توتر العلاقات بين البحرين وإيران عرض مستمر.. وخبراء: تُمثل خطورة بالغة على الأوضاع الداخلية للمملكة

عربي ودولي

بوابة الفجر


بدأت الخلافات بين إيران ومملكة البحرين، منذ استقلال البحرين من سيطرة الحكم الفارسي عليها، حيث تعتبرها إيران منذ ذلك الحين جزاءاً من الأراضي الوطنية لها، في حين أن خبراء التاريخ أكدوا أن مملكة البحرين دولة مستقلة، وأنها كنت من الأراضي التي سيطر عليها الحكم الفارسي وليس جزءاً من أرضه الوطنية.

ووفقاً لمعتقدات إيران، نشبت الخلافات بين الدولتين بسبب التدخل السافر لإيران في الشأن البحريني الداخلي، في حين ترفض البحرين هذا التدخل، وتؤكد دائماً على سيادتها، وسيادة الحدود الإقليمية للبلدين.


بدايه الأزمة
خضغت البحرين في فترة من فترات تاريخها لسيطرة الإمبراطورية الفارسية، إلا أن ذلك لا يعني أنها كانت جزءاً من الأراضي الوطنية للدولة الفارسية، وعقب استقلال البحرين عن الحكم الفارسي، اعتبرت دولة إيران البحرين جزءاً من أرضها الوطنية، ومنذ ذلك الحين وبدأت الخلافات بين الدولتين بسبب تلك الأزمة.


إيران تحتج لدى أمريكا
وتأكيداً لافتناع إيران بأن البحرين جزءاً من أراضيها الوطنية، في عام 1995، أرسلت دولة إيران احتجاجاً رسمياً لدى الولايات المتحدة الأمريكية، على تدخلها في الشأن الداخلي للبحرين باعتبارها تابعة لدولة إيران، خاصةً أن بريطانيا كانت تهدد حلم إيران في السيطرة على البحرين في تلك الفترة.

وكانت بريطانيا تعتبر الخليج بمثابة بحيرة بريطانية وحلقة اتصال مهمة في الطريق إلى ممتلكاتها في الهند، وحرصت بريطانيا على بقاء البحرين مستقلة عن الدول المحيطة كالسعوديين، فقامت بريطانيا سنة 1859 م بإبلاغ فيصل بن تركي بأنها تعتبر البحرين "إمارة مستقلة"، وأرسلت أسطولاً بحريًا لحمايتها، وبعد عدة معاهدات بين بريطانيا وحكام البحرين وقع آل خليفة اتفاقية الحماية البريطانية سنة 1861 م، وظلت البحرين محمية بريطانية حتى سنة 1971.


إيران تدعي حقها في البحرين
وعقب إعلان بريطانيا استقلال البحرين، قامت إيران بادعاء حقها في حكم البحرين، والتي نادت به منذ أول اتفاقية بين البحرين والبريطانيين في القرن التاسع عشر، وجددت الحكومة الإيرانية مطالبها حين رأت نية بريطانيا مغادرة الخليج، إلا أنها قررت التوقف عن مطالبها في البحرين مقابل تنفيذ مطالب أخرى لها في المنطقة، وأجري على إثر ذلك استفتاء في البحرين تحت إشراف الأمم المتحدة سنة 1970 م صوت فيه البحرينيون لبقاء البحرين مستقلة عن إيران.


مطالب بضم البحرين
أثناء قيام الثورة الخمينية، نشرت صحيفة محلية في إيران عام 1979م مقابلة مع الإيراني آية الله صادق روحاني، طالب فيها بضم البحرين إلى إيران بزعم أن غالبية البحرين من الشيعة، وأن هؤلاء ولاءهم لإيران، ثم كرر هذا الطلب النائب في مجلس الشورى الإيراني حسين علي شهرياري و زعم أن البحرين كانت محافظة إيرانية، وأن الشاه ونظامه فرطا فيها.


تجدد الأزمة
وفي نوفمبر 2014، أدانت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضيه أفخم، بشدة اقتحام منزل رجل الدين الشيعي البارز في البحرين آية الله الشيخ عيسى قاسم، واعتبرت الخارجية الإيرانية حادث الاقتحام بأنه قرار غير مدروس، وجاء نتيجة للفشل الأمني والطائفي في مواجهة الاحتجاجات السلمية للشعب البحريني.

ومن جانبها، أعربت وزارة الخارجية البحرينية عن رفضها التام، وإدانتها الشديدة، لتدخلات الجمهورية الإسلامية الإيرانية المتكررة في شؤون المملكة الداخلية، والتي كان آخرها تصريح المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية حول تفتيش الجهات المختصة بوزارة الداخلية لمنزل أحد مواطني المملكة بعد الاستئذان من ساكنيه وبمرافقتهم في البحث عن شخص مطلوب في قضية إرهابية.

ونفي بيان الخارجية البحرينية، ما جاء علي لسان المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، ووصف معلوماتها بالكاذبة، مشدداً على أن مملكة البحرين تتعامل مع جميع مواطنيها بالسوية، وفقاً لمبدأ سيادة القانون وتطبيقه على الجميع دون تفرقة أو تمييز.


الجامعة العربية تدين
وفي السياق ذاته، أعرب مجلس جامعة الدول العربية، على المستوى الوزاري، عن قلقه البالغ من استمرار التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي لمملكة البحرين، ومحاولات بث الفرقة، والفتنة الطائفية بين مواطنيها، والإضرار بأمنها واستقرارها ومصالح مواطنيها.

وأشار المجلس، إلى إيواء إيران الهاربين من العدالة، وفتح المعسكرات الإيرانية لتدريب المجموعات الإرهابية، أو تهريب الأسلحة والمتفجرات لتنفيذ عمليات إرهابية داخل مملكة البحرين، أو عبر دعم التخريب والإرهاب والتحريض على العنف، وتوفير غطاء إعلامي لهذا الغرض.

ولفت المجلس، إلى أن التصريحات التي تصدر بين فترة وأخرى عن كبار المسؤولين الإيرانيين، تشكل خرقاً لمبادئ حسن الجوار والأعراف والقوانين الدولية ومبادئ الأمم المتحدة.

وشدّد المجلس، على أن سياسة إيران القائمة على التدخل في شؤون مملكة البحرين، وغيرها من دول المنطقة، تحمل تهديداً خطيرا للأمن والسلم الإقليمي والدولي بعد أن وصلت لمستويات غير مسبوقة في مخالفة القوانين المعمول بها في التعامل بين الدول، وتنذر باشتعال حرب طائفية خطيرة لا يمكن السيطرة عليها أو التحكم فيها.

وطالب المجلس الوزاري إيران بضرورة الكف الفوري عن هذه الممارسات والالتزام التام بمبادئ حسن الجوار والقوانين والمواثيق والأعراف الدولية بما يكفل الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها.

ووافق المجلس على إدراج بند "التدخل الإيراني في دول الجوار" كبند دائم على جدول أعمال مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري.


البحرين تشكو
قدمت البحرين، شكوى رسمية إلى الأمم المتحدة تتهم فيها إيران بالتدخل في شؤونها الداخلية، في إجراء يأتي غداة مطالبة المنامة القائم بالأعمال الإيراني بمغادرة البلاد واستدعاء سفيرها في طهران.

وأفادت وكالة أنباء البحرين الرسمية بأن الشكوى تقدم بها وزير الخارجية الشيخ خالد بن محمد خلال اجتماعه الجمعة بالأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون على هامش أعمال الجمعية العامة في نيويورك.

واتهم الوزير البحريني، حسب الوكالة، إيران بمحاولة "بسط سيطرتها على دول الجوار واستغلال الفئات المتشددة وإيواء إرهابيين وتهريب أسلحة".

واتهمها أيضا بالمسؤولية عن هجمات استهدفت قوات الأمن وراح ضحيتها 16 عنصرا أمنيا وثلاثة آلاف مصاب.


توتر جديد بين البلدين
واستمراراً لتدخل إيران في الشأن الداخلي لمملكة البحرين، انتقد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية جابر أنصاري، أحكام الإعدام والمؤبد الصادرة ضد معارضين بحرينيين أدينوا بالإرهاب.

ومن جانبها، أدانت وزارة الخارجية البحرينية، ما وصفتها بـ"التصريحات غير المسؤولة" الصادرة عن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، واعتبرت الخارجية البحرينية التصريحات بأنها تأتي استمرارًا للتدخلات الإيرانية السافرة والمرفوضة في الشأن الداخلي لمملكة البحريني.

وأكدت أن هذه التصريحات تعكس نهج المسؤولين الإيرانيين، الذي يتسم بالطائفية والتدخل في شؤون الغير، ولا يقيم وزنًا لمبادئ العلاقات الدولية.

وطالبت الخارجية البحرينية، إيران بضرورة التوقف الفوري عن مثل هذه التصريحات والممارسات، والالتزام التام بمبادئ حسن الجوار، والاحترام الكامل لسيادة مملكة البحرين واستقلالها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

ودعت الخارجية، طهران إلى الاهتمام والالتفات إلى أحوال ومطالب الشعب الإيراني الصديق المشروعة، والعمل على تحقيقها، بدلًا من انشغاله بتصريحات ومزاعم كاذبة لا طائل من ورائها سوى خلق التوتر في المنطقة.


خطورة بالغة
ومن جانبه، أكد وحيد عبدالمجيد، نائب مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، أن التدخل الإيراني في الشأن الداخلي لمملكة البحرين خلاف مستمر بين الدولتين منذ قديم الأزل، لافتاً إلى أنه يرجع إلى مزاعم إيران بأن البحرين جزءاً من أراضيها.

وأضاف عبد المجيد، في تصريح خاص لـ "الفجر"، إلى أن هذا التدخل السافر لإيران يُشكل خطورة بالغة على الأوضاع الداخلية لـ "البحرين"، خاصةً أن معظم سكان مملكة البحرين من الشيعة، موضحاً أن إيران تستغل تلك النقطة في الضغط على البحرين.

وأشار عبدالمجيد، إلى أن ظهور "البحرين" في موقف الضعيف دائماً، واكتفائها ببيانات الإدانات لتلك الدخلات في شأنها الداخلي لن يوقف إيران عن التدخل في شؤونها أكثر وأكثر.


محاولة للسيطرة على البحرين
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن التدخل الإيراني في شؤون دولة مجاورة لها، يأتي مخالفاً لكل قواعد العلاقات الدولية للدول المجاورة، مشيراً إلى أن إيران لا تحترم الاستقلال الذاتي لدول الجوار.

وأضاف نافعة، في تصريح خاص لـ "الفجر"، أن وجود نسبة كبيرة من الشيعة في مملكة البحرين، هي بمثابة نقطة القوة لـ "إيران" ضد البحرين، موضحاً أن دفاعها الدائم عن حقوقهم يأتي من قبيل كسب ودهم والسيطرة عليهم، كبداية للسيطرة على "البحرين" بأكملها.