"ممرات السنونو".. قصائد تمشي على الصراط بين الرومانسية وامتلاك الحكمة

الفجر الفني

بوابة الفجر


يصوغ الشاعر السعودي العاصي بن فهيد قصائد ديوانه الجديد "ممرات السنونو" بتلقائية تبعد القصائد عن الوقوع في فخ الاستسهال الرومانسي وبمهارة تنقذ الشعر من قبضة "الذهنية" إذا ما حاول ادعاء الحكمة.

وصيغت كثير من قصائد الديوان بأقل عدد من الكلمات حتى أن بعضها لا يزيد مع العنوان على عشر كلمات كما في قصيدة "حصان في صدري" التي تقول كلماتها.. "آلاف الأميال-أشهقها وأنا بقربك".

والتقشف اللفظي الذي صيغت به القصائد أصابت عدواه عناوينها أيضا حيث اكتفى أغلب عناوين القصائد بكلمة واحدة ومنها "حقيقة" و"أشباه" و"شاعرة" و"كتاب" و"ماكينة" و"أتذكر" و"أبيقوري" و"عودة" و"قدر" التي تقول كلماتها "طاشت حولي سهام كثيرة-سهم واحد نفذ إلى قلبي فأدماه-شكرا لك أيها الصياد-شكرا لك أيتها الحياة".

والديوان الذي يقع في 79 صفحة متوسطة القطع أصدرته دار صفصافة للنشر والتوزيع والدراسات في القاهرة وهو الثالث للشاعر بن فهيد الذي يغرم بما يمكن اعتباره مصادر لإعجابه وإلهامه من مفكرين وشعراء وفلاسفة يهديهم كثيرا من قصائده.

ولكن الفيلسوف الطبيب ابن سينا "980-1037 ميلادية" الذي لم يحظ بإهداء أي قصيدة إليه تصدرت الديوان مقولته "سأتظاهر بنسيانك ليعود قلبي مثلما كان. لكنني أعلم مسبقا أني بذلك أشعر بأن رغبتي أشد وأن حزني أكثر أبدية."

والحانة ترد في كثير من قصائد الديوان أحيانا بعنوان صريح كما في قصيدة "في الحانة" التي تعد مسرحا لصنوف من الناس ومنهم "عشاق وصرعى-شعراء وفنانون-ثوار رفعوا الراية البيضاء-ومن هم على خط النار-في الحانة مغامرون وصعاليك."

وتختفي كائنات الحانة في قصيدة "أفرغني في كأسه" ويحل مكانها تساؤلات يوجهها بطل القصيدة للنادل أو للا أحد وتقول كلماتها "لا أدري أي سكران أفرغني في كأسه ليلة البارحة-ولم يبق مني في قاع الجرة-غير دبق سقطت عليه ذبابة. أيها الساقي إن كنت تعرفه-وهل باب الخمارة مقفل هذا النهار حتى لا أراه؟ ذلك السكران الذي أفرغني في كأسه-ليلة البارحة."

وفي قصيدة "من بعيد" تلتقي كائنات مغتربة لا تتواصل وهي قريبة الشبه بالنماذج البشرية في الحانة ولكنها لا تتبادل الكلام وإن تواطأت على اللقاءات الصامتة..

"التقت عيناهما أكثر من مرة - في المقهى - في محطة الحافلات وفي الشارع.. عدة مرات-وأحيانا في المكتبة. وبالرغم من مرور أكثر من سنة-لم يتبادلا كلمة واحدة-لكنهما يعرفان أنهما لا يلتقيان صدفة". 

وفي نهاية الديوان تأتي قصيدة "براعم الحنظل" وتضم اثنتي عشرة قصيدة قصيرة ومنها "حرية" التي تقول "الشعر بيت الله" و"مرقَص" التي تقول "الديك الجائع لا يؤذن" و"فاترينة" وتقول كلماتها "زهرة بلا شوك-لا تغري يعسوب الجبل".