الشفرة السرية لملابس رئيس الجمهورية

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


■ السيسى وبوتين وبشار الأسد ارتدوا اللون الرمادى فى يوم واحد ■ قادة إسرائيل يلبسون «كرافت» لونه أزرق من لون العلم الصهيونى استعراضا للقوة

■ السيسى يفضل الكرافت الأحمر من لون العلم المصرى ■ الإسرائيليون كانوا يسخرون من مبارك لأنه لا يعرف لغة الملابس وكان يرتدى «كرافت» أزرق فى لقاءاته معهم


هل يمكن أن تقرأ ارتداء السيسى وبوتين وبشار الاسد نفس الملابس والألوان فى يوم واحد فى إطار المصادفة؟

هل يمكن أن تقرأ التقارب السياسى الكبير بين الدول الثلاث فى إطار المصادفة أيضا؟

السيسى رجل مخابرات وبوتين أيضا، الاثنان يجيدان لغة العالم السرى، لا يتركان شيئا للمصادفة، السيسى درس فى كلية الحرب الأمريكية عام 2006، وهناك مادة يتم تدريسها هناك لها علاقة بلغة الملابس ولغة الجسد، لذا فالرجل يعى جيدا متى يرتدى نظارة شمس ومتى يخفيها، يعلم كيف يستخدم نبرة صوته، فى حفل إفطار تحيا مصر فى رمضان الماضى كان صوته حادا قويا، أراد أن يرسل لهم رسالة أنهم يجب أن يدفعوا لبلدهم حينما تحتاجهم، فثرواتهم من خير الوطن، لكنه حينما يتحدث مع الشباب فتبدو نبرة صوته هادئة، حينما يتحدث مع الضباط وقادة الجيش تبدو نبرته عسكرية حازمة، كان صوته عنيفا حينما زار سيناء وتحدث من هناك وسط الجنود.

هل تتذكر المشهد الشهير يوم جمعة الغضب الأولى 28 يناير 2011 حينما خرجت سيارة الحرس الجمهورى فى طريقها إلى التليفزيون، أصيبت السيارة بعطل مفاجئ، ونزل الجنود يدفعونها بأيديهم فى مشهد يوضح حال الجيش المصرى وقتها، وكيف وصل بنا الحال إلى تسليم مصر على المفتاح لمحمد مرسى وعشيرته، فقد كان مظهر الجنود يدل أيضا على حالة الإهمال التى عانى منها الجيش طوال فترة المخلوع مبارك، مشاهد لم يشفع لها سوى النزول الثانى للجيش بعد 30 يونيو، فقد ظهرت للمرة الأولى مدرعات ومركبات عسكرية حديثة، الجنود يرتدون ملابس عسكرية نظيفة ومرتبة مع دروع واقية للرصاص، يحملون فى أيديهم أحدث الأسلحة، بنيانهم الجسمانى قوى يؤكد على الكفاءة القتالية، ، لقد بدا الجيش مختلفا هذه المرة، مثل اختلاف شخصيتى السيسى وطنطاوى، المشير طنطاوى والفريق سامى عنان كبيران فى العمر، تعلما فى روسيا، يخفيان أكثر مما يبديان، يميلان إلى العمل فى الظلام، يهويان الاختباء فى الثكنات، السيسى تعلم فى أمريكا، يميل إلى استعراض قدرات الجيش، ويفخر بجنوده ومعداته وهويته وقوميته، وخلال عام واحد كوزير للدفاع نجح فى تطوير ورفع كفاءة القوات المسلحة.

هذا يوضح لنا أن السيسى يفضل استخدام المدرسة الأمريكية فى التعامل، رغم اختلافه العميق مع الولايات المتحدة، هو يفضل أن يستعرض الجيش الطائرات الرافال الفرنسية، ويقيم لها احتفالا شعبيا، يفخر بصفقات السلاح ويتباهى بها أمام العالم، قبله طنطاوى كان من أنصار مدرسة وضع السلاح فى المخازن وإخفائه، وهى طريقة مصرية شهيرة، السيسى يعتبر أن إظهار قدرتنا للآخر وبشكل معلن يردع أى محاولة خبيثة للعبث بالأمن القومى، يعتبر أن هذا يرفع من الروح المعنوية للمصريين.

إن للملابس لغة فى عالم السياسة والمخابرات، القيادات الإسرائيلية حينما تلتقى المسئولين العرب يرتدون «كرافت» لونه أزرق من لون العلم الصهيونى، ويكون هذا بشكل متعمد دائما، لإظهار القوة للطرف الآخر، كانوا يسخرون من مبارك لأنه كان يرتدى ملابسه على الموضة دون أن يعرف دلالات الألوان، من الطبيعى حينما يلتقى نتنياهو مثلا أن يرتدى «كرافت» أحمر من لون العلم المصرى ردا على الـ «كرافت» الأزرق، لكن مبارك كان يرتدى ما يريد دون حسابات، فلم يكن يهتم بكرامة وهيبة بلده، ستجدون نفس القادة الاسرائيليين يرتدون ألوانا أخرى غير الازرق فى معظم لقاءاتهم بالقادة الامريكان، فحينما يرتدى الاسرائيلى الـ«كرافت» الازرق عليك أن تعلم أن هناك توترا بينه وبين نظيره، أو ندية ، أو يريد إرسال رسائل قوة .

مبارك كان يرتدى ملابسه ليس كرئيس جمهورية بل يعتبر نفسه نجم سينما يبحث عن الألوان التى تعجب جمهور الشباك.

السيسى لأنه رجل مخابرات فقد كان يفضل الكرافت الأحمر منذ البدايات وارتداها كثيرا، فهو دائما يؤكد على رسالة مصر القوية، وحينما يقابل رئيسا صديقا فإنه يرتدى الكرافت «الأزرق السماوي» الذى يعبر عن النيل والعلاقة الطيبة، وكان أشهر من ارتدى معه هذا اللون هو الملك السعودى الراحل الملك عبدالله وارتداها أيضا مع ملك الأردن وقادة الامارات .

السيسى التقى بوتين 4 مرات خلال 15 شهرا، وفى المرات الاربع سنجد تقاربا فى ألوان الملابس وصل فى المرة الأخيرة إلى التطابق تقريبا، وهذا يوضح خط سير التقارب المصرى الروسى، والذى وصل إلى قمته فى الزيارة الأخيرة.

فى دلالات الألوان الرمادى لون غامض يوضح أن هناك شيئا ما مجهولا ليس من السهل الكشف عنه، لكن تطابق الملابس بين الرئيسين والألوان يؤكد أن هناك تفاهمات وبداية علاقة جديدة مع روسيا، أعقب هذا صفقات مفاعلات الضبعة النووية وصفقة طائرات الـKA 52 ال50 والتى تعد أقوى من الآباتشى الأمريكية.

وفى نفس اليوم خرج الرئيس السورى بشار الاسد يرتدى نفس الألوان ليؤكد على أهمية علاقة سوريا مع مصر، والدور المحورى الذى تلعبه مصر فى المنطقة، فهناك توافق بين الموقفين المصرى والروسى فى سوريا، ويجب أن تحل مصر بديلا لإيران فى دمشق، ومن مصلحة مصر الحفاظ على الجيش السورى ومواجهة الدواعش.

حينما تكون العلاقات متقاربة بين الدول فإن تنسيق الملابس يتم بين المراسم، ويحدث اتفاق مسبق على الألوان بل وأنواع الملابس نفسها، فالملابس تستطيع أن تقول ما لا يستطيعون أن يصرحوا به للصحف.

السيسى والرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند ارتديا ألوانا متقاربة حينما التقيا، تعبر عن تقارب العلاقات بين مصر وفرنسا، فقد سعت القاهرة إلى كسر الاحتكار الامريكى للسلاح، وتنويع مصادر السلاح، وفرنسا كانت تحتاج أن يشترى جيش كبير مثل الجيش المصرى السلاح الفرنسى، فهذا سيفتح لهم آفاق مبيعات أكبر، فحينما اشترت مصر الرافال تبعتها قطر ثم بدأت الهند بالتفاوض، الجيوش فى العالم تعرف قيمة الجيش المصرى، وحينما يشترى قطعة سلاح فإن هذه شهادة جودة تشجع جيوشا اخرى على الإقبال عليها، لذا سلمت مصر أول دفعة من الطائرات الرافال بعد شهرين من امضاء الصفقة، هذه الطائرات كانت مصنوعة خصيصا لحلف شمال الاطلسى، وتحولت لمصر فورا، وهذا قرار ذكى من فرنسا لفتح أفق جديدة للسلاح الفرنسى.