على فين يا خال؟

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


صارع المرض بقدر استطاعته.

صارعه، لأنه جسور، لا لرغبة فى الحياة.. أو لحلاوة روح، دبت فيه فجأة.

صارعه، كى لا يقولوا إن الأبنودى، مات مستسلما.. وهو أبدا.. لم يعرف اليأس والاستسلام.

لم يخش أن يترك دولة العواجيز، فقبله بـ30 عاماً تركها جاهين، فى نفس يوم وفاته، وكأنهما تواعدا فى عالم آخر، يبقى فيه الشباب شبابا.

عدى نهار المصرى الأصيل، من لمس سماء السلطة وتراب الشعب، فتحول إلى شاعر لملم حب الناس فى عقد زين رقبته التى لم تعرف الانحناء.

لم ينحن لسلطة، ولم يخدع شعبا، لذا تهرب الكلمات، فأى كلمات تصف شاعرا فى حجمه، ووطنيا فى قامته.

عبد الرحمن الأبنودى لم يكن مجرد شاعر، بينما كان ضميرا لوطن كساه السواد، فى نكسة موجعة.

وكانت أشعاره بصيص النور فى نفق مظلم، فى أيام طويلة سبقت انتصاراً أعاد مصر إلى مكانها الطبيعى، ومكانتها.

رسم الأبنودى ضحكة المساجين، وخز بكلماته الضمائر الساكنة، حرر الكثيرين من سجنهم وعبوديتهم للحاكم، قبل أن يتحرر من الروح التى رفعته إلى مكانة أرفع.

لم يذهب الأبنودى إلى دار الحق وهو على باطل، لم يمسك متلبسا بتهمة مجاملة أو مداهنة، لم يتآمر بكلماته على وطنه وناسه مثل الكثيرين، دافع عن البسطاء، ولم يشرب كأس الشهرة من دمائهم.

آخر ما قد يقال عن عبدالرحمن الأبنودى كلمات، كتبتها يداه: «أول ما يجيك الموت.. افتح..

أول ما ينادى عليك اجلع..

أنت الكسبان..

حبيبى أنت ياعبد الرحمن..

والله حبيبى وتتحب..

مش زى ولاد الكلب».