بالفيديو والصور .. الحلقة الأولى| "بوابة الفجر" تخترق خان الخليلى للكشف عن إهمال الصناعات اليدوية



تحقيق :سمر جابر - تصوير: ميدو أيمن



صاحب ورشة الأرابيسك يتوجهه لوزير الثقافة بمشروع مبادرة تنمية الضرب الأحمر


أحمد عبد الوهاب: فن الأرابيسك إبداع يحتاج لإهتمام ونحن أخر جيل للعمل

اليدوى


نطالب بتخفيض الضرائب وإلغاء الجمارك مع تخصيص معارض للحرفيين


الخبير الاقتصادى: إهتمام الدولة بالحرف اليدوية يوفر فرص عمل ويمر بمصر من أزمتها الإقتصادية دون اللجوء للإقتراض


الحرف اليدوية تستغيث والنقابة تحت التأسيس وعمال بلا تدريب وأماكن غير مؤهلة للعمل بها والحكومة تتجاهل .



الحِرَف اليدوية فن مصرى أصيل منذ القِدَم والتى فقدت قيمتها لدى المسئولين ، فلم يعد هناك إهتمام بها أو حتى التفكير فيها , فسنتكلم عنها كفن ثم هواية ثم حِرْفَة توارثتها الأجيال بالموهبة ثم بالإتقان فى العمل منذ الصغر فهى كنز ثمين يوجد داخل مصر ولا نشعر بأهميتة رغم إرتفاع قميته التراثية وإن أُحْسِنَ إستغلاله على الشكل الأمثل سيحقق نمو إقتصادى ينهض بمصر من أزمتها الراهنة إلى بر الأمان .



منطقة خان الخليلى والدرب الأحمر والجمَّالية من أهم أماكن الحرف اليدوية فى مصر والتى تعم بالورش الصغيرة وبها أمهر فنَّانِى ومُصمِّمى الحرف .



وقامت بوابة الفجر بالتجول بين هذه الورش للإستماع إلى أصحابها ومعرفة مشاكلهم ، فعرفنا مدى دقتهم فى عملهم والذى ظهر فى إنتاجهم ..



يَعْشَق فن الأرابيسك منذ نعومة أظافره كعشقه للماء والهواء ويعتبره فنًا ساحرًا يحتاج لمبدع وهواية للزخرفة والإبداع أكثر من كونه وظيفة تُمْتَهن , ويرى نفسه أخر أجيال الحرف اليدوية ، هذا هو الحاج أحمد عبد الوهاب صاحب ورشة لصناعه الأرابيسك .


فمن داخل ورشته الصغيرة لصناعة الأربيسك فى منطقة خان الخليلى كان لـ بوابة الفجر لقاء معه حيث تحدث فيه عن فن الأرابيسك بإعتباره من الفنون الأصيلة التي تميزت بها الحضارة العربية الإسلامية ، والتى تعود أصولها إلى أكثر من ألف عام ، وهو فى الأصل صناعة معمارية الطابع تدخل فى الأثاث .


وأنه يعمل منذ أكثر من 20 عامًا ولم يتخرج من مدرسة لتعليم الحِرْفَة بل تعلَّمْها من والدُه الذى تعلّمْها عن جده أى إنها مهنة بالوراثة , ويراها فن ساحر حيث يُمَيِّزه عن غيره من الفنون السائدة ، ظهور جماليات الزخرفة وبراعة خطَّاطِيها والرسوم الرشيقة والفِطْريَّة أكثر من كونها وظيفة ، وذلك لكون فن الأرابيسك يشمل فنونًا مُساندة كالحَفْر والزخرفة والخط والرسم والتعشيق والنقش والتطعيم.



وعن أهم الخامات التى يستخدمها فى الورشة قال عبد الوهاب: من الأدوات الأساسية لإنتاج مشغولات الأرابيسك هى الخشب , الأبنوس , العاج , الباغ , مواد الدهان والتشطيب , ورق الصنفرة , ورق الرسم , منشار أركيت , أزميل الخرط , المنقار , المِفْحَار , البرجل الكروى والبرجل المقص .


لافتاً إلى: أن عملية الإنتاج تمر بعدة مراحل بداية من إعداد الرسومات الهندسية للأجزاء المطلوب خرطها وإختيار نوع وحجم الخشب المطلوب ثم التثبيت على المخرطة وطبع التصميم على الخشب والحفر والتشكيل وأخيرًا الدهان ، ولهذا فإن الأرابيسك صناعة وفن فى آن واحد .



كما أوضح عبد الوهاب: أن منتجاتهم لا تَلْقَى رواجًا محليًا كبيرًا لوجود مشاكل فى التسويق فلا يوجد معارض للمنتجات فمعظم الإقبال يكون من الأجانب , كما أن هناك تجار متعاقدون معهم يقومون بشراء منتجاتهم بالجملة ويتولُّون تسويقها فى الأماكن السياحية أوتصديرها للخارج إلى جانب أن عمل بعض القطع قد يكون بتوصيه من الزبائن .


وعن أهم مشاكل الحرفيين أشار عبد الوهاب إلى: وجود مشاكل عدة تواجه الحِرَف اليدوية وتُهَدِّدُها بالإنقراض ، وأهمها عدم إهتمام الدولة بالصناعات اليدوية , رغم أنها تُشَكِّل مصدر هام لجلب موارد النقد الأجنبى إذا تم تفعيلها ورعايتها بحق , وإلى جانب فرض الضرائب الباهظة على أصحاب الورش مما تنعكس بالسلب على الحرفة .



وأضاف: أن عدم تَوَافُر العمالة الماهرة القادرة على الإرتقاء بالحِرْفَة يجعلها مُعَرَّضَه للإندثار ، بجانب عدم وجود مدارس لتَعَلُّمْها عن جدارة وأيضًا عدم توافر المواد الخام فى مصر فمعظمها مُستوردة من الخارج مثل تركيا

وتابع صاحب ورشة الأرابيسك : أن نقابة الحِرَفيين مازالت تحت التأسيس ولم يتم تفعيلها حتى الآن فهى لم تَقُمْ بأى نشاط فعلى لدعم الحِرْفَة لعدم وجود إدارة سليمة ، وأُطَاِلب بإهتمام الدولة وتوفير ما يحتاجه العُمَّال والحِرْفَة لرفع قيمتها والإستماع إلى العمال ، فأماكن هذة الحِرَف صغيرة وغير مؤهلة للعمل بها وعلى الدولة رفع قيمة العمل اليدوى ودعمه حتى يرتقى الإقتصاد المصرى .


كما يشتكى من رِخَصْ الأسعار بالمقارنة بالجهد المبذول في الإنتاج ، حيث يتكلف المنتج اليدوى المصنوع بحرفية عالية الكثير من الأموال ، كى تخرج القطعة الفنية بشكل لائق يُرْضِي ذوق السائحين ، ولكن ذلك لا يمنع وجود بعض السلع المصنوعة بحرفية بدائية للغاية والتى يكون مكانها فى الغالب هو المخازن وعلى الأرصفة وهى تملىء أسواق خان الخليلى وتُبَاع تُجَاريًا .



وأضاف: أن الجمعيات القائمة لرعاية الحِرَف اليدوية مُجَرَّد حبر على ورق مثل جمعية أغاخان و أصالة و النهضة لرعاية الفنون الحِرَفية التُراثية والتى تحصل مُقَابِل ذلك تمويل من هيئة اليونسكو إلّا أنها لا تُنْفَق على هذه الحِرَف ، بل يقوموا بأخذها لصالحهم ولا يقوموا بفعل شىء لنا .



ومشيرًا إلى: أن المسئولين فشلوا فى الإهتمام بالحِرْفَة فلا يوجد تقدير لقيمة الحرف اليدوية من وزارة الثقافة أو السياحة ، وتوجَّهت إلى وزير الثقافة بمشروع مبادرة تنمية الدرب الأحمر والذى يُشارك فيه 7 من رجال الأعمال وهو مُخطَّط له فى كل شىء وأريد عرضه على أى مسئول , فمن يستجيب لنا ؟!


وتابع سيد محمد , أحد عمال ورشة الأرابيسك , حيث يقوم بتجميع الأرابيسك والحشو: إنَّ الحِرَف اليدوية تحتاج إلى رعاية من الدولة ومراعاة حقوق العمال بها حتى تنهض بمصرو ذلك بوجود نقابة فعلية تَعْرِف مشاكل عمَّال الحِرَف وتُحاول حلها .



وعن الأهمية الإقتصادية للحِرَف اليدوية , أكَّدَ الدكتور حمدى عبد العظيم , الخبير الإقتصادى ، وعميد أكاديمية السادات الأسبق: أن الحِرَف اليدوية كغيرها من الصناعات الصغيرة والتى تحتاج إلى إهتمام من جانب الدولة والمسئولين حتى ترتقى بالإقتصاد المصرى .



ومشيرًا إلى: ضروره وجود مُساهمة من الحكومة بإعطائها حوافز وضمانات لتستوعب عِمَالة جديدة إلى جانب تعظيم رأس المال للحرفيين وأصحاب الورش الصغيرة بدون فوائد بحيث يستطيعوا الإنتاج مع وجود فترة سماح لهم .



وأضاف عبد العظيم: من الضرورى على الدولة القيام بتخفيض الضرائب على الحِرَفيين مع إعفائها منها من فترة 5 إلى 10 سنوات ، وإلغاء الجمارك عليهم عند إستيراد المواد الخام مع تقديم العديد من التسهيلات لتكون مُشَجِّعَة لهم للمساعدة فى الإرتقاء بالإقتصاد المصرى .



كما أوضح الخبير الإقتصادى: بضرورة أن يتم تخصيص أراضى لهم لقيام الحرف عليها مع تخصيص مَعَارِضْ لعرض مُنْتجاتهم ، وذلك بمساندة من الحكومة على عرضها فى معارض تحت إشرافها ليُنَمِّى النشاط من مبيعات وإيرادات .



وتابع قائلًا: من الهام تواجُدْ جِهَة لتدريب العُمَّال على الحِرَف اليدوية المُختلفة حتى تَظْهَر عِمَالة قادرة على العمل بإتقان ودقة ، وبالنسبة للتسهيلات إذا تم إلتزام الحكومة بقانون المشروعات الصغيرة بإنتاج 10% سوف يُساهم كثيرًا فى الإرتقاء بالحِرْفَة .



وأكَّد على: أن الإهتمام بالحِرَف اليدوية يعود على الدولة بالفوائد من زيادة الدخل القومى وتوفير فرص للعمل , إلى جانب تقليل الإستيراد من الخارج والإستغناء عن الأشياء المُمَاثِلة التى نستوردها من الخارج ونرتقى بالإقتصاد المصرى دون اللجوء للإقتراض من الخارج .

هذا هو حال الصناعات اليدوية التى كانت تاج على رأس مصر وأهم ما يُمَيِّزُها , وأصبحت الآن مُهدَّدة بالإنقراض ، فى وقت لا تتجِهَ العيون عليها بل تتجه للإستيراد من الخارج ومحاولة الإقتراض من الأمم المتحددة مع وجود شروط للصندوق دون النظر للحِرَف اليدوية ومشاكل الحِرَفيين ومُحاولة حلَّها كرغبة فى الإرتقاء بالإقتصاد المصرى الذى يَنْزِف كثيرًا ، فمصر ملئية بالكنوز التى يَعِفُّ عليها الغبار فعلى المسئولين ضرورة النظر بعين الإعتبار .