الجديد فى تشخيص وعلاج الروماتويد

الفجر الطبي


شهد مرض الروماتويد - وأهو أحد أكثر الأمراض الروماتيزمية انتشاراً وخطورة - تطورات بالغة الأهمية فى السنوات القليلة الماضية. حدثت التطورات فى العديد من الاتجاهات، وبدأت بعد إثبات أهمية التشخيص المبكر فى منع مضاعفات المرض فضلاً عن إثبات إمكانية تغيير مسار المرض إذا بدأ العلاج الفعال فى الوقت المناسب (وهو الفترة المبكرة من المرض) وخاصة فى اتجاه منع حدوث الإعاقات البدنية والوظيفية، وقد تبع ذلك مباشرةً تقدم فى اتجاهين متلازمين؛ الأول هو استنباط عدد كبير من الأدوية الحديثة بالغة الفاعلية (وهو ما يعرف بالعلاج البيولوجى أو العلاج الموجه ضد مواد معينة تسبب المرض ومضاعفاته)، وقد تم ذلك بعد الاكتشافات الحديثة فى طريقة حدوث المرض وتطور علم البيولوجيا الجزيئية، والتطور الآخر حدث فى اتجاه كيفية التأكد من تشخيص المرض بوسائل حديثة معملية وبالأشعة والموجات فوق الصوتية. على سبيل المثال، أكدت دراسات متعددة أن أحد التحاليل الحديثة قد يؤكد وجود المرض فى المرحلة المبكرة جداً بل وحتى قبل سنوات من ظهور الأعراض الكاملة للروماتويد.

ومن التطورات الحديثة أيضاً معرفة عدة دلائل يمكنها التنبؤ بمسار مرض الروماتويد، وبذلك يمكن، عند وجود دلائل للمرض العنيف، التدخل بالعلاجات الحديثة لمنع الأضرار المستقبلية، كما تم استباط وسائل قياس محددة وقاطعة لدرجة نشاط ومدى شدة وعنف المرض، وبذلك أمكن التأكد أولاً من فاعلية العقارات المتعددة لعلاج المرض، كما تبع استباط وسائل قياس المرض حدوث تطور مذهل فى طريقة العلاج، فيما يُعرف الآن بين أطباء الروماتيزم بخطة «العلاج بالأهداف»، وهى تشمل وجود هدف محدد لعلاج المريض ليس فقط عن طريق تحسين الأعراض أو إخفاء شكوى المرضى، وإنما عن طريق الوصول لهدف محدد يمكن قياسه بمعايير محددة. عند الوصول لهذا الهدف تختفى كافة مظاهر المرض من آلام وأورام مفصلية وإعاقات وغيرها، ثم الأهم هو عدم حدوث تطورات مستقبلية خطيرة حتى بعد سنوات عديدة. وقد قامت الجمعيتان الأوروبية والأمريكية للروماتيزم بوضع بروتوكولات علاجية محددة تهدف للوصول لهذا الهدف القياسى فى خطوات متتابعة تصلح وتستخدم طبقاً لحالة كل مريض.

ورغم كل هذه التطورات الحديثة الهامة ما زلنا نرى العديد من المرضى لا يعالجون كما يجب وبهم الكثير من الإعاقات، والسبب الرئيسى يرجع للتأخر فى بدء العلاج الصحيح كنتيجة مباشرة لتأخير التشخيص وعدم كفاءة، وربما عدم دراية الكثير من غير المتخصصين فى علاج المرض بالتطورات الحديثة فى العلاج، وقد ينتشر بين العديد من البسطاء استخدام وسائل وهمية غير معتمدة طبياً للعلاج مما يلحق بالمرضى ضرراً بالغاً قد لا يمكن تداركه، كما قد تؤخر الظروف الاقتصادية فى مصرنا الحبيبة استخدام الأدوية الحديثة نظراً لارتفاع أسعارها. وفى هذا السياق لا بد من الإشادة بمبادرة وزارة الصحة فى تفهُّم أهمية الأدوية الحديثة والبدء فى اتخاذ خطوات جادة وفعالة ومحددة نحو توفير هذه الأدوية للمرضى غير القادرين من الحالات الخطيرة بالروماتويد وغيره من الأمراض الروماتيزمية مما سينعكس بالإيجاب عليهم. هذا وقد أوضحت دراسات عديدة أنه حتى مع ارتفاع تكلفة الأدوية الحديثة فإن المحصلة النهائية هى عدم حدوث تطور أو تدهور فى مسار المرض على مر السنين مما يوفر فى نفقات العلاج ككل وذلك لانخفاض أو انعدام الحاجة مثلاً لجراحات تغيير المفاصل وتكلفة التأهيل والوسائل المساعدة والتعويضات والمعاشات... إلخ، فضلاً عن بقاء المريض كعضو نافع فى المجتمع.

انقرض هذا المشهد بفضل علاجات الروماتويد الحديثة ولكنه ما زال فى مصر للأسف.