أحمد سامي يكتب: هل باعت مصر تيران وصنافير.. أم «السكوت علامة الرضا»؟

مقالات الرأي

بوابة الفجر

منذ توقيع المهندس شريف إسماعيل - رئيس مجلس الوزراء - أمس، اتفاقية ترسيم الحدود مع الجانب السعودي بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز – خادم الحرمين الشريفين – والتكهنات والشائعات تسيطر على الرأي العام المصري، والسؤال الأبرز : هل تنازلت مصر عن جزر تيران وصنافير لصالح السعودية ؟

بداية نبذة عن الجزيرتين: هي مجموعة جزر، تقع «تيران» في مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، ويبعد 6 كم عن ساحل سيناء الشرقي، وتبلغ مساحة الجزيرة 80 كيلومترمربع، وكانت نقطة للتجارة بين الهند وشرق آسيا، وكان بها محطة بيزنطية لجبي الجمارك للبضائع.

 

أما «صنافير» فتقع بجوار «تيران» من ناحية الشرق، وتبلغ مساحتها حوالي 33 كيلومترمربع.

 

وتشكل الجزيرتان ثلاثة ممرات من وإلى خليج العقبة، الأول منها يقع بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، وهو أقرب إلى ساحل سيناء، والأصلح للملاحة، وعمقه 290 مترًا، ويسمى ممر «إنتربرايز»، والثاني يقع أيضًا بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، ولكن أقرب إلى الجزيرة، ويسمى ممر «جرافتون»، ويبلغ عمقه 73 مترًا فقط، في حين يقع الثالث بين جزيرتي تيران وصنافير، ويبلغ عمقه 16 مترًا فقط.

 

وبحسب التاريخ فتبعت الجزيرتين منطقة تبوك السعودية، وأجرهما الملك السعودي الراحل فيصل آل سعود، إلى مصر بطلب من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر؛ لغرض استعمالهما في الحرب، واعتبارهما قواعد عسكرية مصرية، قبيل حرب 1967، ولمنع السفن الإسرائيلية من الوصول إلى ميناء إيلات، ونزلت القوات على الجزيرتين وتم إغلاق مضيق تيران، وبعد النكسة وقعت الجزيرتان تحت الاحتلال الإسرائيلي، في إطار احتلالها لشبه جزيرة سيناء وهاتين الجزيرتين.

 

وعقب حرب أكتوبر وتوقيع مصر وإسرائيل معاهدة كامب ديفيد في 1978، خضعت الجزيرتان لسيطرة قوات دولية متعددة الجنسيات، ضمن المنطقة «ج» المدنية، التي لا يحق لمصر بتواجد عسكري فيها مطلقًا، وحولت مصر الجزيرتين إلى محميات طبيعية في عام ١٩٨٣، وطرحت وفي عام 1950 اتفقت مصر والسعودية على خضوع الجزيرتين للسيطرة المصرية؛ بسبب ضعف البحرية السعودية آنذاك، وفي العام نفسه أخطرت القاهرة والرياض كلًّا من بريطانيا والولايات المتحدة بأنهما وبصفتهما الدولتين اللتين تسيطران على جانبي مدخل الخليج، وفي عام 1954 بعثت مصر رسالة إلى الأمم المتحدة بما يفيد أن جزيرتي تيران وصنافير مصريتان وليستا سعوديتين، وكانتا في الجانب المصري عند توقيع اتفاقية 1906، وأنه من الثابت من الوثائق أنه كانت هناك قوات مصرية فيها في الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1975 أرسلت السعودية رسالة للبعثات الدبلوماسية في جدة ثم للأمم المتحدة، بما يفيد أنها تعتبر جزيرتي تيران وصنافير أراضٍ سعودية، واستمر الخلاف بين مصر والسعودية على الجزيرتين، حيث تطالب السعودية بسيادتها على الجزيرتين؛ كونهما تقعان في مياهها الإقليمية، فيما ترى مصر أنهما تقعان في مياهها الإقليمية وقريبتان من حدود سيناء.

 

وتأتي أهمية جزيرة «تيران» في أنهما يتحكمان في حركة المرور من وإلى ميناء إسرائيل الجنوبي في إيلات، ومضيق تيران الذي تشرف عليه الجزيرة هو الممر البحري المهم إلى الموانئ الرئيسية من العقبة في الأردن وإيلات في إسرائيل.

 

كما أن جزيرة تيران تتحكم في مضيق تيران لكونها تطل عليه، إلى جانب منطقة شرم الشيخ في السواحل الشرقية لسيناء، ورأس حميد في السواحل الغربية لتبوك في السعودية، كما أن للجزيرتين أهمية استراتيجية كونهما تتحكمان في حركة الملاحة الدولية من خليج العقبة، حيث تقعان عند مصب الخليج، الأمر الذي يمكنهما من غلق الملاحة في اتجاه خليج العقبة، فضلًا عن غناء الجزيتين بالثروات الطبيعية حيث أنها محميتان طبيعيتان ذاتا مناظر خلاب وشعب مرجانية، بالإضافة إلى الثروات المعدنية من غاز وبترول.

 

وبالعودة إلى الموضوع الأصلي في الاتفاقية التي يعتريها السرية الشديدة والغموض الذي لم يشف تساؤلات الكثيرين حول تفاصيلها وما هي الحدود التي تم التوقيع عليها، وكحال معظم الاتفاقيات الدولية التي توقعها مصر ومنها اتفاقية تصدير الغاز إلى إسرائيل، نجد أن الجانب المصري وبعد 24 ساعة من التوقيع لم يرد رسميًا على تلك التساؤلات، الأمر الذي يعد مجالا خصبًا للشائعات التي تثير البلبلة في الرأي العام، ويجعلنا نحن نتبع المثل الشعبي القائل إن «السكوت علامة الرضا».


إننا نطالب الحكومة المصرية والرئيس عبدالفتاح السيسي، بالخروج على الشعب المصري لتوضيح تفاصيل تلك الاتفاقية وبيان الحدود التي تم الاتفاق عليها، حتى يُقطع الباب على القيل والقال، وننأى بأنفسنا عن ترديد شائعات، ويقال عنا بعدها أننا جزء من مؤامرة تحاك بمصر، التي أصبحت مهلهلة وبيئة خصبة للشائعات في الفترة الأخيرة.