"اللعب" بالتاريخ في المناهج التعليمية من الملكية إلى "السيسي"

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


كل شيء في مصر يتغير تبعاً للظروف الراهنة، في كل وقت وفي كل فترة تاريخية من عمرها، لا شيء في مصر يبقى على حاله، حتى التاريخ!، نحذف منه ونضيف إليه كما يحلو لنا، وكما يتطلب الظرف الراهن.
 منذ بضع أيام أثار حذف اسم الدكتور محمد البرادعي، من مناهج التعليم المصرية كمصري حائز على جائزة نوبل للسلام لغطاً كبيراً في الشارع المصري، كما أثار الأمر حفيظة المصريين الذي وصفوا الأمر بأنه "نفاق وتزييف للتاريخ"، فخرج المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم ليوضح حقيقة وأسباب حذفه، حيث صرح بأن حذف اسم الدكتور محمد البرادعي تم بناءً على طلب أولياء الأمور، وبعيداً عن أي مواقف سياسية.
وفسر الكثيرون الأمر بأن الوزارة قد حذفت اسم الدكتور البرادعي بسبب موقفه السياسي بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة.
ولكن من الواضح أن تبرير وزارة التربية والتعليم للأمر لم يقنع الرأي العام بشكل كافِ، فظلت حالة من الغضب والاستهجان مسيطرة، حتى خرج "حسن" مرة أخرى وصرح بأن اللجنة التي قامت بحذف صورة "البرادعي" من المناهج تمت إحالتها للتحقيق.
وبعد حذف اسم البرادعي، كتب الدكتور عصام حجي، العالم المصري بوكالة ناسا الفضائية، على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك أنه قد تم حذف اسمه أيضاً من منهج التربية الوطنية، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي مستنكرة من ذلك متهمين الحكومة المصرية بتعمد حذف كل من يخالفها في الرأي السياسي.
ومنذ يومين نشر الدكتور عصام حجي اعتذار على صفحته الشخصية كتب فيه: "أتقدم بكامل الاعتذار عن الخبر الذي نشرته بالأمس، حيث ثبت لي اليوم بعد عدة اتصالات وتوضيحات من المسؤولين أنه لم يتم حذف سيرتي الذاتية من كتاب التربية الوطنية.. وأعتذر مرة اخرى للاستاذ بشير حسن المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم و كل العاملين بالوزارة للخطأ الذي ارتكبته حيث أرسلت لي معلومات ونسخة خاطئة من الكتاب من مصادر إعلامية وصحفية اعتدت الثقة بها".
 لكن عدم حذف "حجي" من المناهج لا ينفي وجود الظاهرة، ولم يكن"البرادعي" أول شخصية تُحذف من المناهج المصرية، فتلك الطريقة في التلاعب بالتاريخ ولو بشكل مؤقت طبقاً للمرحلة معتادة في مصر، منذ قيام ثورة 1952.


"فاروق" والتمجيد في الأسرة الحاكمة
اعتادت كتب التاريخ الخاصة بمناهج التعليم المصرية تمجيد الملك فاروق وأسرة محمد علي بشكل عام، حتى قبل قيام ثورة يوليو 1952، وبعد قيام الثورة تم حذف الدروس التي تقوم بذكر وتمجيد تاريخ الأسرة العلوية، وبل وتم وضع بعض الجمل والعبارات المسيئة له، والتي تتهمه بالفساد والأكثر من ذلك كان هناك فصل بعنوان "فضائح ونزوات الملك فاروق"، وتم حذف ذلك الفصل في مارس 2015 بناءً على طلب الملك السابق فؤاد الثاني نجل الملك فاروق.


محمد نجيب" وحذف اسم أول رئيس لمصر
وكانت كتب التاريخ في المناهج المصرية تشير إلى أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر هو أول رئيس لمصر بعد ثورة 1952، وذلك حتى عصر الرئيس السابق محمد حسني مبارك، الأمر الذي يخالف الحقيقة.
والحقيقة أن الرئيس الراحل محمد نجيب هو أول رؤساء مصر، وظل في الحكم لفترة قصيرة، وبسبب خلافات بينه وبين "عبد الناصر" تم حذف اسمه وتاريخه من المناهج، كما تم شطب اسمه من كافة السجلات، وتم منعه من الظهور طوال ثلاثين عاماً حتى ظن المصريون أنه قد مات.


"المشير" وحذف اسمه بعد خلاف مع "عبدالناصر"
تولى المشير عبد الحكيم عامر منصب القائد العام للقوات المسلحة ووزير الحربية، وبعد هزيمة 1967 وقعت الخلافات بينه وبين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وبعد أن تم وضعه تحت الإقامة الجبرية، تم حذف اسمه من المناهج، وحتى الآن ما زال الغموض يحيط بموته.


"الشاذلي" والخلاف مع "السادات"
رئيس أركان حرب الجيش المصري في حرب 1973، وبسبب خلاف له مع الرئيس "السادات" كان هو الوحيد الذي لم يتم تكريمه ضمن أبطال حرب أكتوبر، كما تم حذف اسمه من المناهج التعليمية.


"مبارك" والضربة الجوية
وفي عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك تم اختصار انتصار 1973 في الضربة الجوية التي قام بها "مبارك" أثناء الحرب، كما كان هناك فصول في كتب التاريخ والتربية الوطنية تتحدث عن عهد "مبارك" وإنجازاته.
وبعد قيام ثورة 25 يناير عام 2011 وخلع "مبارك" واتهامه بقضايا فساد وقتل المتظاهرين، تم حذف كل الفصول التي تتحدث عن انجازاته، وحتى إنجازات "سوزان مبارك" زوجته.


"محمد مرسي" وتكريم الإخوان
"الإخوان بناة الإنسانية، الإخوان السبيل للتقدم"، أضيفت هذه العبارة لكتاب الصف الأول الابتدائي، وتم حذف فصل كامل من مناهج كلية الشرطة، يصنف جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي، وذلك منذ تولي الرئيس محمد مرسي المعروف بأنه مرشح حزب الإخوان المسلمين، منصب رئيس الجمهورية.
 وبعد قيام ثورة 30 يونيو، وانتهاء فترة حكم "مرسي"، ذكر كتاب التاريخ الخاص بالصف الثالث الثانوي "الجمهورية الجديدة، التي وقعت في يد الإخوان المسلمين بدأت تمارس السلطة بنفس الأسلوب، الذي كانت تمارس به الحكومات السابقة سلطاتها ألا وهو حماية المصالح، التي تعبر عنها بمختلف الوسائل القانونية والاستثنائية وتريد من الجميع الانصياع لها والإيمان بقدرتها على إنجاز الأمور، وبالتالي فإن الذين يعارضون يدخلون في دائرة التمرد والعصيان ويحق عليهم العقاب".


حذف دروس تاريخية بسبب العنف
لم يتوقف الأمر عند حذف شخصيات الرؤساء والشخصيات العامة، بل تم حذف دروس كاملة خاصة بقادة تاريخيين مثل صلاح الدين الأيوبي وعقبة بن نافع.
حيث قالت وزارة التربية والتعليم "إنه تم حذف الموضوعات التي يمكن أن تحث على العنف أو التطرف، أو تشير إلى أي توجهات سياسية أو دينية أو أي مفاهيم يمكن أن تستغل بشكل سيء".