في ذكرى وفاته.. «محمد سيد طنطاوي».. الإمام الذي صافح «بيريز» ورحب باستضافة الإسرائيليين في الأزهر.. (بروفايل)

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

أثارت بعض تصريحاته جدلا واسعًا في الأوساط الدينية، مما جعل البعض يدعونه إلى الاستقالة من مشيخة الأزهر، رغم أنه حرص على الابتعاد عن الشأن السياسي؛ حيث مكانة مصر في المنطقة والأحداث المتوالية التي عرفها العالم الإسلامي ضمن ما يسمى الحرب على «الإرهاب»، وارتباط السياسي بالديني، كل ذلك دفعه لتبني مواقف أثارت اعتراضات.

فكانت حياته مليئة بالإثارة، ربما بطيب خاطر، وربما بتلقائية ملفتة، وفي وقت آخر بقصد، حيث كان الأمام« محمد سيد طنطاوي»، شيخ الأزهر السابق، يمثل رمزاً للإسلام الوسطي في أعين الغرب، لم يكن لديه مانع من مصافحة «شيمون بيريز»، على خلاف المتوقع من رجال الدين الإسلامي، بل صافحه، ولم يكتف بذلك بل لم يكذب الصحف الإسرائيلية التي زعمت أنه هو من بادره بالمصفحة.

نشأته ودرجاته العلمية
ولد الشيخ «محمد سيد طنطاوي» في الثامن والعشرون من  أكتوبر عام 1928 ، بقرية سليم الشرقية في محافظة سوهاج، تعلم وحفظ القرآن في الإسكندرية، وحصل "طنطاوي" على الإجازة العالية "الليسانس" من كلية أصول الدين جامعة الأزهر 1958، وعمل كإمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف 1960.
حصل على الدكتوراه في الحديث والتفسير العام 1966 بتقدير ممتاز، وعمل كمدرس في كلية أصول الدين جامعة الأزهر 1968، وأصبح أستاذ مساعد بقسم التفسير بكلية أصول الدين بأسيوط 1972، ثم انتدب للتدريس في ليبيا لمدة 4 سنوات، ثم أستاذ بقسم التفسير بكلية أصول الدين بأسيوط في 1976، وعميد كلية أصول الدين بأسيوط 1976.

مناصبه
تولى الكثير من المناصب القيادية في المؤسسة السنية الأولى في العالم، وله تفسير لكثير من سور القرآن، لكن هناك من اعتبر بعض مواقفه السياسة ليست موفقة، وأنها طغت أكثر على الجانب العملي والعلمي في حياته، ويعتبر من العلماء الذين برزوا في العصر الحديث بأهم المواقف التي تتبنى فكر المؤسسة الرئاسية فالذي ينظر في كتب الشيخ يجد فيها اختلافاً كثيراً بين ما فيها وبين بعض مواقفه لا سيما السياسية منها .


فتوى لا تنسى
وللشيخ سيد طنطاوي، فتاوى لا تنسى أثارت جدلًا كبيرًا، اختلف حولها وكان هناك مؤيدين لتلك الفتاوى والمعترضين عليها، ففي ديسمبر 2002 صدرت عنه فتوى تجيز استثمار الأموال في البنوك التي تحدد قيمة الربح مقدما، واعتبرت الفتوى أن هذا النوع من الاستثمار حلال، ورغم أن مجلس مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر ناقش الفتوى ووافق عليها فإنها ظلت مثار جدل من طرف العديد من المتخصصين.

التجربة السياسية
أثارت تعليقاته في ديسمبر2003 بعد لقائه بوزير الداخلية الفرنسي حينها «نيكولا ساركوزي» من أن لفرنسا الحق في تبني قانون يمنع الفتيات المسلمات من ارتداء الحجاب في المدارس الفرنسية، جدلا إعلاميا واسعا، كما أثارت كلمته أثناء خطبة جمعة في مسجد النور وسط القاهرة في أكتوبر 2007- بمعاقبة من يقذف غيره بالتهم الباطلة وترويج الشائعات الكاذبة بالجلد ثمانين جلدة، زوبعة إعلامية.

 مصافحة «بيريز»
وتعرض لنقد لاذع بعد مصافحته في 12 نوفمبر 2008 الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في مؤتمر حوار الأديان الذي نظمته الأمم المتحدة والسعودية في نيويورك، وتوّج هذا النقد بمُساءلة برلمانية في مصر، وطالبه نواب الإخوان بالاعتذار، فيما طالبته شخصيات مصرية بالاستقالة من منصبه.
وعلى خلفية الجدل الذي أثير بعد اللقاء، قال طنطاوي في تصريحات له: "مكتبي مفتوح لاستقبال شخصية يهودية أو غيرها ولو طلب الرئيس الإسرائيلي أو رئيس الوزراء زيارة الأزهر، فما المانع طالما أن ذلك يعود على خدمة السلام في المنطقة والقضية الفلسطينية فالسلام يفتح حوارا مع جميع الأديان والعقائد الفكرية وهذا ما أكدناه بمؤتمر حوار الأديان بالأمم المتحدة."

علاقته بـ«بابا الإسكندرية»
لعب طنطاوي دورا بارزا في الحفاظ على الوئام بين المسلمين والأقلية المسيحية في مصر، وجمعته علاقة متميزة ببابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية شنودة الثالث.

 
وفاته
توفي صباح في مثل هذا اليوم 10 مارس 2010 في الرياض عن عمر يناهز 81 عاما إثر نوبة قلبية تعرض لها عند عودته من مؤتمر دولي عقده الملك عبد الله بن عبد العزيز لمنح جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام للفائزين بها عام 2010، وقد صليَّ عليه صلاة العشاء في المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة ووري الثرى في البقيع، وقد نعته الفاعليات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم الإسلامي خاصةً مصر، حيث أصدرت فيها جماعة الإخوان المسلمين والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ونقابة الأشراف والمجلس الأعلى للطرق الصوفية بيانات عزاء للعالم الإسلامي في وفاة طنطاوي.