مواطنون عن ارتفاع أسعار فاتورة الكهرباء: "الأمر أصبح فوق الاحتمال".. والوزارة ترد: نراعي البعد الاجتماعي

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


"امسك فاتورة"، اسم الحملة التي دشنها المواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتراضاً على ارتفاع فواتير الكهرباء بشكل غير مبرر أو مسبوق، وللمطالبة بمعرفة أسباب تلك الزيادات الغير منتظمة على فواتير الكهرباء، والتي وصفوها بالـ "غير مبررة".
 
وكانت وزارة الكهرباء أعلنت أكثر من مرة عن ارتفاع أسعار الكهرباء، بحسب اختلاف شريحة المستهلك، والتي تحددها الكميات التي يتم استهلاكها شهرياً، ثم أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعفاء المواطنين في الشرائح الثلاث الأولى ـ والتي ينتمي لها أغلب المستهلكين ـ من تلك الزيادة، وتضمن القرار العامين 2015 و2016، وجاء ذلك طبقاً لخطة رفع الدعم خلال الخمس سنوات القادمة.
 
لكن الغريب أن المواطنين قد لاحظوا زيادة كبيرة في فواتير الكهرباء الشهرية منذ عدة شهور، وطالبوا بتفسير من وزارة الكهرباء.

 وفي رد على تساؤلات المواطنين، صرح الدكتور محمد اليماني المتحدث الإعلامي باسم وزارة الكهرباء، أن شركة الكهرباء تنفذ خطة رفع الدعم، حيث تقوم بما أسماه "تخفيف الدعم" أي رفع الدعم بشكل جزئي، وأن من حق المواطن أن يتظلم إذا لاحظ أي خطأ في قراءة العداد الخاص به، وأن هناك عملية صيانة دورية يجب أن تتم كل حوالي 15 سنة وعدت صيانة العداد من الممكن أن يؤدي إلى أخطاء في القراءة.
وأضاف أن الوزارة تحاول التطوير ومساعدة المواطنين بكافة الطرق، حيث بدأت في تركيب العدادات "مسبوقة الدفع"، فيقوم المواطن بشحنها حسب استهلاكه، أو يتعرف على مقدار استهلاكه بالضبط من خلال تطبيقات تعمل عن طريق الإنترنت وهي خاصة بوزارة الكهرباء.
وتابع إن المجهودات التي تقوم بها وزارة الكهرباء يمكن ملاحظتها بسهولة في الفترة الأخيرة، حيث لم تعد تنقطع الخدمة بشكل يومي كالسابق، وإن الوزارة في طريقها للإستغناء عن عدد كبير من المحصلين حيث ستعتمد على خدمة "العداد الذكي".
 
وبعد مرور أكثر من شهر على تصريحات المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، ضاق المواطنون بسبب الارتفاع الهائل في فواتير الكهرباء بشكل غير طبيعي ولا معهود، فقاموا بتدشين حملة "امسك فاتورة"، حتى يقوم أحد المسؤولين بالرد عليهم، لأن الأمر بات فوق احتمال المواطن العادي.
 
رصدت "الفجر" آراء المواطنين بخصوص ارتفاع فواتير الكهرباء، وأصحاب ومستأجرين المحلات الصغيرة، وأصحاب الدخول المحدودة، الذين عبروا عن استيائهم البالغ بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء.
 
من جانبه قال طارق الشحات، صاحب سوبر ماركت، إن فاتورة الكهرباء أصبحت أكثر ارتفاعاً من إيجار محله المستأجر، موضحاً أنه كان يستأجر محلاً آخر وقام بغلقه لأنه لم يستطع تسديد فواتير الكهرباء منذ عدة أشهر، وأن تلك الزيادة غير مبررة لأن معدل استهلاكه لم يزداد.
وأضاف قائلاً: "حتى فواتير كهرباء المنزل ارتفعت ارتفاع غريب، وإذا حاولت تقديم تظلم على هذه المبالغ، فلابد من الدفع أولاً ثم تقديم التظلم، وأنا لا استطيع الدفع لأن الفواتير تراكمت نتيجة عجزي عن سدادها"، مؤكداً على أنه أصبح بالكاد يستطيع توفير الاحتياجات الأساسية لأسرته بسبب ارتفاع الأسعار، وأنه لا يعمل كموظف حكومي، فهو لم يستفد بأي زيادات في المرتبات التي حصل عليها الموظفين الحكوميين في الفترة الأخيرة، قائلاً: "أنا عارف إن مشكلتنا ملهاش حل".
 
 أما علي، مكوجي، قال إنه من بعد ثورة 30 يونيو ارتفعت فواتير الكهرباء بشكل غير مبرر، الأمر الذي اضطره لرفع الأسعار، متابعًا: "بعد ما كنت بكوي الحتة بجنيه، اضطريت أخليها بجنيه ونص عشان أقدر أدفع فاتورة الكهرباء"، مؤكداً أن فاتورة الكهرباء باتت أكبر مشاكله، لا دفع الإيجار.
 
وأضاف علي، أن فاتورة الكهرباء كانت تقدر بحوالي 150 أو 200 جنيه شهرياً، الأمر الذي كان مقبولاً ويستطيع تحمله، غير أنه في شهر واحد من كل عام كانت تأتي الفاتورة مرتفعة، حوالي 600 جنيه، لافتًا إلى أنه كان يستطيع تسديدها لمرة واحدة في العام، لكن الفاتورة ارتفعت الآن بشكل لا يستطيع تفهمه، فمنذ ثلاثة أشهر بحوالي 200 جنيه، وفي الشهر التالي ارتفعت لتتجاوز الـ900 جنيه، وفي الشهر التالي تجاوزت الـ1700 جنيه، وبالطبع أنا غير قادر على السداد الآن.
 
وبسؤاله عن إذا ما كان قد تظلم على هذه الأرقام المرتفعة، أجاب أنه ذهب إلى شركة الكهرباء لكن أحد لم يجيبه، علاوة على سوء معاملة الموظفين هناك، فالذهاب إلى شركة الكهرباء يعني إهدار وقتي وكرامتي، وأنا رجل مسؤول عن أسرة وعليّ أن أعمل لأعيلها، وحتى الشباب الذين يعملون معي بحثت لهم عن باب رزق آخر، لكني وجدت كل السبل مغلقة "لأن البلد مافيهاش شغل"، وبالطبع لم أستغني عنهم "ورزقي ورزقهم على الله".
 
 وقال أحمد، صاحب محل منظفات، إنه يستأجر المحل، ويعاني من ارتفاع فاتورة الكهرباء في الفترة الأخيرة، وأكد أن عدداً من أصحاب المحلات المجاورة له أغلقوا أبوابها لأن المصاريف أصبحت أكثر مما يمكنهم احتماله، خصوصاً بعد ارتفاع فواتير الكهرباء.
 
وأضاف: "أنا أدفع مبلغ من المال يضاف على فاتورة الكهرباء كرسوم على رفع القمامة، التي لا تقوم الوزارة برفعها، فأنا أدفع نظير خدمة لا أتلقاها، كما أدفع مرة أخرى لشخص يقوم بجمع القمامة بشكل غير رسمي، فأقوم بالدفع للشيء نفسه مرتين، الأمر الذي يتسبب أيضاً بارتفاع الفاتورة".
 
وتعليقًا على ما قاله المواطنين، أوضح الدكتور محمد اليماني، المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، أن الزيادة في فاتورة الكهرباء أمر طبيعي في ظل استقرار الكهرباء وانتهاء أزمة الانقطاع المتكرر، لافتًا إلى أن هذا التطوير وتحسين الخدمة كلف الدولة مليارات وبالتالي تعود هذه التكلفة على المواطن.
 واستنكر اليماني، في تصريح خاص لـ"الفجر"، الحملة الأخيرة ضد الوزارة والتي يطلق عليها اسم "امسك فاتورة"، مشيرة إلى أن الوزارة اعتادت على مثل تلك الحملات والتي كان من بينها "لا للنوي" حينما قررت الدولة الدخول في عالم النووي، بالإضافة إلى "لا للفحم" بعد أن قررت الدولة إنشاء محطات الفحم النظيف كباقي الدول المتقدمة.
 
 وأشار إلى أن الزيادة كانت بالاتفاق بين وزارة الكهرباء وجهاز تنظيم مرفق الكهرباء، جهاز التعبئة العامة والإحصاء، وزارة التضامن الاجتماعي، مركز معلومات مجلس الوزراء، موضحًا أن ذلك نتج عنه عمل شرائح منزلية عددها 7 شرائح متدرجة.
 
 وتابع، أن وزير الكهرباء المهندس محمد شاكر، أعلن في الأول من يوليو من عام 2014، عن هيكلة أسعار الكهرباء، مشيرًا إلى أن وقتها كان سعر الكيلو وات بالساعة يكلف على الدولة مع اعتبار "سعر الوقود المدعم من وزارة البترول" وليس المستورد 47 قرشًا، أما حاليا تجاوز الـ 60 قرش، هذا بالإضافة إلى ارتفاع سعر الدولار بعد استيراد الدولة للغاز، مستكملًا: "لما الدولار يغلى بتاع الجرجير بيزود السعر".
 
 وأضاف اليماني، أنه في 2014 كانت أول شريحة تحاسب بـ 5 قروش، والدولة تقوم بدفع الفرق، ومع ذلك الدولة لا تساوي بين المواطن الذي يستهلك "لمبة" وآخر "تكييف"، ومؤكدًا أن المعيار الوحيد للوزارة هو العداد وقراءته.
 
 كما أوضح أن الوزارة اتخذت خطوات نحو تخفيف الدعم عن من لم يستحقه، بحسب خطة الخمسة سنوات، بحيث يتم تخفيف الدعم تدريجيًا حتى 2019
 
 وأكد اليماني: "كل مواطن باستهلاكاته هو اللي يحدد شريحته، واحد من اللي اشتركوا في الحملة تروحله لجنة متخصصة في بيته وتشوف الأجهزة اللي عنده ونحسب استهلاكاته.. قبل ما يروح الإعلام يروح الكهرباء يسأل هل شاف غلط هل عليه اقساط أو خطأ في القراءة.. باب الخطأ مفتوح".
 
 ولفت إلى أن شركة الكهرباء يوجد بها 12 ألف محصل يخدموا أكثر من 31 مليون مشترك، متسائلًا: "هل يا ترى مش ممكن حد منهم يكون نظره ضعيف أو يخطئ.. باب الخطأ مفتوح ونعالج هذا تدريجيا من خلال عدادات زكية وأخرى مسبوقة الدفع".
 
 ولفت إلى أن أزمة الفواتير سيتم القضاء عليها من خلال استخدام العدادات مسبوقة الدفع، مشيرًا إلى أن هناك 2 مليون عداد مسبوق الدفع، والوزارة قامت بعمل مناقصة على 3 مليون آخرين، داعيًا المواطنين بأنه لحين حدوث ذلك أن يكونوا على تواصل مع إدارة الكهرباء. وأشار إلى أنه أصبح من الممكن أن يدخل المواطن قراءة العداد على الموبايل والانترنت، من خلال تطبيق "احسب فاتورتك"، مؤكدًا على أن الوزارة لها دور مجتمعي وتراعي البعد الاجتماعي.