اختفاء لبن الأطفال المُدعم.. لغز حائر بين نفي «الصحة» وتحذير «الصيدليات» من كارثة قريبة

تقارير وحوارات

بوابة الفجر



«الصحة» تؤكد: الكمية تكفي 4 أشهر ونصف.. و«النواب» يحذر من الاختفاء 
«المصري للدراسات الدوائية» يحذر من النقص الشديد ويطالب الحكومة بإنشاء مصنع محلي
صيدلي: أزمة اللبن المدعم أصبحت «كارثية».. والوزارة تستهين بها
شعبة الدواء: الصحة تتهمنا بافتعال الأزمة.. والمخزون غير كافي
نقيب الصيادلة: حجم إنتاج مصر من ألبان الأطفال «صفر»

 


في ظل النفي الدائم لوزارة الصحة والإسكان، عن وجود أزمة في تواجد ألبان الأطفال في مصر بل اختفائها، تتصاعد وتيرة الاحتجاجات والشكاوى من قبل الأهالي لاختفاء الألبان وعدم كفايتها لسد حاجة أطفالهم.

وحذر النائب «محمد وهب الله»، عضو مجلس النواب من حدوث أزمة في لبن الأطفال في مصر خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أنه لن يكون هناك علبة لبن واحدة في مصر خلال الأربع شهور المقبلة لعدم اتمام المناقصات الخاصة باستيراد الألبان.

وردًا على تجدد أزمة الألبان المدعمة، شددت الوزارة في بيان لها على أن مخزون الألبان للأطفال فوق عمر 6 أشهر إلى أقل من سنة »دعم جزئي_أزرق« يكفي لمدة 4 أشهر ونصف، ويتم توزيعه من خلال الصيدليات الخاصة؛ وذلك طبقًا للبيانات الواردة من الشركة المصرية لتجارة الأدوية بتاريخ 20/12/2015.

وأضافت الوزارة أن آلية توزيع الألبان المدعمة للأطفال داخل وحدات الرعاية الصحية الأساسية ومراكز رعاية الأمومة والطفولة بالمحافظات، وعددها 611 منفذ توزيع على مستوى الجمهورية.

وتدعم وزارة الصحة ألبان الأطفال بطريقتين، الأولى بصرف ألبان المرحلة الأولى، التي تعطى للطفل منذ الولادة وحتى ستة أشهر، عن طريق مراكز رعاية الأمومة والطفولة والوحدات الصحية، وتصرف العلبة بسعر ثلاثة جنيهات، وتميز العبوة الخارجية باللون الأحمر ويعنى منع بيعها بالصيدليات، أما الطريقة الأخرى هي دعم علب الأطفال المسموح بيعها بالصيدليات بسعر (18) جنيهاً للعبوة، وتميز باللون الأزرق.
 
ورصدت «الفجر» تناقضات تصريحات وزارة الصحة، كما رصدت آراء المختصين حول الأزمة وأسبابها وكيفية مواجهتها.

نقص حاد في الألبان واختفاؤها
ونوه الدكتور «علي عبدالله»، صيدلي، مدير المركز المصري للدراسات الدوائية والإحصاء، إلى أن الدولة أصبحت تحت تهديد حدوث نقص حاد في الألبان واختفاؤها من السوق، إن لم تتخذ الحكومة قرارات سريعة وحاسمة بسرعة تنفيذ المناقصة باستيراد وتوزيع الألبان، مطالبًا بسرعة إنشاء مصنع محلي للألبان أو تطوير المصنع السابق وليس معنى خطأ في تشغيله هو غلق المصنع فليس متبع في وزارة الصحة غلق مصانع الأدوية بعد اكتشاف تشغيلات غير مطابقة للمواصفات.
 وأوضح «عبدالله»، أن وجود مصنع محلي سوف يوفر الألبان خاصة في وجود الخبرات والمواد الأولية ويمكن الاستعانة بالتكنولوجيا والخبرات الأجنبية كذلك توجيه الدعم إلى المصنع ثم توفيره للإنتاج فيما بعد.

«كارثة» الإختفاء
ويضيف الدكتور محمد عوضين، صيدلي، أن مشكلة نقص لبن الأطفال المدعم ونصف المدعم أصبحت كارثة، فلم يقتصر الأمر على مجرد قلة الكميات حاليًا، بل تطور حتى وصل إلى الاختفاء بالفعل، مضيفًا: «توفير أكثر من علبة لبن للطفل الواحد، أصبح أمرا شبه مستحيل، وللأسف وزارة الصحة، أعلنت منذ فترة أن المشكلة في طريقها للحل، على غير الحقيقة».
 وأوضح عوضين: «منذ عدة أشهر، كان يمكن للشخص الحصول على علبتين من اللبن، سواء المدعم أو نصف المدعم شهريًا، أما اليوم، أصبح الأمر مستحيلا، متابعا: «للأسف، وزارة الصحة تستهين بالأزمة، فحتى الآن، لم تضع خطة للمواجهة، وبالفعل نحن أمام كارثة وهي اختفاء لبن الأطفال بصورة كاملة وهو ماينذر بخطورة كاملة لحياة الأطفال».
 
«المصري للحق في الدواء» يحذر من نقص الألبان واختفائها
في هذا الإطار، حذر المركز المصري للحق في الدواء من النقص الشديد في ألبان الأطفال المدعمة، خاصة بمراكز الأمومة والطفولة بالمحافظات، والتي تصرف عبوتين شهرياً لكل طفل مسجل لديها، مرجعاً الأزمة إلى تأخر إرسال موافقة وزارة المالية للشركة المصرية لتجارة الأدوية باستيراد تلك المنتجات، مما أدى إلى النقص الحاد بها، في الوقت الذي تتوافر فيه بدائلهما المستوردة غير المدعمة.
 
 تقليص حصة كل صيدلية لـ 4 علب شهرياً
في هذا الصدد يقول الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الدواء باتحاد الغرف التجارية، إن حصة كل صيدلية تقلصت على أربع علب فقط من لبن الأطفال شهريًا، متسائلًا: «كيف يمكن أن يغطي العدد السابق احتياجات هذا الكم من الأهالي الذين يطلبون اللبن لأطفالهم؟».
 
وتابع عوف: «خاطبت نقابة الصيادلة مرارًا وتكرارًا لحل الأزمة، لكن دون جدوى، وكل ما تفعله وزارة الصحة نفي وجود نقص في لبن الأطفال، وكأن الأمر مفتعل، رغم علمها جيدا بالأزمة».
 
وأكد رئيس شعبة الدواء باتحاد الغرف التجارية، أن مخزون لبن الأطفال بالفعل، غير كاف لسد احتياجات عدد الأطفال في مصر الفترة المقبلة، موضحًا أن الأمر يزداد سوءً وخطورة، وعلى وزارة الصحة أن تنتبه قبل وقوع كارثة اختفاء اللبن المدعم نهائيا.
 
وزارة الصحة تنفي وجود أزمة واختفاء لبن الأطفال
وعلى الجانب الآخر، نفى الدكتور محمد عزمي، وكيل وزارة الصحة بالجيزة، ما تردد عن اختفاء لبن الأطفال المدعم ونصف المدعم خلال شهر، مؤكدا أن لبن الأطفال ليس به أي نقص، والأمر على ما يرام!.
وهو ما اتفق معه الدكتور «ضياء يوسف»، العضو المنتدب بشركة إيجيكو فارم للمنتجات الدوائية، بأن الشركة لديها مخزون استراتيجي من ألبان الأطفال يقدر بـ5 ملايين علبة تكفي لمدة 3 أشهر، مؤكدًا أن 2.5 مليون علبة استهلاك ألبان الأطفال شهريًا، نفيًا حدوث أزمة نقص ألبان الأطفال نظرًا لوجود مخزون استراتيجي يكفي 3 أشهر وهي المدة التي تستغرقها مناقصة الألبان التي تجريها وزارة الصحة بشكل دوري.
 
حجم إنتاج مصر من ألبان الأطفال «صفر»  
فيما أردف الدكتور «محي عبيد»، نقيب عام صيادلة مصر، بأن حجم إنتاج مصر من ألبان الأطفال «صفر» حيث إننا نستورد ألبان بمقدار 50 مليون عبوة سنويًا، موضحًا أن النقابة واجهت بشكل قاسي جدًا أمر إسناد توزيع ألبان الأطفال المدعمة لإحدى شركات الأدوية الخاصة بدلًا من الشركة المصرية لتوزيع الأدوية، كما أعلنت أنه لا يمكن السماح لشركة خاصة بتوزيع مثل هذه المنتجات الحيوية المدعومة من الدولة لمستحقيه، مشيرًا إلى أنه إذا كان هناك تقصير بالشركة المصرية لتجارة الأدوية فنحن مع تطوير منظومة صرف الألبان المدعمة ولكن باقتصار التوزيع على هذه الشركة دون غيرها من الشركات الخاصة.

تحمل الأطفال نتائج المشاكل الاقتصادية
«في كل الأحول ناقص، ومن الممكن أخذ بديل غير المدعم، أما اختفائه فهو خطورة بالفعل على الأطفال، بل يتسبب في موتهم»، بهذه الكلمات عبر الدكتور «السيد معوض» أخصائي أطفال، عن خطورة اختفاء للبن الأطفال في مصر، لافتًا إلى أنه لابد من مواجهة الأزمة الحقيقية وهى ارتفاع سعر الدولار الذي يتسبب في اختفاء اللبن من السوق فبدلا من الحلول الاستسلام، متسائلا: «هل يجوز تحمل الأطفال نتائج المشاكل الاقتصادية؟».