مى سمير تكتب: أمراء خليجيون يتبرعون لتجنيد شباب فرنسا لـ«داعش والقاعدة»

مقالات الرأي




مجلة فرنسية ترصد جمعيات سلفية تنشر أفكار الإرهابيين فى باريس وجمعها للتبرعات

أسواق تستغل المعتنقين للإسلام حديثاً.. ودعاة متشددون يعتبرون المرأة أقل من الرجل

لا يختلف عالم السلفيين، بين أى دولة عربية وأخرى غربية، حيث تمتلئ تجمعاتهم، بدعاة ملتحين يرتدون الجلباب الأبيض، ونساء منتقبات أو يرتدين الخمار على الأقل، وتهدف هذه التجمعات لتجنيد الشباب لصالح تنظيمى القاعدة وداعش الإرهابيين، فضلاً عن جمع التبرعات لدعم المتطرفين فى عدد من الدول، ونشر الأفكار المتشددة التى تعتبر المرأة فى مرتبة أدنى من الرجل.

هذه النتيجة توصلت لها مجلة بارى ماتش، الفرنسية التى نشرت تحقيقاً على صفحاتها عن التجمعات السلفية فى فرنسا، استعرضت فيه كيف تمهد أفكارهم المتطرفة لانضمام الشباب خاصة معتنقى الإسلام حديثاً، لصفوف الإرهابيين إلى جانب تحويل الدين إلى تجارة ترفع شعار الحلال وتربح ملايين الدولارات.

تحت عنوان "التعليمات السلفية للمرأة المسلمة الصالحة"، نشرت المجلة تحقيقاً حول المحاضرات التى يلقيها الدعاة السلفيون المقيمون فى فرنسا عن وضع النساء المسلمات، وذلك فى ما يسمى بـ"صالون المرأة المسلمة". بدأ التحقيق بالإشارة إلى بعض آراء هؤلاء الدعاة والذين يتولى أغلبهم إمامة المساجد الموجودة فى فرنسا ما يعكس انتشار الفكر السلفى وسيطرته على تلك المساجد، ومنهم حاتم أبوعبدالله، إمام مسجد بلدة ميزون ألفور، الواقعة فى الضواحى الجنوبية الشرقية لباريس، والذى يعتبر المرأة التى تضع عطراً "زانية" ستتعرض لعذاب عظيم فى الآخرة.

أجرت التحقيق سارة مجرى، وهى صحفية فرنسية من أصول تونسية، وكشفت على صفحات المجلة تفاصيل ما يحدث فى التجمعات السلفية التى ترفع شعار الدين ولكن إلى جوار المواعظ والمحاضرات التى تنظر للمرأة نظرة دونية، تستهدف هذ ه التجمعات جمع الأموال، وبحسب التحقيق تتعدد وسائل السلفيين فى جمع التبرعات.

على باب القاعة المخصصة لصالون المرأة المسلمة دفعت سارة 7 يورو، حتى تستطيع الدخول إلى الصالون المقام فى قاعة تستوعب نحو 3 آلاف شخص أغلبهم من المسلمين المتشددين، وفى البداية بدأت سارة تبحث بعيونها عن امرأة تشببهها فى الشكل، لأنها رغم إسلامها لا ترتدى الحجاب وترفض أن تخضع عقلها لأى وصاية دينية، ولكن مع البنطلون الجينز والقميص البسيط شعرت سارة أنها لا تنتمى لهذا المكان الذى انتشرت فيه جميع أشكل أغطية الرأس من الحجاب إلى النقاب. بعد فترة التقت سارة مع أنجليكا، وهى سيدة فرنسية ترتدى حجاباً بسيطاً وتعمل مع الشركة المنظمة لهذا الحدث، ودورها يقتضى ضمان حسن سير العمل وفقاً للقواعد الدينية، وعندما سألتها سارة عن طبيعة تلك القواعد التى يجب الالتزام بها عند تنظيم مثل تلك التجمعات، جاءت إجابات انجليكا غامضة.

وبعيداً عن تلك القواعد اكتشتفت سارة أن أنجليكا كانت متزوجة من تونسى ولكنها انفصلت عنه، ولكنها لم تعتنق الإسلام بسبب زوجها والدليل أنها لاتزال محجبة، أما سر اعتنقها للإسلام فأكدت أنها وجدت لحياتها معنى فى القرآن الكريم. تركت سارة قاعة إلقاء المحاضرات والمواعظ واتجهت إلى المعرض الذى يوجد بالقاعة المجاورة، وفيه يمكن شراء أو بيع أى شىء بعد تغليفه بطابع دينى وإسلامى متشدد وفرنسى لا تخطئه العين، تنقلت سارة بين أروقة الأكشاك والمعارض التى تجذب العائلات المسلمة، ويصل حجم المنتجات المعروضة لملايين اليوروهات.

فى إلحاح جذبت ستاند جمعية "بركة سيتي"، الأنظار إليها، وهى جمعية سلفية بطراز ومظهر فرنسى انعكس فى ملابس أعضائها الذين حرصوا على ارتداء تى شيرت أزرق وبنطلون أسود واسعاً وفى إلحاح يطلب شباب الجمعية من زوار الصالون التبرع بالمال فى سبيل الله، ولمساعدة الفقراء، بينما تقف زميلاتهم المحجبات والمنقبات إلى جوار الاستاند الخاص بالجمعية.

وعند الاستاند الخاص بالجمعية يتم عرض فيديو يتضمن صوراً صادمة تم تصويرها عن طريق فريقهم الإعلامى فى مختلف الدول من ضمنها سوريا، وجمهورية الكونجو الديمقراطية، وفى طلبهم للمال، يؤكد أعضاء هذه الجمعية لزوار الصالون أن ليس عليهم التبرع بالأموال على الفور، وفى نفس الوقت يؤكدون أن الذى لن يتبرع عليه أن يدرك أن الله سيحاسبه على هذا التقصير.

فى المقابل لا يوجد ما يؤثر على تدفق الأموال من الجهات المانحة والدول المتبرعة، حيث تلقت الجمعية فى عامى 2014 و2015 تبرعات وصلت إلى 8 ملايين يورو، حسب تأكيد إدريس سيهامدى، مدير الاتصالات والإبداع فى الجمعية التى تأسست فى عام 2010.

وأشار إدريس، 30 سنة، إلى أن جمعيته نجحت فى السنوات الخمس الماضية فى حفر آبار المياه وتوزيع المياه الصالحة للشرب فى العديد من المناطق وبشكل خاص فى قطاع غزة، وجمهورية أفريقيا الوسطى، بورما، لبنان، سوريا، وبنجلاديش، بتبرعات تترواح من 10 إلى 50 يورو للشخص الواحد، إلى جانب التبرعات التى يتقدم بها لاعبو كرة القدم والأثرياء القطريون أو الأمراء الإماراتيون. وتضيف الجريدة الفرنسية أن البحث عن المال يسيطر على الصالون وتتنوع الطرق والسبل التى يلجأ إليها سلفيوفرنسا من أجل إخراج المال من جيوب المسلمين، من بيع مياه زمزم إلى آخر صيحات غطاءات الرأس للخريف والشتاء، مرور بقروض الرهن العقارى الحلال.

المتحدثون فى مثل هذا التجمع يمثلون العنصر الأكثر أهمية، أما الزوار فهم متابعوهم على الإنترنت ويتجسد المثال الأكثر وضوحاً فى نادر أبوأنس إمام مسجد بورجيه، والذى تنجح فيديوهاته على الإنترنت فى جذب آلاف من المشاهدين، رغم أنه يؤكد فى خطبه دائماً على أفكار من نوعية أن المرأة تخضع لزوجها، وحسب الإحصائيات الرسمية فى فرنسا، يعتنق 6 آلاف شخص الدين الإسلامى سنوياً.

ويجذب نجوم الصالون من الدعاة السلفيين، فى الصفوف الأولى عشرات المشجعين لهم سواء من المنقبات أو حتى من عصابات الضواحى، ويتحول هؤلاء إلى أهداف سهل تجنيدها من خلال الجماعات الجهادية التى بدورها ترسلهم للانضمام لتنظيم القاعدة أو داعش الإرهابيين.

فى المقابل هناك محاولات لمنع الشباب المعتنق للإسلام حديثا من الانحدار فى طريق التطرف، مثل محاولات الشاب أنور الذى أسس جمعية دين الأسرة، والتى تستهدف فى المقام الأول متابعة حديثى الإسلام ومنعهم من الوقوع فريسة للمتطرفين.

فى نهاية الصالون، ترصد سارة كيف تغادر العائلات المسلمة، الرجال فى المقدمة والنساء والأطفال خلفهم.