أحمد فايق يكتب: الخطة البديلة للتخلص من الإرهاب فى سيناء

مقالات الرأي



■ الحلول الأمنية وحدها لا تكفى

■ إعادة التعامل مع شيوخ البدو الحقيقيين

■ تعيين نواب محافظ من أبناء سيناء

■ تمليك الأرض بعد تأجيرها 30 سنة

أصيب الكثير من الأصوات بالخرس بعدما حدث فى بروكسل، أصوات تتحدث دائما عن تقصير أمنى فى مواجهة الإرهاب، نفس الأصوات التى نهشت لحم مصر بعد سقوط الطائرة الروسية، بعضهم يردد كلام الآخرين عن جهل والبعض الاخر يديره بشكل متعمد ويدس السم فى العسل.

لم يتحدث أحد حتى الآن عن تقصير أمنى فى بروكسل، لم تعلن دول عن منع حركة الطيران إلى بلجيكا، لم تصدر منظمات عالمية تقارير عن الإجراءات الأمنية الضعيفة فى الاتحاد الأوروبى، لم تتسرب تقارير إلى وسائل الإعلام العالمية عن أحد المسافرين الذى «كرمش ورقة» بـ10 يورو ووضعها فى يد الضابط البلجيكى.

لم تتحدث الصحف عن انهيار النظام البلجيكى بعدما حدث، بل العكس تماما هو ما حدث، الجميع وقف معهم صحافة وإعلام ودول الاتحاد الأوروبى والعالم كله، خلل فى مطار بروكسل يعنى أن المنظومة الأمنية فى أوروبا خدعة كبرى، وأنهم يحتاجون سنوات لإعادة المنظومة من جديد، والقاعدة تقول أنه لا يوجد نظام أمنى بلا ثغرات، لكن هذه المرة الثغرة كانت بحجم واحد من أكبر مطارات العالم، لن تستطيع بروكسل غلق مطارها لشهور كثيرة، ولن تستطيع وقف حركة السياحة، دول الاتحاد الأوروبى تعيش على السياحة رغم الصناعة والتقدم، إلا أن السياحة هى أحد أهم مصادر الدخل هناك.

مدينة مثل «كان» الفرنسية عدد سكانها لا يتجاوز 50 ألفا ويزورهم فى مهرجان «كان» السينمائى 73 ألف سائح فى 13 يوما، ويدفع السائح منهم 3 آلاف يورو على الأقل فى الأيام الـ13، هناك أماكن فى الاتحاد الأوروبى للسهر تعتمد على ما ينفقه الأمراء فى سهرة واحدة، هناك آلاف من صالات القمار تعيش على السائحين العرب والصينيين.

لن تستطيع أوروبا غلق مطاراتها، لكنهم يستطيعون استغلال أى حدث فى بلد مثل مصر للتضخيم وتحويله إلى قضية رأى عام عالمية، لقد سقطت مئات الطائرات فى العالم، والعشرات منها بسبب أحداث إرهابية، ولم تعلن نتائج التحقيقات قبل سنوات من السقوط، فى مصر قررت وسائل الإعلام الغربية إظهار أسرع نتيجة تحقيقات سقوط طائرة فى التاريخ، وهى بعد السقوط باربع ساعات.

نعم هناك مستويات فى التعامل مع القضايا الكبرى إعلاميا، والإعلام الغربى يتعامل مع ما يحدث فى مصر بشكل مجحف وغير مهنى ولا يختلف كثيرا عن إعلام الترافيك فى مصر.

كل هذا الكلام لا يجعلنا ننسى أن سيناء تتعرض لهجمات إرهابية منظمة، ليست فقط من بيت المقدس أو القاعدة بل من مخابرات دول أجنبية، إسرائيل ليست بريئة مما يحدث فى سيناء وتركيا وقطر ليستا بعيدتين، ومن مصلحتهما جعل سيناء منطقة إرهاب مفتوح.

بدليل أن هذه العمليات تتوقف عند الحدود، ليس براعة من جهاز الامن الإسرائيلى إنما تواطؤ من العناصر الإرهابية مع العدو الصهيونى.

إن ما يحدث فى سيناء هو ثمن عودة مصر إليها، نعم لقد كانت إسرائيل سعيدة بمصر مبارك التى تتعامل مع سيناء باعتبارها عبئا ودولة أخرى، كان الكثير من قوى الظلام سعيدة بعدم تواجد قوى للجيش على أراضى سيناء.

لقد أنقذت العناية الالهية جنوب سيناء لأن الاهالى هناك لديهم مصلحة أن تظل مستقرة، فهم يربحون من السياحة، وولع مبارك بشرم الشيخ أنقذ نصف المحافظة، لكن تجاهل مبارك شمال سيناء جعل مصدر رزق جزء من أهلها قائما على المخدرات، بعضهم للأسف الشديد يستورد المخدرات من إسرائيل.

مؤخرا عاد الجيش إلى سيناء ومصر تدفع ثمن العودة، إن ما يحدث فى سيناء الآن لا يقل أهمية عن حرب الاستنزاف ونصر 73.

لكن يبقى السؤال العالق: هل الحلول الأمنية فقط تصلح؟

يقدم الجيش والشرطة كل يوم شهيدا جديدا فى سيناء وتأمين ثلث مساحة مصر بعدد قوات قليلة أمر مستحيل، لكننا رجالنا يفعلونها، ويحتاجون إلى المساعدة وحلول سياسية للأزمة.

المطلوب الآن وليس غدا إعادة التعاون مع مشايخ البدو الحقيقيين فى سيناء وليس بعض الشخصيات التى أعدتها الأجهزة الأمنية، لأنهم بلا تأثير حقيقى.

مطلوب الآن وليس غدا تعيين نواب للمحافظ من أبناء سيناء، أو محافظين، فهم أقدر على حل المشاكل، مطلوب أن نتخلص من عقدة الأرض وأن يتم تطبيق نظام التأجير التمليكى، أى يحصل أبناء سيناء على الأرض ملكية كاملة بعد 30 عاما، وهى فترة كافية كى تتغير الخريطة كاملة فى سيناء، مشاريع تنموية كبيرة كفيلة بتعمير سيناء بالمصريين من المحافظات كافة.

لقد تغيرت التركيبة الديموغرافية لأسوان بعد بناء السد العالى، وسيناء مؤهلة لذلك، حتى لا تستفحل قوى الشر وتجعلنا نندم، مطلوب حلول سياسية تساعد قوات الجيش على الأرض.

هل نحتاج إلى فتح حوار وطنى هناك؟

هل نحتاج إلى مفاوضات سياسية مع مشايخ القبائل؟

كل هذا الكلام لا يعنى أن نوقف الامن فلولاه لن تعود سيناء إلينا، لكن يجب أن تعمل مع العصا أشياء أخرى.