فى حب الحسين.. مداااااااد

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر

تصوير: محمد صلاح

على فيض الكريم تغازرت الدموع حزناً على فراقه، وسقطت الرؤوس على رمال الأرض حسرة على قتله، وتلونت الابتسامة على وجوه محبيه، عندما تذكروا قول جده الرسول محمد "صلى الله عليه وسلم" "اللهم إنى أحبه، فأحب من يحبه".

من شدة الحب الذى رسخ فى قلوب محبيه من قبيل دعاء جده الرسول، اتجهت أقدام مريديه من جميع محافظات مصر إلى ضريحه للاحتفال بذكراه.

تحل علينا هذه الأيام ذكرى الاحتفال بمولد سيد شباب أهل الجنة "الإمام الحسين" فى الثلاثاء الأخير من شهر ربيع الثانى، وهى ذكرى استقرار الرأس فى مسجده بالقاهرة.

يتوافد الآلاف من مريديه ومحبيه إلى منطقة الجمالية، وتنصب سرادقات الذكر والتكبير والمديح فى شوارع الدرب الأصفر والخرنفش والمعز لدين الله الفاطمى وحارة اليهود، ليصطف فيها المحتفلون فى صفوف متوازية ومتساوية، مكبرين مهللين مع غناء الشيخ ياسين التهامى الذى ينتظره الملايين من محبيه سواء كانوا من محبى آل بيت الرسول، أو الصوفيين، أو حتى  الأقباط الذين يأتون خصيصاً  كل عام لسماع أناشيده الدينية التى يغنيها مع نجله محمود.

رغم ما تردد من أنباء بالغاء الاحتفال بالمولد هذا العام بسبب الظروف الأمنية التى تمر بها مصر، إلا أنه تقرر بدء فعالياته يوم 6 فبراير القادم، وذلك بعدما تدخلت قيادات الصوفية لدى الداخلية، فتمت الموافقة لكن مع تقليل سرادقات الاحتفال حتى يمكن إحكام السيطرة على المولد، خاصة أن عددا من القيادات الأمنية والقضاة والفنانين والشخصيات العامة يحرصون على حضور الاحتفال من كل عام، بل وأحد القضاة المعروفين هو من يشرف على تنظيم الليلة الكبيرة للمولد المقرر إقامتها فى 9 فبراير القادم وهو من يدعو الشيخ ياسين التهامى لإحيائه من كل عام، بل ويقيم مائدة طعام فى ساحة الباب الأخضر لخدمة محبى سيدنا الحسين.

الطرق الصوفية، هم نجوم مولد الحسين، تفترش خدماتهم المنطقة المحيطة بالمسجد من كل الجهات، لتستقبل زوار الحسين ومريديهم، وتغطى أقمشة سرادقاتهم جدران المسجد الخارجية، ووفقاً لما اتفقوا عليه مع الأجهزة الأمنية، فإنهم سيستغلون جراجات وساحات انتظار السيارات لإقامة أبناء الطرق الصوفية المختلفة وعائلات الصعيد التى تحرص سنوياً على المشاركة فى المولد.  داخل هذه الساحات تقام سرادقات الطعام، وأبرزها ساحة الشيخ صالح  بمنطقة الدراسة المجاورة لمسجد الحسين، ويتواجد بها أكثر من 30 عائلة من محافظات الصعيد المختلفة، وكذلك أبناء الطريقة الصوفية الرفاعية لشيخها طارق الرفاعى، إلى جانب ساحة الحى الملاصقة لمبنى حى وسط القاهرة بالجمالية، والكواكب والمساكن بشارع محمد عبده. 

بعض العائلات الكبرى من صعيد مصر، يقيمون على هامش الاحتفالات ما يعرف باسم "تكية الفقراء"، وهى مكان لإطعام فقراء المولد، حيث تعتاد هذه العائلات جمع الأموال من أبناء القرية التى يسكنون فيها، لشراء لوازم السفر من بطاطين وسجاد، والأهم من ذلك كله شراء أكبر كمية من اللحوم لطبخها وتسويتها لإعداد موائد الطعام للوافدين الفقراء من المحافظات، حيث يقول عبدالله سيد، 35 سنة، قادم من محافظة بنى سويف: "كل واحد بيدفع 30 جنيهاً فى جمعية شهرية بنعملها كل سنة عشان نيجى القاهرة ونحتفل بمولد سيدى الحسين ونعمل التكية، ولو هدفع أكتر معنديش مشكلة، لأن بركات الحسين مفيش زيها.. مراتى جالها مرض وحش ولما روحتله ودعيتله قدام مقامه ربنا شفاها واستجاب لدعائى".

مصدر من حى وسط القاهرة، قال لـ"الفجر": المولد فى موعده، لكن إقامة السرادقات الخاصة بمولد الحسين تتطلب ذهاب ممثل عن الطريقة الصوفية أو أى من العائلات والقبائل التى تأتى من الصعيد شوقاً للاحتفال بالمولد إلى محافظة القاهرة ثم إلى الدفاع المدنى للحصول على التصاريح اللازمة، وبعدها تخطرنا هذه الجهات بالموافقة على إعطاء ممثل الطريقة المكان الذى يريد الإقامة به.

برنامج الاحتفال بالمولد هذا العام – بحسب كلام طارق الرفاعى، شيخ الطريقة الصوفية الرفاعية- يتضمن مجموعة من الاحتفالات داخل مقر الطريقة الرفاعية بالقلعة يومياً حتى السادس من فبراير أى قبل الليلة الكبيرة بثلاثة أيام، بالإضافة إلى إقامة ندوات علمية عن سيرة سيدى الحسين وتنظيم فاعلية لمديحه.  وأضاف: يوجد لدينا سرادقات فى منطقة الباب الأخضر، وانتهينا من جميع الاستعدادات للمولد، لافتاً إلى أنهم اشتروا كميات كبيرة من اللحوم من منافذ بيع القوات المسلحة لأنها مضمونة وفى متناول سعر الجميع – على حد قوله.

وسط هذه الأجواء الاحتفالية بمولد سيد شباب الجنة، تسود تخوفات بين المحتفلين من "الشيعة"، خاصة أنهم يحاولون استغلال هذه المناسبة لإبداء اعتراضهم على إعدام السعودية للشيعى "باقر النمر"، وهو ما سيعكر صفو الاحتفال ويثير البلبلة داخل سرادقات مولد الحسين، خاصة أن مصدرا شيعيا قال لـ"الفجر" إنهم ينسقون حالياً مع الطريقة العزمية، لإقامة شعائرهم داخلها، لكن ما يثير تخوفهم أن الأجهزة الأمنية وضعت هذا السرادق تحت المجهر – بحسب تعبيره- لذا فإنهم يبحثون عن بديل آخر.

 وهو ما أكده ناصر رضوان، الباحث فى شئون الشيعة، قائلاً: احتفالات هذا العام يشوبها الحذر نظراً لطبيعة الظروف الأمنية التى تمر بها مصر من جهة، بالإضافة إلى أن الشيعة يتربصون للاحتفال، بالمتاجرة بدم "النمر"، مطالباً الأجهزة الأمنية بضرورة التصدى إليهم، ومطاردتهم حتى لا يتحول الاحتفال إلى "مأتم".