«امرأة واحدة تكفى» ناشطات يطالبن بقانون يمنع تعدد الزوجات وأخريات ينادين بتقنين التعدد

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


■ وكيل الأزهر السابق: إذا كان الرجل لديه زوجة محترمة وترعاه وترعى أبناءه وتزوج من أخرى فهو آثم

 فى مقال للشيخ محمد عبده نشرته "الوقائع المصرية" بتاريخ 8 مارس 1881، طالب الحاكم والقائم على الشرع أن يمنع تعدد الزوجات، وعرض فى مقاله تفسيرا واضحا ومنطقيا لبعض الآيات التى تمنع التعدد.

وبالرغم من أن إماماً عظيماً مثلاً "محمد عبده" يعتبره الكثيرون مثلاً وقدوة حسنة تناول الأمر بكل شجاعة وجرأة منذ زمن بعيد، إلا أن مسألة منع تعدد الزوجات تظل حتى  الآن - فى مصر- أمرا شائكا يتخوف الكثيرون من الاقتراب منه أو حتى مناقشته على استحياء. الآن بعد مرور أكثر من 130 عاما على مقال "عبده" فى الوقائع المصرية،  قررنا فتح هذا الملف الشائك الذى لم تطرقه أى دولة عربية سوى تونس والتى أصدرت قانونا يمنع تعدد الزوجات.

"لابد من قانون يجرم تعدد الزوجات"، بهذه الكلمات أبدت فريدة النقاش الكاتبة الصحفية ورئيس مجلس إدارة ملتقى تنمية المرأة، اعتراضها على إشكالية تعدد الزوجات، مؤكدة أن الظروف الحالية قد تكون ليست مواتية للمطالبة بهذا القانون، ولكن لا يجوز أن تمنعنا هذه الظروف من المطالبة بقانون يمنع تعدد الزوجات، بل ونلح بالطلب وذلك على أساس إنسانى وحضارى وثقافى احتراما للمرأة، ورفضا لإهانتها، أو لممارسة العنف ضدها، والزواج الثانى هو نوع من أنواع العنف ضد المرأة، وعلينا أن ندرج تعدد النساء باعتباره عنفاً ضد النساء.

وأضافت أن الإمام محمد عبده فى أواخر القرن الـ19، وهو كان مفتيا للديار المصرية وقتها، قال إن التعدد يمكن إبطاله شرعا، واستند إلى النصوص القرآنية، وبعض أقوال الرسول، وبعض ممارسات الصحابة، وأهم ما استند إليه هو التأثير البغيض لتعدد الزوجات، وتعدد الأبناء من زوجات مختلفات، وكيف يشكل هذا التنافر والصراع بين الزوجات المتعددات وجدان وعقلية الأبناء ويشوه نفسيتهم خصوصا أن الإمام محمد عبده تربى فى أسرة كان أبوه متعدد الزوجات، فهو كتب ذلك طبقا لتجربة شخصية، وظل يبحث ويجتهد فى الفقه والسنة ليجد مبررات شرعية لإبطال تعدد الزوجات.

وترى النقاش أن هناك ملابسات كثيرة منعت طرح هذا الموضوع، لأن اليمين الدينى أخذ يمارس نفوذا ثقافيا ومعنويا واسعا على المصريين، فسنجد مثلا رجلا على سبيل المثال لا يستطيع حتى الزواج من واحدة وتجده يدافع عن تعدد الزوجات لأن عدم التعدد يعتبره إهانة لفحولته وذكورته، مؤكدة أنه من المفترض أن يكون قانون منع تعدد الزوجات جزءاً من مشروع أشمل لتعديل قوانين الأحوال الشخصية، وعلينا أنا نضع قوانين الأحوال الشخصية ضمن منظومة القوانين المعادية للحريات.

كما أن التعدد – والكلام لفريدة النقاش - لن يحل أزمة العنوسة كما يردد البعض لأنها موجودة فى النساء والرجال وسبب العنوسة اقتصادى بحت، وأن من يروج أن أعداد النساء أكثر من الرجل لذلك يباح التعدد فهذا كلام خاطئ، لأن نسبة النساء فى مصر 49% والرجال 51% موضحة أن قانون منع تعدد الزوجات سيمنع الكثير من الأضرار التى تتعرض لها المرأة بسبب تعدد الزوجات.

وقالت عزة سليمان رئيسة مجلس أمناء مؤسسة قضايا المرأة المصرية إنها مع منع تعدد الزوجات، ولكن عندما نضعه ضمن منظومة تغيير كل منظومة قانون الأحوال الشخصية بشكل متكامل لأنه مهلهل وغير عادل للأسرة المصرية، ويجب أن يتم تعديله ككل وليس ترقيع بعض القوانين، ولكن من الممكن كمرحلة أولية أن نطالب بوجود قانون يقنن تعدد الزوجات بمعنى أنه لابد من وجود شروط للتعدد وأن تكون الزوجة الأولى موافقة على هذا الزواج، وإذا أراد الزوج أن يعدد الزوجات فيجب أن يكون لديه قدرة مالية عالية وليس مهملا تجاه بيته وأسرته.

وأضافت: الشريعة الإسلامية تحدثت عن العدل والإنصاف والمساواة، وحينما شرعت التعدد كان بشروط والقرآن قال "ولن تعدلوا"، وعندما منع الرسول صلى الله عليه وسلم سيدنا على بن أبى طالب أن يتزوج على ابنته السيدة فاطمة ليس لأنها ابنته ولكن لأن التعدد ينال من كرامة النساء ولا يصح أن يقول أحد أن الرسول كان متعدد الزوجات لأن الرسول كان صاحب رسالة لها علاقة بالله سبحانه وتعالى، ولا نستطيع أن نساوى بين الرجل العادى وبين الرسول عليه الصلاة والسلام.

 تقول مروة رضوان ناشطة وصاحبة مبادرة المهن غير التقليدية للنساء، أنها ضد فكرة المنع، ولكنها تطالب بقانون يقنن تعدد الزوجات بدون أسباب منطقية، ويجب أيضا موافقة الزوجة الأولى على ذلك، وأن يثبت مقدرته المادية والمعنوية وأن يثبت مقدرته أن يكون زوجاً وأباً لأكثر من أسرة وهذا ما أقره الشرع والإسلام.

وتضيف مروة رضوان، أن تعدد الزوجات يعنى أسر كثيرة وكثافة سكانية ليس لها عدد، ومعناها تقصير فى التربية والأب الذى لديه ابنان لا يستطيع أن يلبى جميع متطلباتهم فينشغل طوال الوقت بالعمل وتبقى الأم مسئولة فقط عن أبنائها وبذلك يكون هناك تفكك أسرى ومن الصعب أن يوفق بين أسرتين، لذلك لابد أن يكون هناك تقنين للتعدد وأن تصدر المحكمة قراراً بالموافقة على الزواج الثانى.

من جانبه يقول محمود عاشور وكيل الأزهر السابق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، إن الله سبحانه وتعالى شرع تعدد الزوجات للضرورة فعلى سبيل المثال إذا كانت الزوجة مريضة أو فى حالة عدم قدرتها على الإنجاب فيكون هناك ضرورة للزواج الثانى وكما اشترط الإسلام العدل، فالشرع أباح الزواج "مثنى وثلاث ورباع "وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة  وهنا اشترط العدل كما قال النبي"، من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل " القضية الحقيقية أن يتزوج إذا كانت الضرورة تقتضى ذلك بشرط أن يعدل بين زوجاته . 

ويرى عاشور أن قانون منع تعدد الزوجات ضد الشريعة وليس شرعيا ولكننا لو طبقنا الشرع كما يجب ففى هذه الحالة لا توجد أى أزمة لأن الرجل فى هذه الحالة لن يتزوج إلا للضرورة وإذا تزوج سيعدل بين زوجاته ويجب أن يكون هناك شروط فى قسيمة الزواج وعليه أن يخطر الزوجة الأولى بزواجه.

ويقول وليد عبد الحميد محامى بالنقض والدستورية العليا ومتخصص فى الأحوال الشخصية، إن قوانين الأحوال الشخصية فى مصر تنقسم إلى قسمين، القسم الأول هو قانون الأحوال الشخصية للمسلمين، والثانى قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين والمصدر الرئيسى لها هو الشريعة المسيحية، والدين الإسلامى يوافق على الزواج بأكثر من زوجة ولا يمنعه والدولة الإسلامية الوحيدة التى تمنع هى تونس فقط، أما بالنسبة لمصر لو صدر قانون يمنع تعدد الزوجات فذلك غير دستورى لأن المادة الثانية للدستور تنص أن مصر دولة إسلامية، وذلك القانون يخالف الشريعة الإسلامية.

ويضيف عبد الحميد، أنه لا يوجد سياسى يجرؤ أن يقدم طلباً لمجلس الشعب يطالبه بسن قانون يمنع تعدد الزوجات، ولا يجرؤ حتى رئيس مجلس الشعب أن يوافق على قانون مثل ذلك حتى لو بعد 100 عام.

وأضاف أن لديه الكثير من القضايا التى تأتيه من بعض السيدات اللاتى تضررن من تعدد الزوجات، فهناك امرأة تزوجت من شخص وبعد عام من الزواج اكتشفت أنه متزوج من 3 سيدات ولديه 11 ابناً من زوجاته فرفعت عليه دعوى طلاق، وحكمت لها المحكمة بالطلاق ولم تحكم المحكمة على الزوج بأى عقوبة لأن القانون لا ينص على صدور أى عقوبة على الرجل فى حالة عدم إبلاغ زوجته الثانية أنه متزوج.