إيمان كمال تكتب: فسق انتصار وبلطجة السبكى وازدراء البحيرى للأديان

مقالات الرأي




فى مجتمع لا يعترف بالحرية الجنسية ولا يمتلك مساحة حقيقية لنقاش واع عن ثقافة الحياة الزوجية من البديهى أن تتحول لفاسق وفاجر إذا قررت أن تخترق الخطوط الحمراء وناقشت على الملأ مشاهدة الأفلام الجنسية، التى تعتبرها بعض الدول ذات الفكر التقدمى ما هى إلا تعليم لحياة جنسية صحية نفتقر إليها فى حياتنا الأسرية فى مصر.

انتصار فى برنامج «نفسنة» الذى تقوم بتقديمه قررت اختراق الخط الشائك وتتحدث بجرأة عن مشاهدتها لهذه الأفلام وبأنها ترى بأن المقبلين على الزواج لابد وأن يتعلموا منها على أن يتم التعامل مع مثل هذه الأفلام كمادة تثقيفية خاصة أن المجتمع المصرى كما تحدثت فى الحلقة يعانى من حالة كبت جنسى.

بالتأكيد توقعت انتصار الهجوم أو الاعتراض على ما قالته فمن البديهى ألا يتقبل الجمهور هذا الرأى الصادم بالنسبة له ،ولكنها لم تتصور أن يتحول الأمر لأكثر من بلاغ تم تقديمه للنائب العام وصلت حتى الآن ثلاثة بلاغات تحمل أرقام 17757 و14513 و17656 حيث بدأ النائب العام نبيل صادق بالتحقيق فى اتهام انتصار بأكثر من تهمة من بينها التحريض على الفسق والفجور وازدراء الدين وعدم احترام قرار القضاء بمنع مشاهدة أفلام البورنو عبر الإنترنت (وهو القرار الذى لم ينفذ على أرض الواقع) فبحسب الإحصائيات فالمصريون فى المراتب المتقدمة بحثا عن كلمات (جنس وأفلام سكس) وغيرها من العبارات المرادفة، ولكن بشرط أن يظل البحث أمرا سريا وعلينا أن ندفن رءوسنا فى الرمال ونقر ونعترف بأننا شعب محافظ لا يمكن لتقاليده وعاداته أن تسمح بالحديث بهذه الكيفية عن الجنس.

انتصار ليست الوحيدة التى ترى بضرورة الثقافة الجنسية ولكنها كانت الأكثر جرأة فى التعبير عن رأيها بوضوح، ببساطة قد نختلف مع وجهة نظرها، قد لا نتقبل أن يشاهد أولادنا الأفلام ولكننا لسنا مجبرين على الأخذ بنصيحة انتصار فهى لم تجبرنا على مشاهدة أفلام جنسية، ولكن فى النهاية بات إلقاء التهم هو الواقع الذى نعيشه مؤخرا رافضين الاعتراف بحرية الطرف الآخر فى التعبير عن وجهة نظره.

الأمر نفسه تكرر من فترة مع إسلام البحيرى والذى يواجه تهمة الحبس خمس سنوات بتهمة ازدراء الدين ،كل ما فعله البحيرى هو رؤيته فى أننا نملك حق تقييم الشروح الخاصة بالدين، وهو لم يعن النصوص الدينية السماوية، وبالرغم من أن الاجتهاد فى الدين أمر صحى جدا ففى زمن الصحابة لم يكن عمر بن الخطاب من المتبعين فعلى العكس كان مجتهداً ولم يزدر الدين حينما قام بإلغاء عقوبة السارق فى عهده فى ظل الجوع الذى عانى منه الكثيرون، ولكن كيف يمكن للبحيرى أو لأى شخص آخر أن يفكر فى شرح البخارى أو الإمام مالك فنحن لم نعد نتملك الحرية التى امتلكها غيرنا منذ قرون لمناقشة الأمور الدينية بكل حرية، بالرغم من أن الألوهية نفسها تكفل الحرية للإنسان فالله لم يجبرنا على عبادته ولم يجبرنا على محبته ولم يجبرنا حتى على دخول أى من أديانه السماوية.

ولكن كيف لنا نحن الأشخاص أن نتقبل أن يخرج شخص ما عن المألوف ويفكر بعيدا عن الإطار والعرف والتقاليد والدين، أن يتجاوز هذا الشخص ما نراه صحيحا من وجهة نظرنا فقط ويصدمنا بفكرة مختلفة حتى إن كانت أكثر صحة.

فالمجتمع المصرى وسط كل مظاهر العولمة التى يعيشها وقربت منه أفكاراً وصوراً وأشخاص مختلفين من بقاع العالم، قد يرحب ويتقبل هذا الاختلاف من الآخر ويدافع عنه أيضا متبنيا وجهة نظر ليبرالية لكن أن يختلف معه مصرى فتلك كارثة.

فلا يحق لك الاختلاف أو الخروج عن الإطار المرسوم المحافظ، فنفس العقلية هى نفسها التى هاجمت السبكية مؤخرا وحملتهم كل المساوئ التى بات يحملها الشعب المصرى وكأنهم أصبحوا مسئولى الرعاية والتربية وكأن السينما هى المدرسة المسئولة عن أخلاقيات الجمهور وليست عملاً فنياً من حقنا بالتأكيد انتقاده فلا يعجبنا أو نرى بأنه عمل لا يحمل أى قيمة فنية، وكأن ظهور راقصة أو تقديم أغنية وحتى استخدام المطاوى ظاهرة جديدة على السينما المصرية فلم نشاهدها فى أفلام فريد شوقى وغيره من الفنانين، وكأن من تقوم بدور عاهرة فهى المثال التربوى لجيل من المصريات سيحرصن على احتراف مهنة الدعارة فى المستقبل، ضاربين بعرض الحائط بأنه لولا إنتاج السبكية السنوات القليلة الماضية لن يكون هناك تواجد للسينما المصرية اللهم إلا القليل من المنتجين بعد أن قرر أباطرة الإنتاج فى مصر الاحتفاظ بأموالهم فى البنوك والاكتفاء بما حققوه من مكاسب.

الأمر بالتأكيد ليس دفاعا عن نوعية أفلام السبكى ولا حتى طريقتها ولكن إذا لم يعجبنى فيلم مثل عبده موتة أو عيال حريفة أو أى عمل أرى أنه مختلف عن ذوقى ما الذى يجبرنى أن أذهب للسينما وأدفع ثمن التذكرة لمشاهدته، فالأمر لن يكلفنى الكثير إذا قررت ألا أشاهده وأكتفى بالفرجة على الأطلال، وإن كنت بشكل شخصى ومهنى يستهوينى مشاهدة جميع الأفلام حتى إن كانت بعيدة عن أفكارى لثقتى بأننى لن أخرج من الفيلم وقد أعلنت احترافى الرقص أو البلطجة.