"تركيا" تستخدم "داعش" في تفتيت سوريا

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

استكمالا لسلسلة التوترات التي تلاحق بلدان العالم جاءت التوترات السورية التركية لتخصص لها مكانا وسط الساحة المليئة بالكثير من الإضطرابات، فنجد أن أهم ما يميز العلاقات السورية التركية هو التقارب والتنافر المستمر في العلاقات بينهما في القرون الماضية وحتى الآن، ونجد أخر ما توصلت إليه العلاقات الآن، هو إن سوريا قامت في 22 يونيو، بإسقاط طائرة عسكرية تركية بالقرب من الحدود المشتركة بين البلدين، وأعلن رئيس الوزاء التركي أن سوريا أسقطت الطائرة التركية، التي لم تكن تحمل أسلحة، دون تحذير وبشكل عدواني، مضيفاً أن بلاده تحتفظ بحق الرد على الواقعة.

وسرعان ما جاء الرد حيث أعلن الجيش التركي أنه أسقط مروحية عسكرية سورية اخترقت الأجواء التركية، فيما قال التلفزيون السوري الرسمي إن الطائرة التي سقطت هي "طائرة استطلاع صغيرة يتم التحكم فيها عند بعد.

- تاريخ العلاقات السورية التركية

وفي رصد "الفجر" لتاريخ العلاقات السورية التركية نجدها علاقات اتسمت بالتوتر ثم التقارب ثم التوتر مرة أخرى، كدليل على عدم توازن العلاقات بين البلدين، حيث أن بداية العلاقات كانت بالتوتر منذ ما قبل استقلال سوريا عام 1945، حتى نهايات القرن الماضي، ولعل أكثر المواقف توترا هو حشد القوات العسكرية التركية على الحدود السورية، وحدث هذا بشكل واضح مرتين، الأولى عام 1957 بعد تأسيس حلف بغداد وانضمام سورية إلى مصر في شجب هذا الحلف وإدانة سياساته، واتباع سياسة تقدمية كانت معادية للنفوذ الأمريكي المتنامي في المنطقة بعد تراجع النفوذين الفرنسي والبريطاني، مما زاد التحالف السياسي المصري  السوري قوة، ويرى البعض أن هذه التهديدات سارعت في قيام الوحدة السورية المصرية تفادياً لأي غزو محتمل لسورية.

أما المرة الثانية فكانت عام 1998 وكان هدفها إلزام الحكومة السورية بطرد عبد الله أوجلان وإغلاق مقراته العسكرية وهذا ما فعلته السلطات السورية.

- أسباب العلاقات المتوترة

تتمثل المشاكل بين سوريا وتركيا في "المياة، والأكراد، والعلاقات الخارجية لكلا من البلدين، والملف الحدودي، والتعاملات مع الهيمنة العالمية،

* المياة والتنافر التركي السوري

ففي البداية نجد مشكلة المياه جزءاً أساسياً في العلاقات المتوترة بين أنقرة ودمشق، إذ إن تركيا هي الدولة المنبع لنهري دجلة والفرات اللذين يمران عبر الأراضي السورية والعراقية.

وخلال عقود، استمرت تركيا في إقامة السدود على النهرين، غير أن مشروع الأناضول الجنوبي الشرقي المتمثل بإقامة سد ضخم على الفرات شكل ذروة مشكلة المياه بين البلدين.

*خطر تركي إسرائيلي..وخطر سوري يوناني قبرصي

ونجد أيضا أن العلاقات السورية التركية توترت بسبب تنامي التعاون العسكري بين تركيا واسرائيل، حيث أن القيادة السياسية السورية تنظر إلى ذلك التنامي بإنه يهدد أمنها، ويشكل ضغطا إستراتيجيا عليها في مختلف المجالات، وتراه خطرا يهدد الأمن الإستراتيجي القومي العربي.

بالمقابل، كانت تركيا تتهم الحكومة السورية بإيواء وتدريب عناصر حزب العمال الكردستاني، وأنه يستخدم "الورقة الكردية" لزعزعة أمنها، إضافة إلى أنها كانت تنظر بريبة للعلاقات السياسية وللتعاون السوري اليوناني والعلاقات مع الشطر اليوناني من قبرص.

- الملف الحدودي بين النزاع والتقارب

أما ملف الحدود فهو يتضمن النزاع على الجغرافيا في ما يخص لواء إسكندرونة والأراضي الأخرى التي احتلتها تركيا، وضمتها إليها خلال النصف الأول من القرن العشرين، كما نجد أن كلا من تركيا وسوريا تسعى بأن لا يتسبب ذلك الملف في نزاع عسكري أو  تحكيم دولي، وهو ما يعتبر إحدى عوامل التقارب بين أنقرة ودمشق.

- اختلاف تركي سوري مع الهيمنة العالمية

ونجد سوريا تنتهج سياسة "فك الارتباط" مع نظام الهيمنة العالمي، بينما تنتهج تركيا سياسة "الاندماج" فيه.

عامل القومية

وهناك عامل القومية، الذي يشكل عامل توتر في العلاقات السورية التركية، من جهة شعور تركيا بتفوق نسبي في المعيار القومي، نظرًا لصعوبة التضامن العربي مع سوريا، في حين تعي سوريا هشاشة النسيج الإثني في تركيا، وقابليته للتفكك والاضطراب.

- قمة توتر العلاقات بين البلدين

وظل التوتر طاغياً على العلاقة بين الجانبين حتى أكتوبر من عام 1998، عندما طردت سوريا زعيم حزب العمال الكردستاني، عبدالله أوجلان، من أراضيها، إثر تهديدات تركيا بالتدخل العسكري في سوريا.

-التحول الأول في تاريخ العلاقات التركية السورية

وبعد كل تلك التوترات جاء اتفاق أضنة الأمني عام 1998 ليشكل "نقطة تحول" رئيسية في مسار العلاقات بين سوريا وتركيا، وتحديداً منذ فبراير 1999، اتخذت العلاقات منحى إيجابياً تصاعدياً.

وتحولت العلاقة بين البلدين من ذروة التوتر إلى "نقطة التقارب" التدريجي إلى أن وصل إلى "حوار إستراتيجي" كان من نتائجه تفكيك عدد من عقد الحرب الباردة بينهما، وكذلك عقد وأزمات الحرب المائية والمسألة الكردية، ومن ثم الدخول في اتفاقات اقتصادية وإعلامية وثقافية وتعليمية وسياحية.

وفي يونيو 2000، زار الرئيس التركي السابق أحمد نجدت سيزار دمشق للمشاركة في تشييع جنازة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، ومع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002 جاءت التحولات الأبرز في العلاقات التركية السورية، وتوجت في يناير من عام 2004 بقيام الرئيس السوري بشار الأسد بأول زيارة رسمية إلى تركيا.

ثم توج التفاهم والتقارب السوري التركي باتفاق إلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين وتشكيل مجلس تعاون إستراتيجي والتوقيع على عدد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية. ففي ذلك العام، تم التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، وهي الاتفاقية التي شرع بتطبيقها عام 2007، وفي ذلك السياق جاء اتفاق فتح الحدود بين البلدين.

وفي عام 2007، قام الرئيس السوري بزيارة أخرى لأنقرة، وتبعها بزيارة أخرى في سبتمبر عام 2009، بينما قام الرئيس التركي عبدالله غل بزيارة دمشق في العام نفسه.

وامتد التفاهم بين البلدين إلى حد لعب تركيا دور الوسيط في المفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل التي جرت في إسطنبول في عام 2008.

وكان عام 2009 أحد أبرز المحطات في تاريخ العلاقات "الإيجابية" بين أنقرة ودمشق، ففيه تم إنشاء "مجلس التعاون الاستراتيجي"، وفي العام نفسه أجرت الدولتان مناورات عسكرية مشتركة "غير مسبوقة" اعتبرت مؤشراً على التطور المضطرد في العلاقات والتعاون بينهما.

وظلت العلاقات بين الجانبين تتطور إيجابياً إلى أن بدأت الانتفاضة في سوريا في مارس 2011، حين فر نحو 3 آلاف سوري عبر الحدود التركية هرباً من العنف الذي قوبلت به الانتفاضة.

- التحول الثاني في تاريخ العلاقات التركية السورية

ويشهد  يونيو عام 2011 تاريخ التحول الثاني في العلاقات التركيةالسورية، فبعد التقارب، جاء التوتر مرة أخى حين وصف أردوغان في تصريح لوكالة أنباء الأناضول السلطات السورية بأنها تتعامل بـ"وحشية" مع المواطنين السوريين، وفي وقت لاحق أعلن أرودغان ووزير خارجيته، أحمد داود أوغلو، تعليق العلاقات والاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.

وفي أبريل 2012، استدعت أنقرة الملحق العسكري السوري لديها بعد أن أطلقت القوات السورية النار على سوريين داخل الأراضي التركية، ما أدى إلى مقتل شخصين.

وفي 22 يونيو، قامت سوريا بإسقاط طائرة عسكرية تركية بالقرب من الحدود المشتركة بين البلدين، وأعلن رئيس الوزاء التركي أن سوريا أسقطت الطائرة التركية، التي لم تكن تحمل أسلحة، دون تحذير وبشكل عدواني، مضيفاً أن بلاده تحتفظ بحق الرد على الواقعة.

وأمس قامت تركيا بالرد حيث أعلن الجيش التركي أنه أسقط مروحية عسكرية سورية اخترقت الأجواء التركية، فيما قال التلفزيون السوري الرسمي إن الطائرة التي سقطت هي "طائرة استطلاع صغيرة يتم التحكم فيها عند بعد.

- الخطة التركية للقضاء على سوريا

وعقب تاريخ أنقرة ودمشق الملئ بالكثير من المفاجأت والمتغيرات بين التوافق والتباين قال الدكتور"هاني الجمل" المحلل السياسي، أن العلاقات مازالت في حالة توتر منذ زمن، لافتًا أن محالة خروج نظام بشار الأسد من المعادلة السورية تعد نوع من أنواع المكسب الذي تحاول تركيا كسبه ، وذلك في إطار إزاحة وتفكيك المصانع السورية.

وأضاف "الجمل" المحلل السياسي، أن سوريًا الآن  تعد العائق للتواجد التركي في المنطقة، بالإضافة أن أنهم حاولوا القضاء علي نظام الأسد بشتي الطرق ومن بينها تمرير تنظيم داعش الإرهابية ، وإحياء الخلافة العثمانية من خلال التمرير من سوريا الي مصر الي لبنان وصولاً بتونس، مؤكدا أن تركيا ساندت ودعمت التنظيم الإرهابي داعش للقضاء على سوريا وتفتيتها لتحقيق الحلم التركي في السيادة وإحياء الخلافة العثمانية من جديد.