خبراء اقتصاد يطالبون بنموذج جديد للمنطقة وتحقيق التكامل الإقليمي

الاقتصاد

بوابة الفجر


أكد المشاركون في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السنوي لمنتدى البحوث الاقتصادية، ضرورة تبني استراتيجية جديدة للتنمية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن بينها دول الربيع العربي لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز معدلات النمو الاقتصادي والاستثمارات.

وأضاف الخبراء، في الجلسة الافتتاحية التي بدأت أعمالها بالقاهرة صباح اليوم السبت، أن استراتيجيات التنمية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ينبغي أن تركز على توفير البيئة المواتية للاستثمار، وخلق الوظائف، والبحث عن أفضل الطرق لتجاوز المرحلة الانتقالية على المدى القصير، مع الحفاظ على التوازن بين ضغوط المطالب الاجتماعية للفئات المختلفة والموارد الشحيحة، وتعزيز إندماج دول المنطقة في الاقتصاد العالمي.

وقال حافظ غانم نائب رئيس البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن ثورات الربيع العربي اندلعت للعديد من الأسباب من بينها، تفشي الفقر والفساد والبطالة رغم ارتفاع معدل النمو الاقتصادي بعدد من تلك الدول، وتفاقم مشكلة بطالة المتعلمين بنحو خاص، وتهميش قطاعات عديدة من السكان كالشباب والمرأة، وتهميش مناطق جغرافية في كل إقليم، وعدم قدرة القطاعين العام والخاص على توفير فرص العمل، وتنامي حالات الاحباط وإهمال القطاع الزراعي.

وأضاف "غانم"، أنه يتعين على دول المنطقة منح عناية كبيرة للقطاع الزراعي وصغار الفلاحين، وكذا الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير أساليب إتخاذ القرار وآليات تطوير الخطط، وإشراك الخبراء المستقلين والمجتمع المدني ورجال الأعمال فى وضع الخطط والرقابة على تنفيذها مع تعظيم الاهتمام بجودة التعليم في المنطقة كلها.

وقال إن "العقد الاجتماعي" الذي انتشر في المنطقة محتذيا النموذج الناصري لم يعد ممكنا الاستمرار فيه، وأصبح من الحتمي ابتكار عقد اجتماعي جديد يزيد من مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، ويمنح فرصا أكبر للشباب والمرأة ويبتكر آليات مختلفة للحوافز الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.

ودعا الدول العربية إلى مزيد من التكامل والعمل المشترك في مجال الطاقة والمياه وتطوير التعليم.

وقال محسن خان خبير اقتصاديات الشرق الأوسط بمركز الأطلنطي بواشنطن، إن دول المطنقة ركزت على الأجندة السياسية، وأهملت الأجندة الاقتصادية مع أنه كان من الواضح للجميع أن العوامل الاقتصادية لعبت دورا أساسيا في اندلاع ثورات الربيع العربي.

ولفت إلى أن دول الربيع العربي شهدت خلال السنوات الخمس الماضية تراجعا في معدلات النمو الاقتصادي، وزيادة في معدلات البطالة، وارتفاعا ملحوظا في عجز الموازنات ومعدلات التضخم.

وأكد ضرورة إصلاح عجز الموزانة والدين العام كمدخل مهم لتحفيز النمو وتقليل اللجوء إلى التوظيف في الحكومة، وخلق الفرص عن طريق القطاع الخاص والاستقرار على نموذج اقتصادي مناسب، وطالب مصر بالإسراع في تشغيل الطاقات العاطلة لأن ذلك يمكن أن يكون له مردود سريع.

ونوه إلى أن الدول المانحة لم تف بوعودها إزاء دول الربيع العربي، غير أن الأمر الجديد في المنطقة هو قيام دول الخليج نفسها بجهود لإصلاح موازناتها، وتحسين الإيرادات العامة.

وأوضح أن نقص التمويل يعد التحدي الأكثر الذي يواجه استراتيجيات التنمية بدول الربيع العربي، مشيدا بالإجراءات الأخيرة التي تبنتها مصر لدعم استقرار السوق المصرفية.

وفي السياق ذاته، قال عادل ماليك خبير اقتصاديات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بجامعة أوكسفورد البريطانية: إن التحديات التي تواجه دول الربيع العربي تستلزم مواصلة الإصلاحات الهيكلية لدعم التحولات السياسية والاقتصادية.

ولفت إلى أن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها بعض دول الربيع العربي تؤثر على الإصلاحات الهيكلية، داعيا حكومات تلك الدول إلى رسم خريطة للاتصال الاجتماعي والسياسي بينها وبين شعوبها لتحديد أولويات برامج الإصلاحات الهيكلية.

وقال إن الإصلاحات التي نفذتها الهند وماليزيا وإندونيسيا تقدم نماذج يمكن الإستفادة منها، وإنها ساهمت في زيادة معدلات النمو الاقتصادي، مؤكدًا أن أجندة التنمية الاقتصادية بدول الشرق الأوسط ينبغي أن تراعي الاعتبارات السياسية والاقتصادية والمجتمعية، لافتًا إلى ضرورة تقديم حوافز لبناء ائتلاف قوي يضم عناصر من النظام القديم مع أخرى بازغة.

ودعا دول المنطقة إلى تنويع اقتصادياتها، وتعزيز اندماجها مع الاقتصاد العالمي، وتوفير البيئة المواتية للاستثمار، ودعم التحالف بين الحكومات والقطاع الخاص لمواصلة تنفيذ خطط الإصلاحات الهيكلية.

واعتبر أن دول المنطقة أهملت البعد الزمني في الإصلاحات المختلفة، وخلطت بين ما هو مطلوب للمدى القصير والمطلوب فى المدى المتوسط والطويل، وقال إن التغيرات التى حدثت وتحدث في إيران سيكون لها انعكاسات كثيرة على التنمية في المنطقة وعلى الاقتصاد العالمي نفسه.

ودعا إلى تنمية عنقودية تقوم على العلاقات الجيدة بين المؤسسات المختلفة والمرونة في التعامل مع العالم الخارجي وإدارك ما يحدث فيه.

وقال أحمد جلال مدير منتدى البحوث الاقتصادية، إن المؤتمر سيركز على البدائل المتعددة لإنهاء ما يسمى "رأسمالية المحاسيب"، وتحقيق الكفاءة الاقتصادية مع العدالة الاجتماعية بالمفهوم الشامل لها، وإصلاح الدول لكي تكون أقل فسادا وأكثر كفاة وبناء قوى للإصلاح بدول الشرق الأوسط، بحيث لا يتعرض للانتكاسة تحت ضغط القوى القديمة مرة أخرى.

وأضاف أن بعض الدول في المنطقة مثل سوريا وليبيا واليمن والعراق لا تزال غارقة في صراعات دموية، وهو ما يشل من قدرة تلك الحكومات على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية.

ويشارك في المؤتمر، الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام، نخبة من خبراء وعلماء السياسية والاقتصاد البارزين من مصر والولايات المتحدة وفرنسا وإنجلترا والكويت وتونس ولبنان والسودان.