إيمان كمال تكتب: التصنيف العمرى هو الحل

مقالات الرأي



■ إهانة أطفال مصر بمشاهد الجنس والدم والشتائم

منذ عامين قرر صناع مسلسل «موجة حارة» التنويه بأن العمل لا يناسب إلا البالغين وذلك بسبب المشاهد القاسية والحادة التى قد يتضمنها العمل، وكانت سابقة أولى من نوعها فى الدراما المصرية على عكس الدراما الأمريكية التى تنتهج التصنيف العمرى لكل الأعمال المعروضة على شاشاتها، فبدلا من تركيز الرقابة على مشاهد القبلات والأحضان كما هو الحال فى مصر، كانت الرقابة العالمية أكثر حسما بالتركيز على الأعمال التى تتناسب مع مراحل عمرية مختلفة.

إلا أن هذا التنويه اختفى تماما من دراما 2015 بالرغم من كم العنف والدم والقتل الذى بدأت به أغلب الأعمال هذا العام.

ففى مسلسل «العهد» نجد «جومر» التى تجسدها شيرين رضا وهى تتفق مع شقيق زوجها خليل على قتله فيتم خنقه ورميه فى الترعة، وفى الحلقات المتتالية لم تنته قصص القتل عند هذا الحد لنجد بأن «سجاج» هنا شيحة وهى تقرر التخلص من أخوالها من أجل الحصول على السلطة وقتل كل من يقف عائقا أمام هذا الهدف سواء كان جدتها وحتى أمها فنجدها فى المشهد تقوم بخنق أمها التى تقدمها سوسن بدر، أما «ريا» صبا مبارك فقامت بقتل والدها فى الحلقة الثالثة للسيطرة هى الأخرى على كفر النسوان.

العمل رائع ومشوق لا يمكن أن نختلف على ذلك، ومسلسلات أخرى اعتمدت على فكرة التشويق والقتل والعنف والدماء مثلما شاهدنا غادة عبدالرازق فى الحلقة الأولى من «الكابوس» حينما ترى رأس ابنها المقطوع وسط أكوام الزبالة حيث تظهر بشخصية صاحبة مقلب قمامة، فيما تحلم طوال الحلقات بالكابوس لحل لغز مقتل ابنها.

نفس الأمر ينطبق على حوارى بوخارست واستيفا وغيرها من الأعمال حتى أنه قلما نجد عملا يبتعد عن العنف.

قد يقول البعض بأننا نعيش فى زمن الدواعش، ولا يمكن فصل الأطفال والمراهقين عما يحدث على أرض الواقع من دماء وحروب وعنف، فالطفل لا يولد فى مجتمع مثالى، وهو أمر حقيقى وبأن الأعمال الفنية ما هى إلا نقل لما يحدث فى الواقع وليس مطلوب منها أن تكون تربوية وهو أمر أيضا صحيح ولا يمكن الجدل فيه، فعرض هذه المشاهد لا يقلل من قيمة العمل الفنى ولا يمكن فرض قيود على الفن بشكل عام.

ولكن لا يزال هناك اختلاف كبير بين علماء النفس فى العالم حول الأضرار التى قد يعانيها المشاهد خاصة إذا كان صغير السن من الأعمال الفنية التى تتضمن مشاهد عنف أو إجرامية أو دماء غزيرة، فهل ستتولد بداخله طاقات إجرامية، أم هل سيصبح مضطرباً نفسيا، أم بالضرورة سيقوم بتطبيق ما يشاهده على عائلته وأصدقائه، حتى أن بعضهم يذهب للطبيب النفسى للعلاج.

يقول المثل الدارج «الوقاية خير من العلاج» فبدلا من خلق جيل ملىء بالأمراض النفسية ما الضرر إذا اهتم المسئولون عن الدراما بعمل تصنيف عمرى للأعمال الدرامية دون التحكم فى المحتوى الذى تتضمنه هذه المسلسلات حيث إننا بالتأكيد ضد فرض وصاية على الأعمال الفنية بمختلف وسائطها، على أن يكون هناك تقييم لما يجب مشاهدته فى المراحل العمرية سواء فى الطفولة مرورا بسن المراهقة.

على أن يسير التصنيف العمرى بالتوازى مع اعتماد أجهزة استقبال ذكية تمنع عرض المواد المصنفة إلا بإشراف الأهل.