أحمد فايق يكتب : رسائل السيسى التى لم يفهمها محمد إبراهيم

مقالات الرأي



العين الحمرا للرئيس


■ الوزير أخذ «شلوت لفوق» بسبب الدفاع الجوى والمطرية وشيماء الصباغ

سيظل اسم وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم هو الأكثر إثارة للتساؤلات الفضول خلال السنوات القادمة، هو وزير الداخلية الوحيد الذى استمر لعامين بعد ثورة 25 يناير، وهو الوزير الذى شهد عهده أكبر كمية من الأحداث الإرهابية، وهو الذى مات فى عهده الكثيرون، وهو أكثر وزير داخلية وضع الشباب فى السجون، هو أكثر وزير داخلية تظاهر ضده ضباط الشرطة أنفسهم، ورغم ذلك البعض يراه رجل الأزمات الأول، ولعب دوراً مهماً بعد ثورة 30 يونيو، دوراً كان يحتاج إلى قلب قوى وقدرة على اتخاذ قرارات حاسمة.

إن علاقة الوزير السابق بثورة 30 يونيو الإيجابية هى التى حمته فى التغيير الوزارى، ولم تصل بالأمر إلى ما هو أبعد من ذلك، فالرئيس يقدر كل من لعب دورا فى دعم 30 يونيو، وهذا تسبب فى أن يتجاوز الرئيس كثيرا عن أخطاء الوزير، وهذا الذى جعله الآن مستشارا لرئيس الوزراء بدرجة نائب رئيس وزراء، وهو ما يسمى فى عرف البيروقراطية المصرية "شلوت لفوق"، أن تحصل على منصب أعلى أدبيا لكنه بلا صلاحيات إدارية أو أدوات تنفيذية حقيقية.

الأزمة أن محمد إبراهيم قرر فتح كل الجبهات عليه فى نفس الوقت، واستعدى قطاعاً كبيراً من المصريين، فقد تحول جهاز الشرطة فى عهده إلى أداة باطشة لا تفرق بين إرهابى وشاب متحمس أو ثائر يتمنى للوطن مستقبلاً أفضل.

لقد وصل انطباع لدى الجميع بأن الداخلية تريد إعادة دولة حبيب العادلى مرة أخرى، وتنتقم من ثورة 25 يناير يوميا بتصرفاتها، والقبض العشوائى على شبابها، وتشويه صورتهم بلا توقف، نسى محمد إبراهيم أن العدو الأول للوطن الان هو الإرهاب الإخوانى، وليس ثوار 25 يناير.

الرسالة الأولى التى أرسلها السيسى لحكومته ورجال الدولة بمن فيهم وزارة الداخلية حينما التقى قطاعات مختلفة من الشباب وأكد لهم احترامه لثورة 25 يناير وأن النظام ليس فى خصومة مع الشباب، وأكد هذه الرسالة فى لقاءاته الشبابية مرات عديدة، وأشار طوال الوقت إلى أن مصر لن تتحمل عودة دولة مبارك بفسادها وبطشها الأمنى.

الرسالة الثانية حينما وافق الرئيس على مراجعة ملفات شباب المحبوسين، وأكد أنه ربما يكون هناك بينهم مظلومون ومن حقهم على الدولة أن يخرجوا، بل ووصل الأمر إلى التلميح بخروج آخرين غير متورطين فى الدم وإعادة دمجهم فى المجتمع.

وزير الداخلية لم يتلق هذه الرسائل جيدا، بل أعطت الداخلية انطباعا طوال الوقت بأنها تعمل ضد هذه التوجهات، وكلما جرى الحديث عن مراجعة ملف المحبوسين يخرج مصدر من الداخلية نافيا أى جهود.

الرسالة الثالثة التى تلقاها محمد إبراهيم وزير الداخلية هى احتواء الأولتراس والحوار معهم بدلا من الصدام، وتوفير بديل لهم أو وعاء يحتوى حماسهم بدلا من أن يستولى عليهم الإخوان وأبناء حازم صلاح أبوإسماعيل، لكن إبراهيم قاوم أكثر من مرة هذا التوجه، وانتهى الأمر إلى مجزرة استاد الدفاع الجوى، والتى تتحمل مسئوليتها السياسية بالكامل وزارة الداخلية، وهناك ألف مؤشر لهذا بينهم أن تجمع الاولتراس ودخولهم الاستاد كان معلناً ومعروفاً على كل صفحات التواصل الاجتماعى، ولم يضع محمد إبراهيم ورجاله أى سيناريو لحقن الدماء، والقفص الحديدى الذى يدخل منه الجمهور، لقد أعطت مجزرة الدفاع الجوى أن محمد إبراهيم يريد الانتقام أكثر من الاحتواء.

الرسالة الرابعة كانت عند قتل الشهيدة شيماء الصباغ، حينما قال الرئيس إن شيماء الصباغ بنته وبنت مصر، ولم يتلقها محمد إبراهيم أيضا، وهذا دفع الرئيس هذه المرة إلى الحديث مباشرة مع وزير الداخلية السابق وفى حضور شخصيات عامة وكتاب ومثقفين وإعلاميين، قال الرئيس فى لقاء مسرح الجلاء.. موجها حديثه إلى اللواء محمد إبراهيم: مين قتل شيماء الصباغ.. دى بنت مصر وبنتى؟

هنا قام الوزير واقفا وقال وهو فى وضع الانتباه العسكرى "أعد الشعب بأنه إذا ثبت تورط ضابط أو جندى من عندى سأقدمه إلى المحاكمة فورا".

فقال الرئيس "لما يكون حد عندى غلطان أعاقبه للحفاظ على المؤسسة ومصداقيتها.. لا نهدم المؤسسات بأخطاء أشخاص".

لقد كانت رسالة الرئيس هى الاقوى والاكثر مباشرة لوزير الداخلية لكنه لم يستوعبها أيضا وبعدها بـ32 يوما حدثت مجزرة الدفاع الجوى، لقد كانت مجزرة الدفاع الجوى هى المسمار الأخير فى نعش منصب الوزير، لكن كانت هناك زيارة مهمة للرئيس الروسى بوتين فى نفس التوقيت وساهمت الزيارة فى تأجيل القرار، وتم تأجيل القرار مرة ثانية بسبب انتخابات مجلس الشعب، وحينما صدر حكم الدستورية العليا ببطلان 3 مواد فى قانون تقسيم الدوائر، هنا كانت اللحظة المناسبة لإجراء تعديل وزارى.

التعديل شمل وزير التعليم ويقال عنه أنه كان يوزع جنيهات ذهب على الصحفيين فى أعياد ميلادهم، وشمل وزارات كانت بعيدة تماما عن مؤسسة الرئاسة وأدائها، إن الفارق بين مؤسسة الرئاسة والموظفين الكبار ألف سنة ضوئية، لذا جاء اختيار وزير الداخلية الجديد اللواء مجدى عبدالغفار الذى سيؤدى سياسيا أكثر خلال الفترة القادمة، وستنشط كل أجهزة المعلومات لمواجهة الإرهاب فقط وليس فى استعداء المصريين على النظام.

■ السيسى قال له فى مسرح الجلاء: «مين اللى قتل شيماء الصباغ.. دى بنتى وبنت مصر؟.. لما يكون حد غلطان نعاقبه وبلاش المؤسسات تدفع ثمن أخطاء أشخاص»


السعودية تسعى لتشكيل تحالف سنى مع مصر وتركيا لمواجهة شيعة إيران

2

حكومة وحدة وطنية فى ليبيا برعاية مصرية - جزائرية بشرط تسليم الميليشيات السلاح

■ وزير الخارجية الجزائرى ورئيس المخابرات وصلا مصر وجرى التنسيق على أعلى مستوى لاحتواء الأزمة الليبية

إن الأمن القومى المصرى يبدأ من إثيوبيا فى أقصى الجنوب وحتى المغرب الغربى فى أقصى الغرب وحتى فلسطين شرقا، لذا فجميع الملفات ليست بعيدة، ومصر أصبح لديها يد قوية وذراع تدافع عن مصالح مواطنيها فى أى مكان فى العالم، الأسبوع الماضى تعجب الجميع من زيارة الرئيس السيسى إلى السعودية واستقباله بحفاوة كبيرة وزيارة الرئيس التركى أردوغان، إن الهدف من هذه الزيارات هو رغبة السعودية القوية فى تشكيل تحالف سياسى وربما عسكرى سنى لمواجهة التغول الشيعى الايرانى، لقد أصبح الجيش العراقى كله الآن تقريبا شيعياً، وتوغل الشيعة فى اليمن بشكل يهدد السعودية وبقية دول الخليج، إن المنطقة تحتاج إلى هذا التحالف وأكثر الدولة احتياجا له هى المملكة العربية السعودية.

الأزمة هى مساندة تركيا لتنظيم الإخوان الارهابى ومساندة قطر أيضا رغم أن ملف الشيعة نفسه يهدد دولة قطر نفسها، لأن نسبة الشيعة هناك كبيرة وإيران تستطيع تفجير قطر فى أى لحظة لو أرادت، هناك صيغ مطروحة فهناك خلاف بين مصر والسعودية فيما يخص الملف السورى لكن هناك اتفاقاً فى الملفات الأخرى، وهناك صيغ أخرى منها تراجع تركيا فى دعم الإخوان وقطر أيضا.

فى نفس الأسبوع زار مصر وزير الخارجية الجزائرى ورئيس المخابرات وقابلا نظيريهما المصريين، فهناك اتجاه للحل السياسى فى ليبيا، ومصر والجزائر أكثر الدول تأثرا بما يحدث فى ليبيا، الجميع يسعى الحل السياسى بعدما ذاقت داعش نيران الطيران المصرى، الآن يجتمع الجميع على مائدة المفاوضات، فالحل السياسى لا يأتى دون ان يرى الاخر قوتك على أرض الواقع فى بعض الأحيان.

الآن هناك اتجاه برعاية مصرية- جزائرية لعمل حكومة وحدة وطنية تشمل جميع الأطياف فى ليبيا، والشرط الوحيد لتنفيذ هذا الاتفاق هو أن تسلم الميليشيات الليبية السلاح إلى الجيش الشرعى، فلا تستقيم وتستقر دولة دون جيش قوى موحد يدافع عنها، وأن تختفى ظاهرة الميليشيات، هناك رغبة لدى الجزائر فى تونسة ليبيا أو تحويل ليبيا إلى تونس جديدة، وهناك رغبة مصرية فى استقرار ليبيا وإبعاد الإرهاب الداعشى عنها، والرغبتان المصرية والجزائرية هما الأقرب إلى التنفيذ فى ليبيا ما لم تتدخل أياد خارجية للعبث بالأمن القومى العربى.

إن ليبيا تحولت إلى 3 مناطق إحداهما الحكومة الشرعية فى طبرق ومنطقتان أخريان يسيطر عليهما النفوذ التركى والقطرى، فهناك مليارات تركية وقطرية يتم دفعها دعما لإخوان ليبيا، والهدف الأساسى من ذلك هو استخدامهم فى الضغط على مصر، وهذا يبرر الغضب والتحفظ القطرى على الضربة الجوية المصرية لداعش فى ليبيا، لقد تحفظت قطر لأن الضربة قتلت الثعابين التى يصنعها تميم وأمه لإيذاء مصر.

هناك تنسيق مصرى -جزائرى على أعلى مستوى لحل الأزمة الليبية التنسيق على جميع المستويات وهناك تفاهمات مصرية- جزائرية خلقت علاقة استراتيجية بين البلدان من الصعب أن يؤثر عليها أحد الآن.

وهذا طبيعى فالجيشان المصرى والجزائرى هما الاول والثانى عربيا وإفريقيا طبقا لتصنيفات القوى العسكرية، ويحتفظان بقوتهما وتماسكهما، وذاقت الجزائر مرارة الإرهاب طوال 10 سنوات فيما سميت بالعشرية السوداء، وخسرت الجزائر أكثر من 200 ألف ضحية، بسبب إرهاب الإخوان، ولدى الجزائر خبرة فى مواجهة هذا الارهاب، وتعرف الدولتان الخطر الكبير الذى يهددهما، لذا ينسقان فيما بينهما، حتى لو حدثت بعض المناوشات السياسية.