عادل حمودة يكتب : انقلاب مصر على أمريكا!

مقالات الرأي



■ مجلس الأمن القومى الروسى فى القاهرة بدعوة من فايزة أبوالنجا
■ رئيس الأركان الإسرائيلى: خططنا العسكرية ستتغير بعد انتهاء مشروع القناة الجديدة 
■ مناورات عسكرية مشتركة بين القاهرة وموسكو
■ استدعاء علماء الذرة المصريين من الخارج لتنفيذ مشروع الضبعة
■ لقد وصفت صحيفة «واشنطن بوست» النظام القائم فى مصر بالنظام الأكثر إزعاجا على المستوى العالمى.. مما يعنى أنهم يعتبرون كل راغب فى الاستقلال متمرداً

يسهل على صحفى أو سياسى أو إخوانى أن يحقق نصرًا صحفيا دون أن يبرح حمام بيته.. كل ما عليه أن يدخن لفائف من البانجو ليصل إلى ما يريد.

إنها ألعاب نارية توحى بالروعة.. لكنها.. سرعان ما تتناثر فى الهواء.. بلا وجود.. وكأنها تعيش الحياة والموت فى لحظة واحدة.

صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية حقنت نفسها بمخدر سريع المفعول.. وكتبت فى افتتاحيتها: أن القوات المسلحة المصرية تصر على شراء مقاتلات "رافال" رغم ثمنها الباهظ لكى يشعر قادتها بالغرور الذى يمنحه لهم امتلاك أسلحة متطورة وثقيلة.

لا يصل أكثر "المساطيل" تخيلا إلى مثل هذا الرأى الذى وصلت إليه الصحيفة المشهورة بالخبرة والحكمة.. هل يمكن لدولة تعانى من متاعب مالية مزمنة أن تورط نفسها فى قرض يتجاوز الثلاثة مليارات يورو لمجرد شعور قادة جيشها بغطرسة المظهر؟ هل هناك سوء استعمال للهيروين أكثر من ذلك؟.

إن مصر لم تنجح طوال سجلها التسليحى فى الحصول على طائرة بكفاءة "رافال".. لم تسمح بمثلها موسكو من قبل.. ولم تقدمها لنا واشنطن فيما بعد.. وتراجعت عن بيعها بكين.. إنها طراز من طائرات الشبح.. قادر على الوصول إلى المناطق البعيدة التى تضمن سلامة أمننا القومى.. مثل مياه النيل.. وباب المندب.. وسيناء.. ولا يعنى ذلك أننا نفكر فى الحرب.. لكن.. يعنى أنها وسيلة ضغط.. أو ردع.. أو تحذير.

وربما.. لا تريد الصحيفة الوقورة أن تعترف بحقيقة سياسية مؤلمة لها ولبلادها.. أن مصر انقلبت على الولايات المتحدة.. وحققت نوعا من الاستقلال لم تصل إليه بريطانيا ذاتها.

لقد ضربت مصر تجمعات داعش فى ليبيا دون استئذان واشنطن.. وحضر مجلس الأمن القومى الروسى (ويضم ممثلين عن الخارجية والدفاع والعدل هناك ويرأسه نيكولاى باتروشيف) إلى القاهرة يوم الأحد الماضى.. بدعوة من فايزة أبو النجا.. لمراجعة خطط الدفاع المشتركة من مواجهة الإرهاب إلى المناورات العسكرية.

فى الوقت نفسه سافر وزير الدفاع صبحى صدقى إلى موسكو لإزالة العقبات أمام تنفيذ صفقة طائرات سوخوى 35 التى تعادل فى كفاءتها الطائرة الأمريكية إف ــ 35 التى سارعت واشنطن بتقديم 14 طائرة منها إلى إسرائيل.. يضاف إلى ذلك طائرات مى 17 الموازية للأباتشى ومنظومة للدفاع الجوى تعد الأحدث فى العالم.

بجانب تنفيذ مشروع "الضبعة" لإنتاج الكهرباء نوويا.. وقد زار وفد روسى المكان.. وجاء علماء مصريون مهاجرون من دول مختلفة ليساهموا فى سرعة إنجازه وتجنب أخطاره.

وانتقد السفير الروسى فى القاهرة مبالغة وسائل الإعلام فى التضخيم من مشروع الضبعة بمساعدة بلاده.. واستبعدت وزارة الزراعة الروسية إعفاء مصر من سداد ضريبة القمح الذى تصدره إليها.. إن العلاقة بين القاهرة وموسكو علاقة طبيعية فيها شد وجذب.. وفيها قبول ورفض.. إنها علاقة الندية لا التبعية.

أكثر من ذلك وضع رئيس الأركان الإسرائيلى السابق "بينى جانيتس" يده على قلبه وهو يودع الخدمة قائلا: "تنتظرنا مهام استراتيجية مختلفة وحساسة فور انتهاء مصر من مشروع قناة السويس الجديدة ".

لو حقق قادة القوات المسلحة كل هذه الأهداف فسوف يشعرون بالقطع بمظهر أفضل.. لكن.. لا أعتقد أن الصحيفة العجوز قصدت ذلك.

لقد وصفت صحيفة «واشنطن بوست» النظام القائم فى مصر بالنظام الأكثر إزعاجا على المستوى العالمى.. مما يعنى أنهم يعتبرون كل راغب فى الاستقلال متمرداً.. وكل مصر على كرامة شعبه مزعجاً.. أما النظام التابع الذى يغسل قدمى الرئيس الأمريكى بورق الورد فيمنحنونه شهادة الوطنية وحسن السير والسلوك.

وتستهلك الفضائيات الإخوانية أكثر من غيرها كميات كبيرة من البانجو.. بما يسمح لها أن تقول ما يخطر على بالها.. أو على بال ضيوفها دون تردد.

عبر أيمن نور عن شعوره بالراحة النفسية بعد تغير موقف حكومات الخليج من النظام المصرى «إثر اقتناعها بسرقته أموالها».

ومشكلة أيمن نور أنه واحد من فئران السياسة التى سمنت فى جحور الأمن.. تعود أن يعيش على فضلات الآخرين.. ويبيع نفسه لمن يدفع أكثر.. منتقلا من كفيل إلى كفيل آخر.. ومن تنظيم إلى تنظيم مضاد.. فصعب عليه الحياة مستقلا.

ويستحيل عليه أن يكشف عن مصادر الترف الذى يعيش فيه على سطح الحياة فى بيروت.. سيارات فارهة.. فيللات فاخرة.. وحراسة مرافقة.

إن أكثر اللصوص براعة هو الذى يبادر باتهام غيره بالسرقة لإبعاد النظر عنه.. إن جملة "امسك حرامى".. اختراع "حرامى".

وكرر الإخوانى أشرف بدر الدين الادعاء نفسه متهما شخصيات مصرية رسمية بالاستيلاء على المعونات الخليجية.. واخترق باتهامه كل السقوف.

والحقيقة أن هذه التهمة لا تناسب النظام القائم فى مصر.. لايزال رجاله يعيشون على مبدأ "يا مولاى كما خلقتنى".. وحتى الآن لم نشم رائحة عفنة تخرج من مكاتبهم أو ملابسهم.. والمؤكد أن ذلك سر قوتهم.

ويصطاد التنظيم الدولى للإخوان فى المياه العكرة متصورا أن الموقف السعودى منهم تغير بتغير الحكم.. نفى أحمد التويجرى عضو مجلس الشورى السعودى السابق ومدير منظمة العدالة الدولية معاداة بلاده للجماعة.. مؤكدا أنها رفضت تصنيفها منظمة إرهابية.. متناسيا القرار الملكى الذى نص على ذلك.. مؤكدا أن تدخين البانجو بكثرة يحطم ذاكرة أشد العقول يقظة.

وتنافست الفضائيات الإخوانية ببث فيديو يصور إعدام رهينة مصرية ببندقية خرطوش.. وكأنها حصلت على سبق مهنى يستحق كل ما عبرت عنه من إشادة.. أو كأنها أشبعت رغبة الدم فى داخلها.. وهى رغبة يستمتع بها من يبث الصورة بنفس درجة استمتاع من يصنعها.

ولو كان الوهم يحتاج جرعة هيروين واحدة فإن اختراع الأخبار الخفية يحتاج أكثر من جرعة.. لقد اشتهر الصحفى الشاب سامى كمال الدين بتحقيقاته الاجتماعية والثقافية التى ينشرها فى مجلات قطرية.. لكن.. بعد الأزمة الحادة بين الدوحة والقاهرة لم يعد لتلك النوعية من التحقيقات ثمن.. فكان عليه أن يبيع البضاعة الأكثر رواجا.. نشر الأخبار الفاسدة.. الخالية من الحقيقة.. ومنها أن هناك ثلاثة عناصر فى مكتب اللواء عباس كامل استبعدوا من مكانهم لمسئوليتهم عن التسريبات.. ولو سألت عن أسمائهم لن تجد إجابة.. ولو سألت عن المكان الذى أبُعدوا إليه لن تجد إجابة.. فهذه طبيعة الأسرار المفبركة بطعم البانجو.

ولايزال كينث روث مدير منظمة هيومان رايتس ووتش مُصرًا على أن مذبحة فض اعتصام رابعة كانت بأمر مباشر من «الرئيس عبد الفتاح السيسى».. متناسيا أنه لم يكن فى ذلك الوقت رئيسا.. مؤكدا أن الافراط فى البانجو انتقل من الميديا إلى الجمعيات المغطاة بحقوق الإنسان.

ونفس القدر من البانجو منح هيئة الإذاعة الألمانية مساحة من الخرف عندما قالت فى تقرير لها: إن إلغاء فضائية الجزيرة مباشر "دفع شباب الإخوان نحو التشدد".. كأنهم كانوا ملائكة فأصبحوا شياطين.. أو كأنهم كانوا مسالمين فأصبحوا مسلحين.

لقد عرف العالم أهمية البانجو فى الحياة السياسية والإعلامية وربما لهذا السبب سارعت دول مختلفة بإباحة تدخينه علنا.