شيخان وعمامة

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر

على جمعة الأقرب لكرسى مشيخة الأزهر بعد «الطيب»
■ تسريبات تزعم خروج شيخ الأزهر من منصبه لظروف صحية ■ المفتى السابق قدم كل قرابين الولاء للوصول إلى الكرسى ■ الطيب غرق فى التخلص من «ذيول الإخوان» ونسى تجديد الخطاب الدينى

على منبر مسجد المرسى أبوالعباس بالإسكندرية وقف الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء يلقى خطبة الجمعة فى حضور كل من المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والدكتور شوقى علام مفتى الديار المصرية.

الأمر قد يمر مرور الكرام على غير المتابعين والعارفين ببواطن الأمور، لكنه أثار العديد من علامات الاستفهام بين علماء الدين خاصة أنه حال حضور رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة، فإن المنوط بخطبة الجمعة شيخ الأزهر، وفى حال تعذر وجوده، ينوب عنه وزير الأوقاف الحالى، وفى حال تعذره ينوب عنه المفتى الحالى.

صعود «جمعة» لإلقاء الخطبة وسط حضور مختار جمعة وشوقى علام أثار الجدل، خاصة فى ظل أنباء قوية تتردد داخل مؤسسة الأزهر، بأن أيام الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر داخل المشيخة باتت معدودة وتركه منصبه أصبح أمرا واردا، بسبب ظروفه الصحية التى تمنعه من الاستمرار فيه، بعد إجرائه عمليتين فى القلب.

تلك هى الأنباء التى ترددت بقوة داخل المشيخة، ولكن وفقا لمصادرنا من الأزهر، فإن هناك أنباء ومعلومات وصلت للإمام الأكبر تفيد بأن الرجل بات عبئا على الدولة، وأنه لم يعد مرغوبا فيه خاصة أنه عاصر الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وتعيينه كان بقرار منه، ناهيك عن اعتزال الطيب الأمر برمته، وعدم اشتباكه مع الأحداث الشائكة التى تشهدها مصر، واكتفائه بإصدار بيانات فقط، على عكس الدكتور على جمعة الذى ارتفعت أسهمه فى الفترة الأخيرة خاصة بعد ظهوره فى برنامجه اليومى على إحدى الفضائيات، ورده بالأدلة القطعية على داعش وأخواتها، وتأكيده أن جماعة الإخوان لا تختلف نهائيا عن الخوارج الذين خرجوا على الإمام على، فضلاً عن إثنائه الدائم على دور مؤسسة الرئاسة فى مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى أنه دائما ما يتلقف توجهات الدولة نحو تجديد الخطاب الدينى، ويتولى مسئولية الرد على جميع الأحاديث العقيمة والمغلوطة، وهو ما ساهم فى رفع أسهمه لدى مؤسسة الرئاسة، وتجلى ذلك فى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى ذكرى المولد النبوى الشريف منذ شهر تقريبا، عندما هاجم كلا من الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وتلميذه الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف عندما قال الرئيس نصاً : إننى أحملكم المسئولية كاملة أمام الله والناس فى عدم قدرتكم على مواجهة الفكر الداعشى والتكفيرى، وأن المسئولية تقع عليكم لعدم قدرتكم على تجديد الخطاب الدينى، ومواجهة الفكر التكفيرى، وعجزكم عن نشر الفكر الوسطى بين الناس.

فى نفس التوقيت قام السيسى بمنح الدكتور على جمعة وسام الجمهورية من الدرجة الأولى على دوره فى تجديد الخطاب الدينى ومواجهة الفكر التكفيرى.

الأزمة بين الشيخين لم تكن وليدة اللحظة الراهنة، بل تعود لأيام شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوى، وكان وقتها يشغل على جمعة منصب مفتى الديار المصرية، والطيب يشغل منصب رئيس جامعة الأزهر، وحسم قرار الرئاسة فى مارس 2010 المنصب للدكتور أحمد الطيب، وقتها أخفى الدكتور على جمعة ما فى نفسه وطموحه للوصول لكرسى مشيخة الأزهر.

بعد 3 سنوات تقريبا وفى مارس 2013 لم يرضخ الدكتور على جمعة لإلحاح « الطيب» عليه بالاستمرار فى منصب مفتى الديار المصرية رغم تجاوزه السن القانونية، خاصة أن شيخ الأزهر يملك حق التمديد للمفتى بعد تجاوز السن القانونية، ويمكن لمجلس هيئة كبار العلماء التمديد له أيضا. لكن رفض على جمعة كل ذلك، لأنه فى الوقت الذى غادر فيه دار الإفتاء كان قد وقع عقدا مع إحدى القنوات الفضائية الشهيرة، لعمل برنامج يومى، وهو ما اعتبره جمعة فرصة ذهبية لتحقيق جماهيرية عريضة لدى المواطنين، مستغلاً فى ذلك قلة ظهور المفتى الحالى الدكتور شوقى علام، الذى يجيد دور الموظف عن دور رجل الدين أو العالم الذى يتمتع بشعبية كبيرة، ولم يحاول مفتى الديار المصرية الحالى لعب أى دور يذكر بل يكتفى ببيانات الشجب والإدانة العادية فى كل المواقف التى تتعرض لها مصر من تيار التكفيريين فى مصر.

وفى نفس التوقيت غرق الدكتور أحمد الطيب فى صراعاته مع الإخوان أيام وجودهم فى السلطة ومحاولات النيل منه ومن مكانته، بل وصلت فى بعض الأحيان باللعب على أعصابه بالترويج بأن الرجل بات خارج الكرسى وأن القرضاوى هو إمام الأزهر القادم.

ورغم موقف الطيب الوطنى من ثورة ـ30 يونيو، إلا أنه لم يستطع التخلص نهائيا من بقايا وذيول الإخوان داخل مؤسسة الأزهر فى مقدمتهم كل من الدكتور حسن الشافعى عضو المكتب الفنى لمشيخة الأزهر، والدكتور محمد عمارة، وآخرين، فضلاً عن تركه كل مقاليد المشيخة فى يد رجاله المقربين له دون غيرهم أمثال الدكتور عباس شومان وكيل مشيخة الأزهر والأمين العام لهيئة كبار العلماء، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف والمستشار محمد عبدالسلام، وكاتم أسراره ومدير مكتبه يحيى الكسبانى، واكتفى بالعزلة والتصوف بعيدا عن إدارة المشيخة.