"الـفـجـر" .. تسرد أغرب حوادث البلطجة فى مصر الثورة


اللواء طلعت مسلم : الرئيس مرسى وعد بإعادة الأمن للشارع المصرى دون تحديد خطته

عالم إجتماع : يوجد لدى البلطجى قناعة بأنه سوف يفلت من العقاب فى ظل غياب الرقابة و تطوير الضمير هو الحل

تشهد مصر حالة من الفوضى و البلطجة و حالات عُنف ، وقتل و سرقة تحت تهديد السلاح و ترويع المواطنين الأبرياء ، بشكل فجّ عقب أحداث ثورة 25 يناير التى أطاحت بالرئيس محمد حسنى مبارك الذى حكّم مصر لمدة 30 عام من الظلم و الفساد و غياب العدالة الاجتماعية .

البلطجة قضية فريدة من نوعها‏ كنا نسمع عنها قليلاً ولكنها الآن أصبحت على مرأى ومسمع الجميع ، فقد ظهرت فجأة في حياة الثورات العربية شخصية البلطجى الذى لم لم يكن له هذا الوجود الصادم ، ولا يفهم أحد لماذا ظهرت الآن؟ ومن أين جاءت في هذا الوقت الحرج من تاريخ هذه الشعوب ؟ .

والغريب أنها ظهرت في كل الثورات العربية وبأسماء مختلفة ، ففي مصر إسمه البلطجي ، وفي تونس إسمه الكلوشار والذي يعني بالفرنسية المتشرد ، وفي سوريا الشبيحة أما في اليمن الشقيق فإن اسمه البلاطجة .

وكلمة بلطجى تعنى الشخص الذي لا يمكن التفاهم معه بالعقل والمنطق، شخص يتمتع بالقوة ويفتقد للعقل ، متهور لا يفكر بعواقب عمله، وغالباً ليس له عمل إلا القتال لمصلحة من يدفع له أكثر .

وكان من قدر الشعوب العربية أن تواجه المصائب حتي في لحظات فرحتها, ولأن المصائب لا تأتي فرادي ، فإن سطوة البلطجية جاءت مع فلول النظم الديكتاتورية التي تحاول جاهدة استخدام هؤلاء الخارجين كأداة قمع خاصة ضد هذه الثورات .

حيث أرجع اللواء طلعت مسلم ، الخبير الأمنى والإستراتيجى ، تزايد حوادث البلطجة بعد ثورة يناير إلى غياب السلطة والإنفلات الأمنى الذى أعقب ثورة يناير حيث أصبح أفراد الشرطة غير مستعدين للمخاطرة لمواجهة أحداث البلطجة .

وقال أن الرئيس مرسى يعد بخطط لإعادة الأمن للشارع المصرى ولا نعرف إلى ما يستند فى هذا الكلام مشيرا أنه أحدث تقدم بطيء فى الملف الأمنى ضمن خطة الـ100 يوم.

وأشار أن إعادة الأمن هو المهمة الأولى لوزارة الداخلية التى أكد على إحتياجها المستمر لإعادة هيكلتها بصورة سليمة وإحتياج ضباط الشرطة إلى التشجيع ورفع روحهم المعنوية ، بجانب تأكيده على ضرورة تلبية الإحتياجات الأساسية للناس حتى تساعد على الأقل تقليل إرتكابهم لحوادث البلطجة أو الإقدام عليها .

وأشار الخبير الأمنى إلى ضرورة وجود نوع من الرقابة العامة على كل الأعمال الحكومية وغيرها من الهيئات والمصالح مشيرا إلى أن هذا لا يمنع البعض من إرتكاب الجرائم قائلا أن الإنسان بطبعه طماع.

بينما قال على ليلة ، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أنه من الطبيعى فى مرحلة الفوضى التى أعقبت ثورة يناير الممثلة فى غياب الشرطة واسترخاء الأمن أن تظهر بعض العناصر الإجرامية ذات الطبيعة الضعيفة ممن وجدوا المناخ ملائم لإرتكاب الجريمة.

مشيراً أنه لكى نخفض معدلات الجريمة فى المجتمع لا بد أن تقوم الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد والكنيسة بإعلاء القيم الإيجابية فى المجتمع وتنشأة الطفل تنشأة سوية بعد أن عمل النظام السابق على إنحرافها خلال 30 سنة مضت.

وندد على ضرورة تطوير الضمير الداخلى للإنسان حيث أن هذا الضمير هو الذى سيمنع البعض من إرتكاب الجرائم ولمساعدة المجتمع فى ذلك لابد من تفعيل القانون بصورة واضحة .

وأرجع عدم رؤيته نجاح خطة الـ100 يوم بشكل كبير إلى عدم جدية المسؤلين فى التعامل مع الأزمة مشيرا أن خطة الـ100 يوم سهل تحقيقها بشرط توافر الحسم والإخلاص فى العمل ،وضرب مثال عن الباعة الجائلين قائلا أنه لوقامت الحكومة بتوفير أماكن محددة لكل بائع للإنتقال إليها سيتم حل المشكلة بصورة سلمية ،ولكن الذى يحدث يعكس عدم الجدية فى التعامل مع المشكلة.

وتنوعت حوادث البلطجة مابين قتل وسرقات بالإكراه وحوادث هتك العرض وتصنيع أسلحة وحرب شوارع بين بلطجية ، والتى أرجعها خبراء أمنيون وعلماء الإجتماع إلى أن غياب السلطة والإنفلات الأمنى بعد ثورة 25 يناير ، مناخ ملائم وجده الكثيرون مناخ رطِّب لإرتكاب ما يحلو لهم من جرائم ، حيث لديهم القناعة بأنه لن يفلت أحد من العقاب حتى أصبحنا نشهد إرتكاب حوادث جديدة من نوعها على المجتمع المصرى .

فأصبحنا نشهد حوادث الإعتداء على الأطباء فى المستشفيات فى ظل عدم وجود حماية من قوات الأمن التى تتحجج بعدم تلقيها أوامر للتدخل أثناء الإشتباكات ، مما جعل نقابة الأطباء تطالب المستشفيات بإغلاق الإستقبال حتى يتم تأمين المستشفيات بشكل لائق مما جعل البلطوالأبيض بعد الثورة سبب فى إهانة الأطباء .

بجانب أننا أصبحنا نرى حرب شوارع بين بلطجية فى بعض المدن الذين يستخدمون الملوتوف والأسلحة النارية ويتم إطلاق النيران بشكل عشوائى على المواطنين وسكان المنطقة،كما حدث بمدينة طنطا بتاريخ 28/7/2012.

فيما إنتشرت السرقات بحقول الفلاحين بسبب إنقطاع الكهرباء كما حدث مؤخرا فى بعض قرى المنيا ، حيث أكد عدد من المواطنين على إنتشار حالات السرقات فى أغلب القرى والنجوع والعزب ، خاصة فى المناطق المتاخمة للطرق السريعة والصحراوية ، حيث تتعرض محاصيل الذرة الشامية والخضروات وحدائق الموالح تتعرض لسرقات مستمرة بسبب انقطاع الكهرباء عن الطرق الرئيسية .

كما أصبحنا نسمع الآن عن ضبط ورش لتصنيع الأسلحة أثناء الحملات الأمنية المكثفة لقوات الشرطة لضبط عدد من العناصر الإجرامية حيث تبين ببعض المناطق قيام عاطلين بمزاولة نشاط أجرامي في مجال تصنيع و تجارة الأسلحة النارية بدون ترخيص بل وصل الأمر الى حد إتخاذهما من مسكنهما مسرحاً لمزاولة نشاطهما الإجرامي .

وحتى وقت قريب جداً وبالتحديد حتى قيام ثورة 25 يناير المجيدة كان صعيد مصر هو المنطقة الوحيدة المشهورة باستخدام وانتشار السلاح لطبيعة المنطقة وانتشار عادة الثأر ، وكان السلاح الآلى أو المدفع الرشاش هو المستخدم والمنتشر بين أبناء الصعيد ونادراً جداً ما تجد سلاح الجرينوف مع بعض العائلات ، لكن مع مرور الوقت وقيام ثورة 25 يناير واقتحام السجون وأقسام الشرطة تم تهريب أكثر من مائة ألف قطعة سلاح ، بين سلاح آلى ورشاش بورسعيد ومسدسات متنوعة الأشكال .

بعدها بأيام قليلة اندلعت الثورة فى ليبيا وفتحت الحدود الغربية للبلاد وأصبحت متاحة للجميع ووجدها البعض فرصة نادرة لتهريب وتخزين السلاح فى مصر، حتى إن بعض الأسر والعائلات سواء فى صعيد مصر أو فى الوجه البحرى أصبحت لا تقتنى السلاح الآلى والبعض ينظر إليه على أنه سلاح خفيف ولا يحمى صاحبه فى المعارك المرتقبة وبدأت العائلات تقتنى أخطر أنواع الأسلحة مثل مضادات الطائرات وصواريخ عابرة للمدن وقاذفات صواريخ .

الأسوأ من ذلك أن بعض عائلات الصعيد أصبحت تقدم الآن هدايا للعائلات الأخرى فى المناسبات طرود ذخيرة أو قنابل يدوية، فقد أصبحت متاحة للجميع وأصبحت العائلات فى الصعيد وفى الوجه البحرى على حد سواء تتفاخر بامتلاكها أخطر أنواع الأسلحة وأصبح السلاح الآلى من الأسلحة التى عفى عليها الزمن.

الغريب فى الأمر بعد قيام الثورة مباشرة ارتفع ثمن الأسلحة نظراً للطلب عليها وبعد أسبوعين بدأت فى الانخفاض بعد سرقة مخازن الأسلحة من السجون ومديريات الأمن وأقسام الشرطة بعدها ارتفعت مرة أخرى ثم بعد ذلك انخفضت بشكل ملحوظ مع عمليات التهريب التى جرت بعد انتهاء الحرب فى ليبيا.

أما عن تصنيع الأسلحة فى مصر فهى أصبحت أكثر وبكثير من صناعة الصابون فقد انتشرت صناعة الأسلحة فى مصر بعد أن كانت فى الماضى تتركز فى أماكن بعينها مثل بعض قرى محافظات قنا وأسيوط والقليوبية والبحيرة أما الآن فحدث ولا حرج فأغلب محافظات مصر الـ27 تنتشر بها ورش تصنيع الأسلحة ، وقد استطاعت أجهزة الأمن خلال ثلاثة أشهر ضبط 16 ورشة لتصنيع الأسلحة وضبط مع أصحابها كميات كبيرة من الأسلحة المصنعة محلياً والتى انخفضت أسعارها فى الأيام الأخيرة بعد قيام ثورة 25 يناير .

كما أصبحنا نسمع عن جرائم قتل تتحول لفتنة سياسية كما حدث فى الشرقية بتاريخ 26/6 بعد مصرع صاحب فرقة موسيقية على يد ملتحين لتتحول الجريمة إلى فتنة سياسية حيث فسرها الأهالى على أن الواقعة حدثت بسبب طبيعة عمل المجنى عليهما، ورغبة الجناة فى منع مثل هذه الحفلات .