بارليف.. أسطورة زائفة انهارت على "أدمغة الصهاينة" (تقرير)

تقارير وحوارات

أرشيفية
أرشيفية


ينشغل الاحتلال الإسرائيلي دائمًا بالتحصينات الدفاعية.. شيّد خط بارليف قبل حرب 1973على طول الساحل الشرقي، لقناة السويس لتأمين الضفة الشرقية ومنع عبور أي قوات مصرية خلالها، إلا أن القوات المصرية استطاعت تحطيم وتبديد وهم الأسطورة المزعومة.

"بارليف" كان أقوى خط دفاعي في التاريخ الحديث يبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء على امتداد الضفة الشرقية للقناة وهو يتكون من خطين من الدشم المنفصلة، إلا أنه انهار وتحطم تحت أقدام المصريين، وذلك بعد أبحاث عديدة في علوم الفلك والظواهر الطبيعية (المد والجزر وحركة الرمال والقمر) فوق قناة السويس وسيناء وتطبيقها حتى يعطي في النهاية أنسب وقت للهجوم والقتال.

وكان من اليقين أنه لم تدخل المعركة إلا بعد هدم الساتر الترابي الشرقي لقناة السويس، وفي الوقت نفسه هدم الساتر الغربي الذي أقامته قواتنا المسلحة، أي فتح ثغرات في الساترين لإرساء الكباري، ولم تنجح فكرة فتح الثغرات بالصواريخ، حتى توصلوا إلى استخدام طلمبات السد العالي "التوربينية" وزنها يقدر بخمسة أطنان وتدار بمحطة توليد الكهرباء ، فلا يمكن غير إيجادها بجبهة القناة غرب .

انعقدت اجتماعات مشتركة بين المهندسين العسكريين وممثلي القيادة العامة وأستاذة كليات الهندسة للجامعات المصرية، ناقشوا أبحاثاً هيدروليكية، وأدخلوا عليها تطورات مستمرة بهدف إيجاد معادلة جديدة تجيب عن السؤال: "كم يحتاج كل متر مكعب من التربة مياه لهدمة؟ وكم يستغرق من الوقت لتحقيق ذلك؟". 

أجروا حسابات على تخصيص طلمبات لكل فتحة مطلوب إيجادها في الساتر، ارتفاع الفتحة يصل إلى 20 متراً وفي زمن لا يستغرق ثلاث ساعات ولا يزيد على خمس ساعات، وتم تخصيص طلمبات أخرى تعطي 15متراً مكعباً من المياه في الساعة ويمكن تداولها بين الأفراد واستخدموا طلمبة إنجليزية أخري (F W D ) تعطي مائة متراً مكعباً من المياه في الساعة، كما تم طلمبة توربينية وتعطي 250 متراً مكعباً من المياه في الساعة، فقد أجرى 322 تجربة عمليه على هدم الساتر الترابي الذي أقامه العدو، بعد أن أقاموا ساتراً مماثلاً بجوار القناطر.


وأنتجت ورش سلاح المهندسين أجزاء من الكباري اللازمة للعبور، ثم استعانت بمصانع القطاع العام، وأصيب عدد من ضباط السلاح والجنود أثناء التدريب والبعض فقد يديه أو أصابعه حيث إن من المعدات من يبلغ وزنه 600 كيلو.


استخدموا المدفعية الميدانية، ثم قنابل ممرات الطائرات، وأسلحة الضرب المباشر، والمدفعية الصاروخية والمفرقعات مع الضخ بالماء كأسلوب مشترك، وبعد كل تجربة يعيدوا الساتر من جديد إلى مستوي كفاءته قبل الضرب، وكان هذا الساتر يزيد على 15 متراً حتى انتهت إلى أسلوب الضخ بالماء فقط لما أظهره من نتائج في صلاحيات الفتحات أو الممرات كي تمر وتعبر الدبابات المصرية والقوات الميكانيكية في عرباتها المدرعة، وتم التأكيد على حجم الوقت الذي يستغرقه في فتح الثغرات بالساتر أكثر من مرة بواسطة الطلمبات النفاثة، وأجرى المهندسين دراساتهم على نوعية من هذا الجبل الترابي "خط برليف" لإيجاد الأسلوب الأمثل بعد فتح الثغرات في الساتر حتى لا تعوق الجنود في إرساء الكباري.

وذكرت كُتب بعض الخبراء في أبحاثهم العسكرية قبل 6 أكتوبر 1973 بخصوص خط برليف بأيام قليلة، أن اقتحام الساتر الترابي الشرقي لقناة السويس وإقامة كباري للعبور لابد أن تستغرق 48 ساعة لدى قوات تتمتع بأقصى كفاءة عسكرية، ولكن اختصر المهندسون المصريون هذا الزمن إلى 5 ساعات فقط.

ابتكر عدد من المهندسين المصرين كباري صناعة مصرية، تحملها لوريات مجهزة بسطح تحميل خاص، وفي الحرب ظهر التصنيع المصري لمعدات العبور من القوارب ثم الكباري ثم الخراطيم اللازمة لإقامة الكباري، فمهمات المعاونة للقوات المترجلة التي ستقتحم الساتر الترابي متسلقة أياه ، مثل سلالم الحبال، والمقطورات التي يدفها الجنود، وبها معدات القتال السريع، بلغت نسبة الصناعة المحلية في كل هذا أكثر من 60 %.

وأثناء الحرب قدّم سلاح المهندسين 88 شهيدًا و84 جريحًا جادوا بأرواحهم لكي تظل الكباري بكامل كفاءتها، رغم الغارات الجوية الإسرائيلية، وبين حقول الألغام وهم يفتحون فيها الثغرات في عمق سيناء، وفي المطارات الحربية قدموا أغلى ما يكون لكي تبقي المطارات والمعابر بكفاءة 100 % عقب غارات القاذفات الإسرائيلية .

ومن أبرز الشهداء الذين قدموا أرواحهم للوطن البطل الشهيد اللواء أحمد حمدي الذي استشهد وهو يشترك مع ضباطه وجنوده في إصلاح كوبري "الشط" بالجيش الثالث.