مستشفى العباسية.. " خذوا الحكمة من أفواه المجانين"

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


مليونير يدفن بمقابر الصدقة ومجنون يقتحم وزارة الإستثمار فى وجود محلب .. وأمين شرطة يجرى عاريا بالشارع

حارس بالمستشفى: نسبة النساء تفوق الرجال.. والمرضى زادوا بعد الثورة.. والقسم السياسى خط أحمر


مكان ربما يخاف الكثيرون من الإقتراب منه، بمجرد ذكر اسمه ينتابك حالة من الخوف أو السخرية التى أرتبطت بالصورة الذهنية لدى البعض عنه، والمنقوله عن أفلام "إسماعيل يس" وهو يحمل غطاء إناء فوق رأسة ويدخل فى الرقص و اللهو بطريقة جنونية،، هذا المكان "مستشفى العباسية" او كما يسميها البعض "السراية الصفراء " التى ينظر معظمنا اليها من بعيد دون أن نعرف حقيقة ما يدور بداخلها سوى انها "مستشفى المجانين"، الكائنه بميدان العباسية و المطلاه باللون الأصفر، و هذا سبب تسميتها "بالسرايا الصفراء".

ما أن تطأ قدمك هذا المكان تشعر وكأنك إنفصلت عن عالم العقلاء بضجيجه وزيفه ونفاقه، والمفارقة العجيبة أن العديد من المرضى بالداخل فضلوا الإنفصال عن العالم الخارجي، وقضاء ما تبقى لهم من حياتهم بالمستشفى. 

وأكد حارس بالمستشفى على أن نظرته للحياة أختلفت تماما بعد أن بدأ العمل فى مستشفى العباسية قائلاً :"كأنى لم أعيش من قبل".

مشيراً إلى أن يومه بالمستشفى يمر كأى موظف أخر ولكنها تختلف فى قصص وحكايات المرضى التى تصنع ملحمة درامية تفوق الخيال إذا ما نسجناها معا، قائلاً :"جلست مع حالات عديدة من الصعب التصديق بأنهم مرضى، وبعض الحالات تفوق فى قسوتها وغرابتها الأفلام و المسلسلات".

روى الحارس العديد من القصص و الحكايات التى يختلف أبطالها، بداية من فتاة فى عمر الزهور دخلت فى براثن الإدمان، أو كهل دفع به جحود أبنائه إلى طريق الطمع فى ثروته ودفنه فى مقابر الصدقة فى النهاية، وأمين شرطة وصل للجنون والجرى عارياً فى الشارع، تتشابة الحالات فى مأسويتها و لكنها تختلف فى التفاصيل.

وفي موقف طريف تعرض الحارس "للصفع على وجهه من مريض طلب منه سيجارة فرفض، فقام المريض بسبه و صفعه على وجهه، ثم عاد المريض ليكرر طلب السيجارة فأعطاها الحارس له فما كان من المريض إلا أن قام بسبه مرة أخرى".

ويذكر الحارس واقعة أخرى وهى قيام أحد المرضى بإعتلاء سور وزارة الإستثمار الذى صادف وجود "إبراهيم محلب" رئيس الوزراء فى نفس التوقيت، مما حدا بضباط الأمن برفع أجزاء الآلى عليه و كادوا يطلقون النيران عليه لولا تدخل الأمن وطاقم التمريض لافتاً أن هذه الواقعه تكررت كثيرا.

وأكد حارس المستشفى على أن هناك قسم أخر ممنوع الإقتراب منه ويخضع لحراسة مشددة، كما وصف القسم السياسى بالمستشفى و الذى يضم كبار رجال الدولة و لا يعرف أحد أى شيئاً عنه سوى أنه مكان محظور حتى الحديث عنه ويخضع لحراسة من وزارة الداخلية.

 وأشار حارس المستشفى، أن عدد المرضى النفسيين زاد بشكل ملحوظ بعد الثورة وخصوصا حالات قسم الإدمان، مضيفاً أن هناك حالات قد تمكث طيلة حياتها بالمستشفى مثل المرأة اليهودية التى مكثت 45 عاما، وقد يمكث آخرون 20 أو 30 عاما وقد يتشافى البعض و يخرج للحياة مرة أخرى.

موضحاً أن معظم العاملين بالمستشفى أصبحت "أعصابهم خفيفة"، على حد تعبيره نتيجة التعامل مع المرضى النفسيين و تأثروا بهم.

وأضاف أن صورة الطبيب النفسى تختلف عن الصورة التى تظهر فى المسلسلات فهى مبالغ فيها بشكل كبير، لافتاً أن عدد المرضى فى العنابر حسب مساحته و حالة المريض، ويتم إيداع السيدات اللاتي يمثلن الغالبية العظمى بالمستشفى فى عنابر منفصله عن الرجال.

وأختتم  الحارس حديثه بقوله "أشعر بالتعاطف معهم و أخذ العديد من العبر من قصصهم وأتعلم منها".