منال لاشين تكتب: خطة «دعم مصر» للتخلص من النواب المشاغبين

مقالات الرأي



الخوف على سمعة المجلس كان هاجس بعض قيادات

نائبة تسأل: الحلف بالطلاق ما يستاهلش العقاب؟

خطة «دعم مصر» للتخلص من النواب المشاغبين

■ عددهم لا يتجاوز أربعة نواب وبعضهم تحالف مع إعلاميين لإرهاب البرلمان والحكومة معا

لحظة إعلان النتائج لحظة إسقاط العضوية عن توفيق عكاشة ابتسم قيادى من دعم مصر، ورفع اصبعه قائلا لزميله (الأول)، وذلك على غرار فيلم أمير الانتقام، ففى فيلم أمير الانتقام يقرر البطل أن ينتقم من الأربعة الذين تحالفوا ضده، ولما تمكن من أولهم قال بفخر وارتياح (الأول) ثم (الثانى) وهكذا، ولكن إسقاط العضوية عن توفيق عكاشة لم تكن لحظة انتقام شخصى، ولكنه كان على طريقة تكريم المبدعين (عن مجمل أعماله)، كان الغضب والإحساس بالإهانة من أفعال وأقوال توفيق عكاشة يملأ نفوس كثير من النواب، ولم يكن عكاشة وحده سبب هذا الإحساس، فالبرلمان دفع ثمنا من سمعته وصورته بسبب أفعال وأقوال عدد من النواب لا يتعدون أصابع اليد الواحدة.

ظلم هؤلاء النواب الأربعة أكثر من 590 نائبا آخرين، وخلقوا مناخا معاديا تجاه البرلمان، بالطبع صدرت تصرفات فردية من بعض النواب فى الجلسات الأولى، ولكنها تظل أخطاء نتيجة عدم الخبرة، ومثل هذه الأخطاء فى طريقها للتلاشى كلما اكتسب النواب الخبرة، ولكن هؤلاء النواب الأربعة يرتكبون خطايا فى حق المجلس وزملائهم من النواب كل صباح ومساء.

1- توجه دعم مصر

منذ ثلاثة أسابيع تقربياً استعاد تحالف (دعم مصر) سيطرته على الأمور، أصبح أصغر عددا، ولكنه أكثر فاعلية، وقد ظهرت هذه الحقيقة بوضوح خلال عملية إسقاط العضوية على توفيق عكاشة، والذى تحولت تصرفاته إلى كابوس مزعج ومحرج للعديد من النواب داخل وخارج دعم مصر، وجاءت سقطة مقابلته مع السفير الإسرائيلى لتضع نهاية لكل أفعاله، فاللقاء مع السفير الإسرائيلى كان صدمة أكبر من احتمال معظم النواب، وقبل إسقاط العضوية بيومين جاءت رسالة لكل نواب دعم مصر، وذلك بعد اجتماعات فرعية مع نواب بالمحافظات فى التحالف، والرسالة لم تحدد عقوبة محددة لتوفيق عكاشة، ولكنها قالت بوضوح التصويت يكون للعقوبة الاشد، ولكن قبل نهاية اليوم البرلمانى السابق لاسقاط عضوية توفيق، انتشرت رسالة أخرى بالتأكيد على حضور جلسة الغد وعدم الغياب، وراح نواب من دعم مصر ومن خارجها يؤكدون على زملائهم عدم الغياب، وفى هذه اللحظة صدر حكم بإعدام عضوية عكاشة.

وأثارت القضية شهية بعض قيادات المجلس من النواب، فتوفيق عكاشة ليس وحده فى مجال إحراج البرلمان وتشويه صورته بالجهود الذاتية.

وقضية تشويه صورة البرلمان كانت فى ذهن بعض النواب منذ انطلاق اعمال المجلس، فقد حرص النائب المخضرم علاء عبدالمنعم على التأكيد منذ بداية البرلمان على أهمية اللائحة، وذلك لمواجهة انفلات بعض النواب، وأن تكون العقوبات فى اللائحة التنفيذية مشددة لكل من يتجاوز داخل أو خارج قاعة البرلمان وأسواره، وذلك فى إشارة إلى نواب الفضائيات والاساءة والتهديد الموجه لخلق الله، وكانت وجهة نظر علاء عبدالمنعم أن تصل العقوبة فى حالة تكرار التجاوز لإسقاط العضوية، والآن يترجم علاء عبدالمنعم هذه الآراء أو التوجيهات إلى أفعال، فهو يتقدم بسيديهات حول تجاوزات نائب ضد الدستور وضد المواطنين وتهديداته لهم فيما يمثل خروجا عن تقاليد المجلس، وإخلالا بواجبات العضوية، وذلك فى تطبيق عملى لنظرية رفع الحرج والضغط عن البرلمان الجديد، فقد تحمل مجلس النواب نتائج أفعال عدد محدود جدا من نوابه، ولكنها أثرت سلبا على نظرة المجمتع للبرلمان بأكمله، فمهما وصفت هذه التصرفات بالفردية، فإن المواطن يميل بطبعه إلى إصباغ الخاص على العام.

2- محاولة السيطرة

ولكن الأمر لم يقف فقط عند الإساءة للمجلس وصورة البرلمان، ثلاثة من هؤلاء النواب كانوا يخططون للسيطرة على أعمال البرلمان، ولا يوجد أدنى مبالغة فى هذه الجملة، فقد عقد النواب اجتماعات سرية ومغلقة فى منزل أحدهم، وضم الاجتماع عددا من الاعلاميين المشهورين بالصخب، وخلال هذه الاجتماعات اتفقوا على التعاون فى إحكام السيطرة على إرادة المجلس والحكومة، وسط إحساس هائل بالغرور وتضخم الذات جرى اتفاق غريب، وقد وصلت أصداؤه بل بالاحرى أنباؤه لجهات عديدة، ووصلت أيضا لبعض النواب، فكل نائب سيجرؤ على معارضتهم سيكون عرضة للمدفعية الثقيلة لهم سيديهات وتسريبات، وتعريض بالسمعة الشخصية للنائب وأسرته، وليس هناك أسهل من صناعة الاكاذيب، وخلال هذه الاجتماعات أيضا نالت الحكومة نصيبا وافرا من الاتفاق، أى وزير سيخرج على طاعتهم سيتعرض للتشويه.

وكان تحالف دعم مصر هو الضلع الثالث فى مثلث الاتفاق، المطلوب تشويه التحالف وتأليف فضائح لقياداته، وكل ذلك من خلال استضافة شبه يومية فى هذه البرامج، وأن تجرى هذه البرامج الثلاثة عمليات الصلح بين النواب فى حالة الخضوع لإرادة النواب الثلاثة.

ولاشك أن كل هذه التفاصيل ازعجت من عرفوا بها، وشعروا بالاهانة البالغة، فمن المهين أن يتصور اثنان أو ثلاثة نواب أنهم قادرون على احتكار البرلمان، أو السيطرة على النواب وإخافتهم.

فى تلك الفترة لم يكن توفيق عكاشة ضمن هذه الشلة، ولكنه كان يقوم بالواجب والزيادة خناقة ومشكلة وتجاوز كل يوم تقريبا، ولذلك تصور هؤلاء النواب أنه يمكن استخدام عكاشة، وذلك لتفجير أزمات متعددة أمام البرلمان، ثم يتولى هؤلاء النواب التدخل لمنع تفجر الأزمة أو محاصرة توابعها، وهو ما حدث بالفعل عندما تفجرت إحدى الأزمات فى وجه نائب مستقل وشهير.

3- غضب عام

لم يكن معظم نواب البرلمان على علم بهذه التحركات، ولا هذه الصفقة بين النواب والاعلاميين، ولكن كل النواب لديهم غضب حقيقى من تصرفات هؤلاء النواب، هناك من يشعر بالحرج فى محيطه وأسرته قبل دائرته من تصرفاتهم، وهناك من يشعر بالغضب والاهانة من تعليقاتهم داخل المجلس أو خارجه، والأخطر من تهديدهم لزملائهم النواب والنائبات، الكل يريد أن يتم اتخاذ موقف حاسم ضد هؤلاء، وهناك أغلبية كاسحة وقفت وراء إسقاط عضوية عكاشة وتنتظر المزيد، تنتظر أن يعاقب المخطئون، وأبسط نموذج لذلك قصة النائبة مع اللائحة، فقد سألت إحدى النائبات رئيس المجلس عن حكم (الحلفان بالطلاق) فى المجلس، وهل يجب ذكر ذلك فى عقوبات اللائحة، وكان رد رئيس البرلمان أن هذا الحلفان يمثل خروجا عن واجبات العضوية، وأضاف الدكتور على عبدالعال أن الاخلال بواجبات العضوية يستوجب العقاب، وكل النواب يعلمون من هو النائب الذى يكثر من استخدام يمين الطلاق، وهذه مجرد واقعة من وقائع عديدة داخل وخارج القاعة تنم عن غضب مكتوم، وأحيانا معلن من نواب الشغب الذين يسيئون للبرلمان والنواب.

4- سبات برلمانى

سواء نجحت محاولة النائب علاء عبدالمنعم بإسقاط عضوية أحد هؤلاء النواب أم تأخرت نتائجها، فإن الحقيقة الاساسية أن درس توفيق عكاشة قد أثر على هؤلاء النواب، خاصة أن بعض الجهات وجهت لوما شديدا لبعض هؤلاء النواب، وقد أدى هذا اللوم إلى ابتعاد نائب منهم عن المجموعة، ووضع مسافة بينه وبينهم، بل اختار نائب آخر من المجموعة الابتعاد خارج مصر، مفضلا السفر والتنقل بين عواصم عربية وأوروبية حتى تنتهى هذه الفترة، وتخلى هذا النائب عن حلم رئاسة إحدى اللجان البرلمانية، وذلك بعد وضع الخطط للفوز بأصوات زملائه من أعضاء اللجنة، فقد دخل النائب فى سبات برلمانى من خلال السفر، والتزم نائب آخر بالخطوط المقبولة ووضع لنفسه خطوطا حمراء لا يتجاوزها، وعرض نائب ثالث من هذه المجموعة الصلح مع بعض الخصوم وذلك من باب إظهار (حسن النوايا)، ولكن هل نحن أمام تغير حقيقى وتوبة نصوح أم تغير فى التكتيك فقط؟

إجابة هذا السؤال ستحدد مصائرهم إلى حد كبير لأن الانفلات فى البرلمان لن يعد مقبولا بعد إقرار اللائحة.

فالجميع ينتظر أداء مختلفا من النواب بعد اللائحة واختيار رؤساء ومكاتب اللجان النوعية الكل ينتظر أن يخفت صوت الضجيج، وأن تقل أخطاء النواب يوما بعد يوم وجلسة بعد الأخرى، ولكن لا أحد يمكنه قبول أو احتمال الخطايا والتهديدات والشتائم من بعض النواب، أو استمرار تجاوزات نائبين أو ثلاثة على شاشات الفضائيات، وهو الامر الذى يسىء للمجلس ويظلم نوابه، ومع تقدم تحالف دعم مصر وتماسك نوابه فإن إسقاط عضوية النواب الآخرين ليس مستبعدا، وبنفس طريقة فيلم أمير الانتقام فهناك الأول والثانى والثالث وربما لا يصل قطار الاستبعاد إلى الرابع.