك الوقت.


وها هي "ريما" تسير بجدارة وامتياز في طريقتها اللئيمة والقديمة في كارثة مباراة الزمالك وفقدان 22 ضحية من جماهير لا ناقة لها ولا جمل سوى أنها تُحب كرة القدم وتعشق الزمالك، ضحايا جعلهم الإعلام في المرتبة الثانية بعد أن جعلوا من أزمة عمر جابر هي الحدث الأكبر وأن من مات هم بمثابة "الفراخ" وليسوا مشجعين أبرياء دفعوا الثمن حياتهم وكتبوا بدمائهم قصة فشل جديدة لأشخاص يقودون ولا يفهمون، يضحكون وغيرهم يتحسرون ويبكون الدمع وبالدم ينزفون، يتجملون وغيرهم على فلذات أكبادهم يتقطعون، يُبررون وهم بالوجع لا يشعرون، يتاجرون بالدم وهم في الحقيقة فاسدون وفاسقون وفقط عن كراسيهم يحافظون.

 

ما ذنب عمر جابر أيها السادة؟، عزيزي المؤيد له وصديقي المعارض لما فعله!، بإختصار عمر جابر هو صرخة ألم وصوت حق ظهر في غرفة ظلام بها شبح و ديكتاتور لا يقبل سوى كلمات الثناء والمدح من جبناء يخشون صوته العالي ويتبعون كلمات "من خاف سلم" والمثل الشعبي " ابعد عن الشر وغنيله"، رفض الولد الصغير أن يُغني للشر وفضل ألا يرقص على جثث من زحفوا لتشجيع الزمالك أو الكيان كما يطلقون، رفض أن يُشارك في جريمة تاجر الدم وتمسك بقيمه التي تعلمها في بيته، فضل أن يُعامل الله دون غيره حتى ولو خسر عشقه الدنيوي "الزمالك"، فمن يعرف عمر جابر جيداً وعن قرب سيعلم أن هذا الولد هو اللاعب الصح في التوقيت الغلط، سيعرفه إنساناً صادقاً وليس متاجراً كما قيل عنه من قبل بعض أصحاب النفوس المريضة أو جبناء الصوت العالي ومرضي الشهرة والأضواء.


ضحايا مجزرة الدفاع الجوي فلترقدوا في سلام ولتسكنوا بجانب ضحايا مجزرة بورسعيد ولتفسحوا المكان بجواركم ففي الطريق ضحايا جدد سوف يأتون عن قريب أو بعيد ولتخبروهم أن بعد مرور 3 سنوات مازال حقهم لم يأتي بعد ،ولتخبروهم أيضاً أن العقول مازلت كما هي وأن الدماء أصبحت هي المشروب المفضل لأرض مصر في ظل وجود "دراكولا" في كل مكان.

 

كلمة الختام.. عزيزي الرئيس السيسي.. إعلم أنك تخسر وستظل تخسر أكثر طالما ظل ورائك هؤلاء الذين توقف تفكيرهم عند فترة من الزمان، تخسر طالما ظل خلفك الضعيف الذي لا يجرؤ على اتخاذ القرار السليم والجرئ وينتظر دائما أوامرك ليبدء كلامه بجملة "بناء على تعليمات السيد الرئيس"، تخسر طالما سمحت لهؤلاء أن يتمتعون بمناصبهم دون حساب، تخسر كلما تأخر القرار في محاسبة من اساء لك وسمح بإراقة الدماء، فلتتنفض وتتخذ القرار السليم، فبتحقيق العدل فقط تستطيع أن تسير ودون ذلك فعلى الدنيا السلام.

 

للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك