ابنة مصطفى أمين ترد على ابن صلاح نصر

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


أكدت أن النائب العام اعتبر المعلومات التى أدلى بها والدها لا تشكل جريمة

قرأت باهتمام ما نشرته جريدة الفجر على مدى أسبوعين بتاريخ 10/3/2016 تحت عنوان: وثائق تفرج عنها عائلة صلاح نصر بعد 42 سنة.. العميل S.1 الاسم الحركى لمصطفى أمين فى المخابرات الأمريكية.

لا أعرف ما هى مناسبة نشر هذا الكلام الآن بعد 42 سنة كما يقول العنوان وبعد 20 سنة على رحيل أصحابه و25 سنة على القضية التى حدثت فى يوم 21 يوليو 1965.

لقد وجدنا بعد وفاة مصطفى أمين فى مؤسسة ليلة القدر 100 مليون جنيه جمعها من قرائه للفقراء والمحتاجين فى مصر، بالإضافة إلى 40 مليون جنيه أخرى للأيتام وقد أوصى أن تستمر هذه المشروعات الخيرية بعد وفاته لتعود بالمنفعة على أبناء وطنه، هذا هو مصطفى أمين الذى اتهموه ظلمًا ولفقوا له القضية عام 1965.

فى الحقيقة إن ما نشرته «الفجر» تحت عنوان وثائق ليس جديدًا بل سبق ونشره السيد صلاح نصر نفسه فى كتاب عنوانه «عملاء الخيانة وحديث الإفك» والذى قالت الجريدة إنه وثيقة كانت السبب الرئيسى فى سجن صاحبه 10 سنوات بتهمة تعذيب مصطفى أمين وهى أقصى عقوبة فى قانون العقوبات الجنائية والسبب أن أدلة اتهام مصطفى أمين، كما جاءت فى الكتاب هى شرائط تسجيل رفضت المحكمة الاعتراف بها لوجود فراغات كثيرة تؤكد العبث بها ثم وثيقة اعتراف تأكد للمحكمة أيضًا أنها كتبت تحت التعذيب ولكن الأهم من هذا كله وقبل الرد على ما نشرته «الفجر» أحب أؤكد لسيادتكم أنه ليس السادات ولا مصطفى أمين هما من قدما صلاح نصر للمحاكمة، إنما هو الأمر المهم أن الذى قدمه للمحاكمة هو جمال عبد الناصر نفسه فى قضيتين شهيرتين فى أغسطس 1968.

الأولى «قضية المؤامرة» وكانت عقوبتها المؤبد 25 عامًا لثبوت التهمة عليه.. والثانية انحراف جهاز المخابرات وعقوبتها 15 عامًا ليكون إجمالى الحكم أيام عبد الناصر فقط 40 عامًا إضافة إلى 10 سنوات أخرى أيام السادات ليكون إجمالى سنوات سجن السيد صلاح نصر 50 عامًا بالتمام والكمال.

1- قضية مصطفى أمين

فى يوم 21 يوليو 1965 تم القبض على مصطفى أمين صاحب دار أخبار اليوم، وذلك أثناء جلوسه مع ضيفه الأمريكى «بروس تايلور» فى فيللا بالإسكندرية.

وكان القبض عليه مفاجأة لأصدقائه ولأعدائه معًا فأصدقاء مصطفى أمين من رجال السياسة من أعضاء مجلس قيادة الثورة ومن الصحفيين عرفوه قريبًا من جمال عبد الناصر ومؤيدًا لثورة 23 يوليو وكلهم يذكرون له دوره البطولى أثناء حرب 56 عندما جاء مصطفى شردى مراسل أخبار اليوم فى بورسعيد بصور تكشف حجم الدمار الذى لحق بالمدينة الباسلة وعرض الصور على جمال عبد الناصر والذى كلف مصطفى أمين فورًا وبطائرة خاصة تحمله بمفرده ومعه خطابات شخصية لقادة العالم سواء العربى أو الأجنبى لعرض الصور فى صحافة العالم فى أمريكا وغيرها، حدث هذا فى وقت كانت مصر أمة محاصرة برًا وبحرًا وكان عرض هذه الصور مهمًا جدًا وبرغم ما به من خطورة إلا أن مصطفى أمين قام بالمهمة ببطولة نادرة يومها خرج من مجلس قيادة الثورة بالجزيرة تتقدمه الموتسيكلات وفى سيارة الرئاسة ذهب إلى أحد المطارات العسكرية وركب طائرة من طراز دى سى 6 وكانت تسع لـ 44 إلا أنه ركب بمفرده وكاد أن يفقد حياته عندما اقتربت الطائرة من سماء إسرائيل.

المهم نجح فى مهمته وذهب لأمريكا والتقى مع رؤساء المجلات والصحف الأمريكية وعرض على العالم كله حجم الدمار الذى أحدثه العدوان الثلاثى على مصر وكان لموقف مصطفى أمين دور فى إيمان العالم كله بسلامة موقف مصر وحقها فى إدارة قناة السويس وهذا ما قاله د. عبد القادر حاتم وزير الإعلام أيام عبد الناصر فى مجلة نصف الدنيا قبل وفاته بأسابيع.

أما أعداء مصطفى أمين والذين لفقوا القضية له فقد وقعوا منذ لحظة القبض عليه فى أربع مشاكل مهمة أو قل مفاجآت كادت أن تفسد عليهم فرحتهم بتلفيق القضية للأستاذ مصطفى أمين.

2- مفاجأة القضية

أول المفاجآت هى أن القوة الأمنية التى ذهبت لمنزله فى الزمالك وجدت أثناء تفتيش المنزل جوازى سفر دبلوماسيين ومكتوبًا عليهما عبارة «مكلف بمهام رسمية لدى حكومة الولايات المتحدة، وهو ما ينفى عنه تهمة التخابر».

المفاجأة الثانية أن القوة التى ذهبت إلى مكتبه فى شارع الصحافة وجدت خزينة حديد وعندما كسروها بالقوة لم يجدوا فيها شيئًا لا جنيهات ولا دولارات.

والثالثة: أن رئيس فريق المحققين المستشار الجليل أحمد موسى اعترض منذ البداية على الشرائط المسجلة عندما وجد بها فراغات كثيرة تؤكد أن هناك عبثا تم فيها وكان جزاء اعتراضه استبعاده عن القضية فى أول حركة قضائية بعدها بأيام.

أما المفاجأة الرابعة فقد كانت من العيار الثقيل هى أن النائب العام نفسه الذى عرضت عليه أوراق التحقيقات هو المستشار محمد عبد السلام قال:

«بعد إنهاء التحقيق أبديت رأيى بأن المعلومات بعيدة كل البعد عن السرية وأنها لا تتخطى فى تقديرى على أى أضرار بمركز البلاد الحربى أو السياسى أو الاقتصادى وصارح بهذا الرأى صلاح نصر/ مدير المخابرات العامة والمستشار بدوى حمودة وزير العدل وقال لهما إنه ليس من المصلحة إثارة ضجة حول صحفى معروف سينتهى الأمر فى قضيته بالبراءة.

وبعد أيام أبلغه وزير العدل أنه اتصل بالجهات المسئولة وأنه فهم منهم أن رئيس الجمهورية رأى احترامًا لرأى النائب العام يرى عدم تقديم القضية إلى القضاء العادى وأنه لا ضرر من تقديمها إلى القضاء العسكرى باعتبارها أولاً وأخيرًا قضية سياسية وأن الحكم بغرض صدوره بالإدانة فإنه لن يكون سوى حكم رمزى.

وفعلاً نظرت القضية أمام محكمة أمن دولة عليا مشكلة تشكيلاً عسكريًا برئاسة الفريق الدجوى وكان الحكم الذى قاله إنه سيكون رمزيًا هو «الأشغال الشاقة المؤبدة» «مرفق رأى النائب العام» هكذا لم يستمع أحد للنائب العام وهكذا لم يكن أمام الذين لفقوا القضية سوى اللجوء إلى التعذيب لحمله على اعترافات كاذبة تكون دليل اتهام بجانب الشرائط المسجلة.

وبالفعل حكمت المحكمة بالسجن المؤبد 25 عامًا قضى منها مصطفى أمين 9 سنوات.

3- بعد رحيل جمال عبد الناصر

ورحل جمال عبد الناصر وجاء السادات وسقطت مراكز القوة فى 15 مايو 1971 وبدأ جهاز المدعى العام الاشتراكى برئاسة د. مصطفى أبو زيد فهمى فى تلقى شكاوى من الذين فرضت عليهم الحراسة وكان من بين هؤلاء مصطفى أمين والذى أرسل خطابين ليس خطابًا واحدًا يطلب فيه إعادة محاكمته، الأول فى أكتوبر 1972 والثانى بعد خروجه من السجن عام 1974 يطلب فيه محاكمته محاكمة علنية وأمام قضاء عادى واستجاب المدعى العام الاشتراكى وتم فتح القضية واستدعى شهودها وهم: محمد أحمد محجوب رئيس وزراء السودان وفائق السمرانى سفير العراق بالقاهرة وسماع شهادة طبيبين كبيرين هما د. بهى الدين شلش أستاذ الرمد بقصر العينى ود. إبراهيم عبودة الأستاذ بقصر العينى وكانا يعالجان مصطفى أمين وفى نفس الوقت قاما بعلاج صلاح نصر مدير المخابرات وسمعا منه أن مصطفى أمين برىء ومظلوم وما كان يستحق الإدانة التى صدرت كما أوضح لهما صلاح نصر أن عبد الناصر كان يريد فقط أن يغيظ الأمريكان بإدانة شخص ينتمى دبلوماسيًا إليهم وله اتصالات سياسية بحكم عمله الصحفى معهم، كما استمع المدعى العام الاشتراكى إلى شهادة النائب العام المستشار محمد عبد السلام الذى تابع التحقيق والذى سبق أن عرض رأيه كما استمع لشهادة عبد اللطيف البغدادى نائب الرئيس جمال عبد الناصر فى الستينيات كما استمع للتسجيلات ولم يطمئن لها قلبه فقد شعر منذ أول لحظة بأنها مفبركة.

وانتهت التحقيقات إلى أن أدلة الاتهام باطلة ولا يجوز الاعتماد عليها كدليل وأنه لابد من تصحيح الأوضاع الخاطئة بإصدار حكم بالبراءة لصالح مصطفى أمين، وهنا واجه المدعى العام مشكلتين وهما.

الأولى أن محكمة أمن الدولة التى حوكم أمامها مصطفى أمين قد حصنت الحكم بعدم الطعن عليه والثانية أن رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر صدق بالفعل على الحكم وبالتالى فهو نهائى إذن فإن الطريق لإنصاف مصطفى أمين هو استصدار قرار جمهورى بالعفور عن مصطفى أمين طبقًا للمادة 119 من الدستور.

4- عفو وليس إفراجًا صحيًا

وأعد د. مصطفى أبو زيد فهمى المدعى الاشتراكى مذكرة للرئيس السادات بذلك وفعلاً صدر قرار رئيس الجمهورية التالي:

المادة الأولى: يعفى من العقوبات المحكوم بها على السيد مصطفى أمين فى القضية وكذلك جميع الآثار والعقوبات التكميلية والتبعية المترتبة على الحكم.

المادة الثانية: ينشر هذا القرار بالجريدة الرسمية ويعمل بها منذ صدوره

5- فى قضية تعذيبه

وخرج مصطفى أمين من السجن فى يناير عام 1974 وبعد خروجه بقليل أرسل مرة أخرى خطابًا جديدا للمدعى العام الاشتراكى يطلب فيه محاكمته محاكمة علنية وهو ما حدث بالفعل وفى منتصف عام 1974 أصدر كتابه الشهير «سنة أولى سجن» وقام أحد المحامين المعروفين فى هذا الوقت وهو الأستاذ «عبد الرحيم رمضان» برفع قضية حول قضية تعذيب مصطفى أمين وآخرين وفعلاً شهدت محكمة جنايات القاهرة أشهر قضية وهى قضية التعذيب الكبرى، حيث كان من سوء حظ الطغاة والذين لفقوا القضية أنه كان وقت تعذيبه كان هناك قضيتان أخريان هما قضية الإخوان عام 65 وقضية الحزب الشيوعى.

وقد شهد جميع أفراد القضيتين بتعذيب مصطفى أمين وثبت فى يقين المحكمة واستقر فى وجدانها:

إن المتهم «صلاح نصر» بصفته رئيس جهاز المخابرات العامة هو الذى أمر بتعذيب المجنى عليه أثناء حبسه فى سجن المخابرات العامة ليحمله على الاعتراف بجريمة التخابر وأسند إليه بأقوال لا تصدر عنه لو كان حرًا فيما يقول.

وعليه فقد حكمت المحكمة: بمعاقبة صلاح محمد نصر بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة عشر سنوات عن التهم المسنودة إليه وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مصطفى أمين يوسف «51» جنيها على سبيل التعويض المؤقت «هذا وقد رفضت المحكمة الطعن وأصبح الحكم نهائيًا».

تعليق المحرر على الرد

1- العفو عن محكوم عليه جنائيًا ليس من سلطات المدعى العام الاشتراكى وهو منصب اخترعه السادات لمحاكمة رجال عبد الناصر بعد أن وجدت النيابة العامة أنه لا جريمة يستحقون عليها العقاب.

2- لو كانت من سلطات رئيس الجمهورية العفو الجنائى فإنه ليست من سلطاته إزالة الآثار المترتبة على الجريمة فتلك من سلطات البرلمان بإصدار قانون بذلك.

3 - لجأ مصطفى أمين فى طلب إعادة محاكمته إلى المدعى العام الاشتراكى بعد رحيل عبد الناصر وليس قبل رحيله وهو لجوء لغير اختصاص فالمختص هنا النيابة العامة أو رفع قضية لرد الاعتبار، فكان مثل هذا الطلب إلى المدعى العام مجرد طلب شكلى متوقع عدم الاستجابة إليه أو متوقع إهماله.

4- ما نشره النائب العام محمد عبد السلام عن قضية مصطفى أمين فى كتابه سنوات عصيبة كان فى عام 1980 وليس قبل ذلك وفى عام 1985 لم يكن هناك جمال عبد الناصر ليؤكد ما قاله أو لينفيه.

5- إن وثيقة التعذيب التى كتبت بخط مصطفى أمين كانت بعد رحيل عبد الناصر وخروجه من السجن ونشرها فى كتابه «سنة أولى سجن».