بالفيديو.. "برقاش".. "سوق للصبر.. ومشاكل مالهاش حصر"

بوابة الفجر


وجهٌ عربي بملامح وتجاعيد حادة يبدو عليه اسمراراً من آثار شمس الصحراء، عبس الجادين المُجهَدين من مشقة وتعب الحياة ويرتدي صاحبه جلباباً واسعاً، كما يجر عدداً كبيراً من الجِمال مربوطة الأرجل.

هذا هو أول مشهد قابلناه في طريقنا لدخول «سوق الجِمَال» بمنطقة «برقاش» التابعة لمركز «منشأة القناطر» والذي يعد أشهر سوق للجمال بالقاهرة والجيزة.

أنشيء سوق «برقاش» منذ نحو عشرين عاماً وكان في السابق «سوق البراجيل»، يقع أعلى جبل يحمل نفس اسمه في منطقة بعيدة نسبياً عن الأحياء السكنية، إذا لم تكن تستقل سيارتك الخاصة فلن تستطيع الوصول إلى هناك إلا من خلال ركوب سيارة نصف نقل توصلك إلى هذا السوق.

بعد دفع رسوم الدخول وعبورك بوابة السوق تشعر وأنك قد سافرت بالزمان والمكان إلى شبه الجزيرة العربية قبل العصر الإسلامي، حيث جِمال كثيرة من مختلف الأشكال والأنواع، أصحابها من مصر وخارجها، ملامحهم تبدوعربية قديمة ويظهر على وجوههم الفخر والتباهي بعدد ما يملكون من جمال كعادة العربي القديم في شبه الجزيرة، كما تختلف لهجاتهم عن لهجتنا العامية، تسمع كلمات ومصطلحات تبدو غريبة ولكنها في الأصل مألوفة لكل من يرتاد هذا السوق؛ ليبيع جماله.

يتكون السوق من ثلاثين مكتب للبيع والشراء أصحابها عائلات معروفة بتجارة الجمال منذ زمن ويورثون المهنة لأبنائهم، تتعامل هذه المكاتب مع التجار الراغبين في البيع جيث يتم تسليم الجمال إلى صاحب المكتب والاتفاق معه على السعر وعمولة المكتب ثم عرض الجمال للمزايدة على المتواجدين بحضور صاحبها.

معظم التجار في سوق «برقاش» من الجنوبيين من الصعيد وخاصة قنا وأسوان أو حتى من دول أخرى من السودان والصومال ويعرضون جمال مستوردة أو بلدي يعرفها المتعاملون في الجمال بسهولة، الذي أخبرنا أحدهم: «أسهل علامة تعرف بيها الجمل بلدي أو مستورد هي السنام فالبلدي له سنام واحد والمستورد له سنامين وطبعاً بتفرق البلدي بيبقى سعره أعلى من المستورد».
دخلنا إلى إحدى التجمعات الكبيرة ويلتف بها عدد كبير من مشتري الجمال وفي المنتصف تقف الجمال في دائرة وأرجلها مربوطة، قال لنا الحاج علي صاحبها: «احنا بنيجي هنا دايما يوم الأحد والجمعة عشان دول أيام المزاد في السوق وبنعرض جمالنا كل جمل بيتحط عليه كارت مكتوب عليه مواصفاته، بلدي ولا مستورد، بكر أو قاعود أو كاسر جوز وبيتم تحديد سنه، بنربط أرجل الجمال عشان تبقى حركتها قليلة ومتهيجش على الناس اللي بيجوا السوق، والأسعار بتبدأ من 3 آلاف لحد 10 آلاف جنيه حسب نوع الجمل».

لا يختلف الإقبال كثيراً عند اقتراب عيد الأضحى عن الأيام الأخرى فالجزارين المتعاملين مع الجمال معرفون وإقبالهم على السوق في كل وقت بزيادة بسيطة جداً عند اقتراب العيد.
«اللي بيميز الجِمال عن غيرها من الماشية أنها لا تصاب بأمراض وإذا مرض الجمل بيموت بعدها بأقل من أسبوع، فلحومها مضمونة ولا حُمَى قلاعية ولا إنفلونزا ولذلك فالإقبال عليها في كل وقت وسعرها أرخص من باقي الماشية الكيلو بيبدأ من 35 جنيه» هكذا أخبرنا صاحب مكتب بيع بالسوق.
يعتبر سوق «برقاش» مصدر رزق لعدد كبير من الناس سواء من التجار أو الجزارين أو أصحاب المكاتب الوسيطة، أو حتى أصحاب الأسواق الصغيرة المجاورة والتي تبيع السكاكين والمستلزمات الخاصة بالجمال، أو حتى احتياجات أصحاب المكاتب العادية من مأكل ومشرب، ينتهي السوق في الثانية ظهراً ويغادر التجار والجزارين كل بما باعه وحصل على ربحه أو اشتراه لذبحه ليأتوا مرة أخرى للبيع أو الشراء.