صفات عباد الرحمن في القرآن الكريم

إسلاميات

بوابة الفجر


عبادة الله – عز وجل – من النعم العظيمة التي يمنها المولى على عباده، فكونك عبدا لرب رحمن رحيم غفور، فهذه نعمة تستحق الشكر.

يتحدث المولى – جل وعلا – عن عباد الرحمن، وعن صفاتهم العطرة في كتابه العظيم، حيث جاءت الآيات الكريمة التي تتحدث عن صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان من الآية (63 إلى 74)، كالتالي:

1- ساكنين متواضعين لله
يقول الله تعالى في سورة الفرقان (آية: 63): { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا...}، جاء في تفسير السعدي: أي: ساكنين متواضعين لله والخلق فهذا وصف لهم بالوقار والسكينة والتواضع لله ولعباده.

2- يقابلون المسىء بإحسان
وفي نفس الآية السابق ذكرها: { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا}، جاء في التفسير: أي: خاطبوهم خطابا يسلمون فيه من الإثم ويسلمون من مقابلة الجاهل بجهله. وهذا مدح لهم، بالحلم الكثير ومقابلة المسيء بالإحسان والعفو عن الجاهل ورزانة العقل الذي أوصلهم إلى هذه الحال.

3- يكثرون من صلاة الليل
يقول المولى في الآية رقم (64): {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}، جاء في تفسير هذه الآية الكريمة، أي: يكثرون من صلاة الليل مخلصين فيها لربهم متذللين له كما قال تعالى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.

4- يدعون ربهم أن يصرف عنهم عذاب جهنم
يقول الله تعالى في الآية رقم (65): {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا}، أي: ادفعه عنا بالعصمة من أسبابه ومغفرة ما وقع منا مما هو مقتض للعذاب. { إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا } أي: ملازما لأهلها بمنزلة ملازمة الغريم لغريمه.

5- ينفقون دون أن يسرفوا أو يقتروا
يقول المولى – عز وجل – في الآية رقم (67): {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا}، أي: { وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا } النفقات الواجبة والمستحبة { لَمْ يُسْرِفُوا } بأن يزيدوا على الحد فيدخلوا في قسم التبذير وإهمال الحقوق الواجبة، { وَلَمْ يَقْتُرُوا } فيدخلوا في باب البخل والشح { وَكَانَ } إنفاقهم { بَيْنَ ذَلِكَ } بين الإسراف والتقتير { قَوَامًا } يبذلون في الواجبات من الزكوات والكفارات والنفقات الواجبة، وفيما ينبغي على الوجه الذي ينبغي من غير ضرر ولا ضرار وهذا من عدلهم واقتصادهم.

6- موحدين بالله ولايدعون مع الله إلها آخر
يقول الله تعالى في الآية رقم (68): { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ..}، أي: يعبدونه وحده مخلصين له الدين حنفاء مقبلين عليه معرضين عما سواه.

7- لا يتقلون النفس التي حرم الله إلا بالحق
يقول الله تعالى في نفس الآية السابق ذكرها: {... وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ...}.

8- لايزنون
في نفس الآية السابق ذكرها: { لَا يَزْنُونَ..}.

9- لا يشهدون الزور
يقول الله تعالى في الآية رقم (72) : { وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} أي: لا يحضرون الزور أي: القول والفعل المحرم، فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على الأقوال المحرمة أو الأفعال المحرمة، كالخوض في آيات الله والجدال الباطل والغيبة والنميمة والسب والقذف والاستهزاء والغناء المحرم وشرب الخمر وفرش الحرير، والصور ونحو ذلك، وإذا كانوا لا يشهدون الزور فمن باب أولى وأحرى أن لا يقولوه ويفعلوه. 
وشهادة الزور داخلة في قول الزور تدخل في هذه الآية بالأولوية.

{ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ } وهو الكلام الذي لا خير فيه ولا فيه فائدة دينية ولا دنيوية ككلام السفهاء ونحوهم { مَرُّوا كِرَامًا } أي: نزهوا أنفسهم وأكرموها عن الخوض فيه ورأوا أن الخوض فيه وإن كان لا إثم فيه فإنه سفه ونقص للإنسانية والمروءة فربأوا بأنفسهم عنه.

وفي قوله: { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ } إشارة إلى أنهم لا يقصدون حضوره ولا سماعه، ولكن عند المصادفة التي من غير قصد يكرمون أنفسهم عنه.

10- قلوبهم واعية بآيات الله
يقول اله تعالى في الآية رقم (73): { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا}، أي: التي أمرهم باستماعها والاهتداء بها، { لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا } أي: لم يقابلوها بالإعراض عنها والصمم عن سماعها وصرف النظر والقلوب عنها كما يفعله من لم يؤمن بها ولم يصدق، وإنما حالهم فيها وعند سماعها كما قال تعالى: { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ } يقابلونها بالقبول والافتقار إليها والانقياد والتسليم لها، وتجد عندهم آذانا سامعة وقلوبا واعية فيزداد بها إيمانهم ويتم بها إيقانهم وتحدث لهم نشاطا ويفرحون بها سرورا واغتباطا.

11- يدعون أن يجعل الله من أزواجهم قرة أعين لهم
يقول الله تعالى في الآية رقم (74): { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا } أي: قرنائنا من أصحاب وأقران وزوجات، { وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ } أي: تقر بهم أعيننا.

وإذا استقرأنا حالهم وصفاتهم عرفنا من هممهم وعلو مرتبتهم أنهم لا تقر أعينهم حتى يروهم مطيعين لربهم عالمين عاملين، وهذا كما أنه دعاء لأزواجهم وذرياتهم في صلاحهم فإنه دعاء لأنفسهم لأن نفعه يعود عليهم، ولهذا جعلوا ذلك هبة لهم فقالوا: { هَبْ لَنَا } بل دعاؤهم يعود إلى نفع عموم المسلمين، لأن بصلاح من ذكر يكون سببا لصلاح كثير ممن يتعلق بهم وينتفع بهم.

{ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } أي: أوصلنا يا ربنا إلى هذه الدرجة العالية، درجة الصديقين والكمل من عباد الله الصالحين وهي درجة الإمامة في الدين وأن يكونوا قدوة للمتقين في أقوالهم وأفعالهم يقتدى بأفعالهم، ويطمئن لأقوالهم ويسير أهل الخير خلفهم فيهدون ويهتدون.

وفقنا الله وإياكم إلى القول والعمل الصالح الذي يرضي الله عنا ويجعلنا من عباده وخاصته.