هل ورد أن النبي «صلى الله عليه وسلم» أذن للصلاة ؟

إسلاميات

بوابة الفجر

هل ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للصلاة؟ وإذا لم يرد فما الحكمة من تركه للأذان طيلة حياته الشريف- صلى الله عليه وسلم -؟

تجيب أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية:

لم يرد ولم يثبت عن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أذن للصلاة في مدة حياته الشريفة المنيفة –صلى الله عليه وسلم–، وقد أشار إلى ذلك الفقهاء في معرض ذكر أدلة القائلين بالمفاضلة بين الأذان والإمامة أيهما أفضل من الآخر، فيقول الإمام النووي : [وَاحْتَجَّ لِمَنْ رَجَّحَ الإِمَامَةَ بِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ أَمُّوا وَلَمْ يُؤَذِّنُوا، وَكَذَا كِبَارُ الْعُلَمَاءِ بَعْدَهُمْ... 

وَأَجَابَ هَؤُلاءِ عَنْ مُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الإِمَامَةِ، وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْخُلَفَاءِ وَالأَئِمَّةِ وَلَمْ يُؤَذِّنُوا بِأَنَّهُمْ كَانُوا مَشْغُولِينَ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي لا يَقُومُ غَيْرُهُمْ فِيهَا مَقَامَهُمْ، فَلَمْ يَتَفَرَّغُوا لِلأَذَانِ وَمُرَاعَاةِ أَوْقَاتِهِ، وَأَمَّا الإِمَامَةُ فَلا بُدَّ لَهُمْ مِنْ صَلاةٍ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عُمَرَ بْن الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: "لَوْ كُنْتُ أُطِيقُ الأَذَانَ مَعَ الْخِلافَةِ لأَذَّنْتُ"].

وقد أشار الفقهاء إلى حكم كثيرة في تركه –صلى الله عليه وسلم– للأذان، منها:

1- أنه لو أذن لكان من تخلف عن الإجابة داخلا تحت قوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾، وفي ذلك يقول الإمام الحطاب المالكي –رحمه الله تعالى- : [وَإِنَّمَا تَرَكَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-؛ لأَنَّهُ لَوْ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ وَلَمْ يُعَجِّلُوا لَحِقَتْهُمْ الْعُقُوبَةُ؛ لقوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾].

2- لأنه كان داعيا فلم يجز أن يشهد لنفسه.

3- أنه لو أذن وقال: أشهد أن محمدًا رسول الله لتوهم أن هناك نبيا غيره.

4- قيل: لأن الأذان رآه غيره في المنام، فوكله إلى غيره.

5- انشغاله –صلى الله عليه وسلم- وضيق وقته، وفي ذلك يقول الإمام البهوتي الحنبلي –رحمه الله تعالى-: [وَإِنَّمَا لَمْ يَتَوَلَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَخُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ الأَذَانَ لِضِيقِ وَقْتِهِمْ عَنْهُ].

هذا وقد أذَّن النبي –صلى الله عليه وسلم– في أذن كل من سيدنا الحسن وسيدنا الحسين –رضي الله عنهما-، فعن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه قال: ((رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أَذَّنَ في أُذُنِ الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة)).. أخرجه الترمذي في سننه، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

والله أعلم...