عادل حمودة يكتب: قبل القمة العربية فى شرم الشيخ

مقالات الرأي




نبيل العربى.. باشكاتب الجامعة العربية

■ ترك الكوارث السياسية وتفرغ لمكافأة نهاية الخدمة وتعيين أصحابه فى المكاتب الخارجية

فى أول صيف لثورة 25 يناير رفضت قطر ترشح مصطفى الفقى أمينا عاما للجامعة العربية.. والتقى أميرها حمد بن خليفة بالمشير حسين طنطاوى عارضا عليه نبيل العربى بديلا.. بتزكية من عمرو موسى.. ولم يشأ الجنرال العجوز أن يزيد من متاعبه فقبل بالعرض.

ومنذ تربع نبيل العربى على عرش الجامعة العربية فى 15 مايو 2011 وهو يضىء أصابعه العشرة شمعا لقطر ردا للجميل.. ولو تحولت تلك المنظمة الإقليمية العريقة إلى بوتيك لا ينفع سوى موظفيها.. أو ديسكوتيك لا يرقص فيه سواهم.

كثير من مشروعات القرارات التى فرضت على اجتماعات وزراء الخارجية العرب صيغت فى الخارجية القطرية وإن وضع عليها شعار الأمانة العامة.

وضاعف ذلك من شعور عام بضعف نبيل العربى وصل إلى حد أن كثيرا من المسئولين العرب لا يستجيبون لاتصالاته.. ولا يردون على مكالماته.. بل.. أكثر من ذلك وجد على مكتبه ذات مرة خطابا شديد اللهجة من سعود الفيصل يتفجر استياء من صدور قرارات تتعارض مع موقف الدول العربية بما يمكن وصفه بوصمة عار.

وقد تكونت -بناء على قرار من قمة الكويت- لجنة مستقلة عليا لإصلاح وتطوير الجامعة العربية رأسها الأخضر الإبراهيمى وزير خارجية الجزائر الأسبق وإياد أمين مدنى وزير الثقافة السعودى الأسبق، وجميل مطر وعبدالرحمن عطية أمين عام مجلس التعاون الخليجى السابق وعز الدين شكرى أستاذ العلوم السياسية وعزيزة بنانى وزيرة الثقافة المغربية وغسان سلامة وزير الثقافة اللبنانى ونبيل فهمى وزير الخارجية المصرية السابق.

وقدمت اللجنة تقريرها فى يناير 2013 من 200 صفحة ويحتوى على عدة محاور مهمة:

1- عملية إصلاح الجامعة من كل جوانبها المؤسسية والمنهجية.

2- الأجهزة والمنظمات.

3- مشاركة المجتمع المدنى العربى.

4- التقييم والتطوير المستمر.

ويشمل التقرير 45 اقتراحا رئيسيا وعدداً مقارباً من المقترحات الفرعية

لكن نبيل العربى ترك ذلك كله واهتم فقط بشئون الموظفين مما أدى إلى تدهور بينه وبين كبار المسئولين العرب.

لقد طلب سعود الفيصل عدم تمديد خدمة اثنين من رجال العربى هما سمير القصير (مساعد الأمين العام) بعد أن كتب مقالا ضد البحرين ونصيف حتى (رئيس بعثة الجامعة فى روما) بعد أن تطاول على القادة العرب قائلا « العيب ليس فى الدار وإنما فى أهل الدار «.. لكن.. نبيل العربى عجز عن مواجهتهما ومدد لهما.. فانفجر فى وجهه لغم.. انتهت شظاياه برحيل سمير القصير.. وفى مؤتمر قمة شرم الشيخ بعد عدة أيام سيرحل الآخر.

لقد استهلكت المكاسب الداخلية التى يجنيها نبيل العربى ورجاله ومساعدوه تماما.. فغابت الجامعة العربية مثله عن الوعى.. اهتمت بالرواتب والمكافآت والعلاوات والسفريات والبدلات.. ونسيت المؤامرات والمخططات والتقسيمات والصراعات والتنظيمات.. تحولت من منظمة سياسية إلى بوتيك لا يربح منه سوى موظفيه.. أو ديسكوتيك لا يرقص فيه غيرهم.

والمثير للدهشة أن ضعف الأمانة العامة إلى حد الترنح لم يمنعها من طلب زيادة الميزانية بعشرة ملايين دولار فى قمة بغداد (2012) ولكن رئيس الوفد السعودى السفير أحمد قطان اعترض وأيده وزير خارجية الكويت فألغى القرار.

هل يعقل أن يتجاهل نبيل العربى كل ما يحدث فى العراق لينشغل بأمر واحد.. زيادة الميزانية؟

وفى قمة الدوحة (2013) تكرر الطلب بزيادة الميزانية بخمسة ملايين دولار هذه المرة.. أوكازيون.. بجانب طلب آخر.. إنشاء صندوق للمعاشات.. وتحمس للقرارين نائب الأمين العام أحمد بن حلى.. ووافقت قطر.. واعترضت السعودية والجزائر والكويت.. لكن.. القرار اتخذ.. فانفجرت أزمات داخلية أجهضت تماما كل اهتمامات الجامعة عربيا وإقليميا.

أولى هذه الأزمات.. مكافأة نهاية الخدمة.. نبيل العربى وحاشيته يصرون على أن تكون ثلاثة شهور من آخر مرتب عن كل سنة.. لكن.. فى جلسة يوم 9 مارس الجارى اقترحت السعودية أن تكون المكافأة شهرا عن كل سنة.. وصوتت الأغلبية على ذلك.. وصدر القرار.

كانت المبررات أن مرتبات موظفى الجامعة كبيرة.. ستفرض مكافآت كبيرة.

يحصل الأمين العام على 24ألفاً و472 دولاراً بالبدلات وألا تحسب له مكافأة نهاية الخدمة.. وكانت الخمسة ملايين التى حصل عليها عمرو موسى بعد خروجه من الجامعة حالة استثنائية خاصة.

ويحصل نائب الأمين العام على 17 ألفاً و862 دولاراً مرتبا بالبدلات وله الحق فى مكافأة نهاية الخدمة.. مثله مثل مستشار الأمين العام (مرتبه بالبدلات 8605 دولارات).. ومثل السكرتير أول (مرتبه بالبدلات 4776 دولاراً).. وهذه مجرد عينات.

لو حسبت مكافأة نهاية الخدمة ثلاثة شهور عن كل سنة يحصل مستشار الأمين العام على 574290 دولاراً بعد 30 سنة خدمة.. ويحصل المستشار على 501650 دولاراً.. ويحصل السكرتير أول على 365400 دولار.. ولو حسبت المكافأة على شهر واحد عن كل سنة ستنخفض مكافأة مستشار الأمين العام إلى 191430 دولاراً.. وتنخفض مكافأة المستشار إلى 167250 دولاراً.. وتنخفض مكافأة السكرتير أول إلى 121800 دولار.. ورغم هذا الانخفاض فإن المكافآت تظل مرتفعة إذا ما قورنت بمكافآت نظرائهم من الدبلوماسيين فى وزارات الخارجية.. فمكافأة السفير المصرى بعد تقاعده 130 ألف دولار دفع منها على مدار خدمته 104 آلاف دولار.. بما لا يقل عن 80 %.. بينما لا يدفع موظف الجامعة سوى 7% فقط من مكافأة نهاية الخدمة.. ومكافأة السفير السعودى بعد 30 سنة خدمة تبلغ 51288 دولاراً.. وبهذه المقارنة تنافس الجامعة العربية ما فى مغارة على بابا من ذهب وياقوت ومرجان.

لم يتقبل نبيل العربى قرار تخفيض مكافأة نهاية الخدمة وأرسل بعد صدوره إلى وزراء الخارجية يرجوهم مراجعة القرار فى قمة شرم الشيخ بدعوى تلقيه شكاوى من الموظفين.. ورفضت الدول العربية أن يناقش هذا البند فى القمة القادمة.

إن مشاهد الخراب والإرهاب والحروب الأهلية التى تتفجر على طول الساحة العربية وعرضها تفرض إحساسا بالخجل على الجامعة العربية بكل من فيها ومن فيها.. لكن.. هذا الإحساس لم يصل إلى أحد.. فتركوا الأمة العربية هائمة ضائعة محترقة مهلهلة وانشغلوا بمكافأة نهاية الخدمة.. هل هناك فضيحة سياسية تنافس هذه الفضيحة؟

لكن.. الأهم والأخطر أن أزمة مكافأة نهاية الخدمة فجرت أزمات أخرى أخرجت أحشاء الجامعة ورفعت الغطاء عما يحدث تحته من تجاوزات ومحسوبيات.

لقد عين نبيل العربى أصدقاءه المقربين مثل السفير رمزى عز الدين الذى اختاره رئيسا لبعثة الجامعة فى فيينا دون أن يعرض ترشحه على الدول حسب النظام الداخلى.. وعينه نائبا لمبعوث الأمم المتحدة فى سوريا دون التشاور مع الدول العربية بما فيها مصر.. وبدا التعيين الأخير غير مريح لسبب خاص.. أن زوجته سورية.

واختار العربى صديقا آخر ليمنحه منصبا رفيعا فى نيويورك هو السفير أحمد فتح الله.. وكالعادة لم يشاور أحدا.

وكانت هناك تعيينات أخرى.. لكنها.. أثارت موجات من الغضب والرفض.. سجلت فى مذكرات رسمية تؤكد عدم قانونية قرارات الأمين العام.

مثلا.. عين وجيه حنفى الأمين العام المساعد رئيسا لقطاع الشئون القانونية.. دون إعلان عن الوظيفة.. مخالفا لأحكام النظام الأساسى للموظفين.. فعمره تجاوز 55 سنة والسن الأقصى للتعيين خمسون سنة.. والخارجية المصرية لم ترشحه للمنصب حسب اللائحة.. ولا نريد التورط فى مزيد من التفاصيل البيروقراطية.. وتحت يدينا ما يدعمها من أوراق.

ومثلا.. عين على عرفان مستشاره السياسى مديرا لمكتبه.. مخالفا للنظام الأساسى أيضا.. ولأسباب تشرحها مذكرات قانونية تعترض على القرار.. وتحت يدينا ما يدعم الرفض من أوراق.

ولكن.. العربى فشل فى تعيين عدد من محاسيبه مستشارين له بعد تقاعدهم.. منهم سمير حسنى صهر الكاتب السياسى الراحل لطفى الخولى الذى تنتهى مدة خدمته مارس الجارى.. وأعدت مشاريع قرارات مشابهة لموظفين آخرين ليظلوا بالقرب منه بعد تقاعدهم مثل محمد خليل (2 أكتوبر 1952) وعائشة عفيفى (20 نوفمبر 1952) وليلى نجم (20 يوليو 1951) وإبراهيم محيى الدين (5 أغسطس 1958) وعلاء الدين الزهيرى (25 إبريل 1953) وقد رفضت اقتراحات تعيينهم كلهم.

على أن نبيل العربى الوفى لأصحابه لم ييأس وتفرغ بعيدا عن مهامه السياسية والقومية فى البحث عن منفذ لهم.. فقرر التمديد لبعضهم (بدرجة مستشار أول) لمدة عام.. وهم محمد يوسف خليل وعائشة أحمد عفيفى وليلى محمد فهمى نجم ومحمد نبوى موسى ووائل الأسد وعلياء أحمد الغصن وسعيد بازرعة متجاوزا بذلك حصص بعض الدول فى التمديد.. مثل مصر.. مما فتح الباب لاتهامات بالمحسوبية.. بمحاباة مواطنى دولته (دولة المقر) وتهميش موظفى الدول الأخرى وإهانتهم رغم كفاءتهم حسب ما يتردد.. وإن كان بعض هؤلاء غير مصريين.

ولا يزال العربى يماطل فى إصدار قرار تمديد خدمة محمد رضوان بن خضراء (مغربى) مستشارا فئة أولى بعد تقاعده رغم تلقيه طلبا رسميا من الحكومة المغربية.. فالبطانة الفاسدة تنفى الكفاءات المتميزة وتطردها بعيدا.

لكن.. ذلك.. لا يعنى أن موظفى الدول الأخرى لا يتمتعون باستثناءات العربى.. فقد انتهى عقد حسين بن البشير أبو زيد (تونسى) رئيسا لبعثة الجامعة فى مدريد يوم 29 مارس 2014.. وكلفه الأمين العام بالاستمرار فى مكانه دون الرجوع إلى مجلس الجامعة رغم أنه خبير متعاقد.. مخالفا للنظم واللوائح.

ولو رفضت الشئون المالية والإدارية تعيين موظف من مصر بسبب تجاوز الحصة فإنه يجرى تعيينه خبيرا مثلما حدث مع سارة السعيد.. حديثة التخرج.. المعينة خبيرة بقرار من وجيه حنفى.. على حساب ميزانية مجلس وزراء العدل.. مثلها مثل غيرها.

وكثيرا ما تحولت عقود الخبراء إلى عقود متعاقدين حسب العلاقات والمصالح الشخصية.. فالخبير يعمل بعقد محدود المدة.. ولا يتمتع بمكافأة فى نهاية الخدمة.. على خلاف المتعاقد.

وما دامت الجامعة العربية قد تحولت إلى «أكل عيش» فإن أموال صناديق البرامج والأنشطة التابعة لها عانت من نزيف لتمويل مكاسب الموظفين المالية والشخصية.. وأصبحت الأمانة العامة مديونة لتلك الصناديق بنحو 20 مليون دولار.

ولو راجعنا مخصصات البرامج والأنشطة وقارناها بالمرتبات والبدلات وإيجار المكاتب والمصروفات العامة لوجدنا أن البرامج والأنشطة تحظى بنصيب الفأر وباقى المجالات تحظى بنصيب الأسد والنمر والذئب معا.

مثلا : ميزانية مكتب الجامعة فى تونس مليونا و112 ألفاً و711 دولارا.. لا ينفق على الأنشطة والبرامج سوى 82 ألفا و950 دولارا.. أقل من إيجار المكاتب (120 ألف دولار) وأقل من المرتبات والبدلات (841761 دولارا).

ولا ينفق على أنشطة وبرامج بعثة واشنطن سوى 55 ألف دولار من ميزانية تزيد على المليون دولار.. والباقى على المرتبات والمفروشات.. وفى جنيف لا ينفق على الأنشطة والبرامج سوى 32 ألف دولار من ميزانية تقترب من المليون دولار.. وفى جنوب السودان تستهلك المكاتب والمرتبات كل الميزانية (285 ألف دولار) ولا يبقى شيئا للأنشطة.. وكذلك ميزانية مكاتب الصومال (252 ألف دولار) ومالطا (241 ألف دولار) كلها تذهب للموظفين فقط.

وترتفع ميزانية بعثة نيويورك إلى أربعة ملايين و225 ألفا و294 دولارا.. لا ينفق منها على البرامج والأنشطة سوى 56 ألف دولار فقط.. وينفق على إيجار المكاتب ثلاثة ملايين و145 ألف دولار.. وعلى مرتبات الموظفين 924 ألفا و294 دولارا بجانب 100 ألف دولار مصروفات عامة.. وفى موسكو ينفق على البرامج والأنشطة 27 ألف دولار من ميزانية تزيد على نصف مليون دولار.. وتتكرر المأساة فى باقى مكاتب وبعثات الجامعة فى الخارج (36 مكتبا وبعثة).

إن جملة ميزانيات تلك المكاتب والبعثات تقترب من العشرين مليون دولار (بالتحديد 19344997 دولارا) ينفق أقل من واحد على عشرين منها على الأنشطة والبرامج (990608 دولارات) وينفق على الإيجار والمصروفات العامة 7295000 ألف دولار.. وعلى الموظفين 11مليونا و59 ألفا و389 دولارا، وتمادت الأمانة العامة فى تعيين عدد كبير من الموظفين فى تلك المكاتب.. تونس 29 موظفا.. واشنطن 8 موظفين.. نيويورك 15 موظفا.. أديس أبابا 12 موظفا.. مثلا.

ويكلف مكتب المقاطعة فى دمشق الجامعة 255247 دولارا سنويا دون أن يفعل شيئا خاصة أنه نقل إلى بيروت.. ويكلف مركز المياه فى دمشق نحو ربع مليون دولار دون عائد أو مبرر.. وكلف مركز البحوث والدراسات فى بيروت نحو ثلاثة ملايين دولار.. دون جدوى.

هنا يمكن القول بأن الجامعة العربية تحولت من جامعة سياسية إلى جامعة عمالية.

وربما.. لهذا السبب أوصى تقرير لجنة إصلاح وتطوير الجامعة التى رأسها الأخضر الإبراهيمى بتقليص عدد هذه المكاتب والبعثات لتكون فقط فى العواصم التى تستضيف منظمات إقليمية ودولية بجانب عدد محدود من العواصم المهمة.. واستجابة لتلك التوصية أغلق مكتب نيروبى وحده وبعد فترة وجيزة أعيد افتتاحه.

وردت الأمانة العامة على طلب إغلاق مكاتب الجامعة فى عواصم مختلفة بأن ذلك سيبعث برسالة سلبية لتلك العواصم وهى حجة تثير من السخرية أكثر ما توحى بالجدية.. فلا أحد يشعر بوجود مكاتب الجامعة حتى يشعر بغيابها.

وما يثير الدهشة أن مكتب الجامعة فى الأرجنتين تعرض لسرقة أمواله ووثائقه واتهمت موظفة متعاقدة بالجريمة ولم تتحرك الجامعة إلا بعد سنة.

لقد أوصت كل تقارير الإصلاح بإعادة النظر فى بعثات الجامعة فى الخارج.. عددا.. ودورا.. وبرامج.. دون زيادة الموارد.. لكن.. لا حياة فيمن تنادى.

وحسب نفس التقارير: تعانى الأمانة العامة من مشكلات وظيفية وإدارية تراكمت مؤخرا ولم تفلح محاولات الإصلاح أو إعادة الهيكلة فى معالجتها.. منها :

* غلبة اعتبارات المجاملة على اعتبارات الكفاءة فى التعيينات وغياب سياسات واضحة ومعايير شفافة للتوظيف والترقى.

* غياب التدريب بشكل يكاد يكون كاملا وقصور المستوى الفنى للعاملين وضعف العلاقة بين الأداء والتقدم المهنى.

* عدم وضوح توصيف المهام التى تضطلع بها الوحدات وغياب التنسيق بينها وعملها كأنها جزر مستقلة بما يؤدى إلى اختلاط الاختصاصات والتضارب فى الأعمال.

* انقلاب الهرم الوظيفى وغياب التوازن بين عدد العاملين فى الوحدات المختلفة.

* طول المدد القصوى لشاغلى المناصب العليا وأحيانا عدم تحديدها وعدم الالتزام بتطبيقها إن وجدت.

* مركزية اتخاذ القرار وتهميش الوحدات الأبعد عن المركز.

ويحرص نبيل العربى على استبعاد مندوبى الدول الأعضاء عن اجتماعات وزراء الخارجية العرب لأنهم يتصدون له عند بحث الأمور المالية والإدارية لإلمامهم بها.

وحسب علمى فإن نبيل العربى يجس نبض الدول الأعضاء بواسطة شخصيات يطلقها فى القاعة لمعرفة من سيحضر موائد العشاء التى يقيمها فلا يوجه الدعوة لمن يتأكد عدم حضوره.. وسمعت من أحد الوزراء أنه عاتبه بشدة قائلا: «هل الدعوات توجه للأشخاص أم للدول؟».. ولم يجد الأمين العام ما يرد به.. حرجا.

إن نبيل العربى كان دبلوماسيا فى الظل.. يغرق فى الدراسات والبحوث القانونية.. دون أن يتمتع بشخصية تناسب تعيينه وزيرا للخارجية.. فجرى تخطيه وعين عمرو موسى وأحمد ماهر وأحمد أبوالغيط.. وفى ظرف استثنائى بعد ثورة يناير وجد طريقه إلى المنصب.. وتركه ليتولى أمانة الجامعة العربية.. معبرا عن مزيد من الضعف والعجز والفشل فى أن يحافظ على المستوى السياسى المتواضع الذى تسلم الجامعة عليه.. بل.. ضاعف من انهيارها فى وقت اشتدت الحاجة إليها.. ليظل همه الوحيد الفوز بأطول مدة له ولأصحابه فى المنجم الذى وجدوا أنفسهم فيه.