حسين معوض يكتب: فضيحة فى «بلتون»

مقالات الرأي


شكوى رسمية لهيئة الرقابة المالية

ساويرس يتاجر بمعاركه مع محافظ المركزى ويربح 2 مليار جنيه توازى ضعف قيمة «سى آى كابيتال» التى فشل حتى الآن فى الاستحواذ عليها

اتهام شركة الأوراق المالية المملوكة لنجيب ساويرس بالتلاعب وغسيل الأموال وتهريبها للخارج باستخدام الحسابات المهملة لعملائها

الشركة وضعت مليون جنيه إسترلينى فى حساب عميل لا يملك سوى أسهم بـ150 جنيهاً.. وسحبت الأموال مرة أخرى من الحساب بدون إخبار العميل أو توقيعه

بداية عام 2016 قرر محمود محمد أبوالمجد تجميد حسابه فى شركة بلتون، سحب أمواله منها ولم يتبق فى محفظته المجمدة سوى أسهم بـ150 جنيها، تحديدا 500 سهم فى بورتو جروب سعر السهم 30 قرشا لتكون قيمة محفظته 150 جنيها.. ومعظم المتعاملين فى البورصة لا يقطعون حبال الود مع شركاتهم القديمة عندما يقررون التحول إلى شركة أخرى.. عادة يستبقون كمية كبيرة من الأسهم رخيصة السعر فى محافظهم.

نهاية شهر مارس الماضى تلقى محمود أبوالمجد إيميلا من شركته القديمة "بلتون" ليجد كشف حسابه يحتوى على أسهم قيمتها 21 مليون جنيه، وصله الإيميل باسمه وبرقمه الكودى لدى الشركة.. قال كشف الحساب إن محمود يمتلك أسهما فى سهم «C.I.B» المدرج فى بورصة لندن قيمتها 1.684 مليون جنيه إسترلينى، وهو ما يساوى بالعملة المصرية 21 مليون جنيه.

توجه محمود أبوالمجد إلى شركة بلتون يستفسر عن سر الملايين والأسهم التى هبطت عليه من لندن، طلب طباعة كشف حسابه فى الشركة ليأتيه كشف حساب بـ150 جنيها هى قيمة أسهمه التى تركها لديهم للذكرى.. طلب محمود كشفا بالأسهم المملوكة له فى لندن ليفاجأ بحالة وجوم وصمت.

حسب كلام محمود فإنه وجد نفسه أمام العضو المنتدب للشركة ودخل مع قيادات الشركة إلى غرفة الاجتماعات ليخبروه بأسفهم وبأن هذا الحساب حدث فيه خطأ.

محمود يعمل فى البورصة منذ سنوات طويلة ويعرف جيدا أن خطأ بهذه الجسامة من المستحيلات، ويعرف أيضا أن نسبة الواحد فى المليون من الممكن أن تحدث ويدخل حسابه أموالا ليست أمواله، لكنه لم يضع فى حساباته أن تخرج أيضا تلك الأموال من حسابه بدون أن يوقع على ورقة واحدة!.

أخبرهم محمود أن ما حدث فى حسابه تلاعب أو تهريب أموال أو عملية أخرى لا يعرفها وأخبرهم أنه متوجه إلى الرقابة المالية لشكواهم.. وقبل أن يصل إلى الرقابة المالية جاءه إيميل ثان يعتذر عن الخطأ ويصحح رقم الأموال المودعة فى حسابه ويعيدها إلى سيرتها الأولى "500 سهم بـ150 جنيها".

اكتشف محمود أبوالمجد أن الـ21 مليون جنيه كانت مودعة فى حسابه خلال الفترة من 26 فبراير 2016 إلى 30 مارس 2016 وتقدم بشكوى لهيئة الرقابة المالية قبل أن يرفع دعوى تعويض على الشركة لتلاعبها بحسابه.

محمود تقدم بشكواه للرقابة المالية والتى اكتفت بتحويل الشكوى إلى الشركة للرد عليها، وبالطبع لم ترد الشركة، ولم تحرك الرقابة رجالها ورقباءها لمعرفة ماذا يحدث داخل الشركة، ولم تدخل بحملات تفتيش مفاجئة على الشركة الكبيرة فى السوق المتلاعب بها.

تقول الشكوى:

السيد الأستاذ رئيس هيئة الرقابة المالية.. مقدمه لسيادتكم محمود محمد أبوالمجد المقيم فى الدقى وأعرض الآتى:

إننى عميل شركة بلتون المالية منذ عام، وقمت بالتوقف عن التعامل بالشراء والبيع ورصيدى لدى الشركة رصيد ورقى لعدد 500 سهم بورتو جروب ولا يوجد تعامل دولارى محلى أو دولى، إلا أننى فوجئت بتاريخ 20/3 /2016 الساعة السادسة مساء بورود بريد إلكترونى من الشركة المذكورة "مرفق بالشكوى" وبمطالعته تبين لى قيام الشركة بشراء عدد 10.000 سهم parclays plc بقيمة 1.684.400.00 تحت حسابى فى بورصة لندن، وذلك على خلاف الحقيقة حيث إننى لم أقم بشراء الأسهم، وبناء عليه توجهت للشركة لأثبت اعتراضى وقد أفادتنى الشركة بوجود خطأ فى الاسم وتشابه فى الاسم وعلى إثر ذلك قامت الشركة بتاريخ 22/3/2016 الساعة 5.36 بورود بريد إلكترونى من الشركة يتضمن الحساب المصرى سالف الذكر فقط وهو الأمر الذى دعانى إلى الشك فى موقف الشركة لضخامة المبلغ المشار إليه، حيث إنه بالعملة الإسترلينى ومن غير العادة من الشركة الوقوع فى الخطأ أو التشابه المشار إليه وهو ما دعانى إلى تقديم هذه الشكوى للتحقق من تلاعب الشركة فى حسابى وإظهاره على غير الحقيقة بالذمة المالية المبالغ فيها والتى تتعدى الواحد والعشرين مليون جنيه مصرى، وتحقق من كيفية قيام الشركة بتعديل ذلك دون توقيعى على أى أمر بيع أو شراء من الحساب والتأكد مما أفادتنى به من التشابه فى الأسماء .. سيادة رئيس الهيئة إن خطأ الشركة المزعوم لا يمكن حصوله فى أى حال من الأحوال نظرا لضخامة المبلغ المشار إليه واحد وعشرين مليون جنيه، وأود أن أشير أيضا إلى ارتباك كل ما فى الشركة من موظفين وقيامهم بالمساومة فزاد لدى الشعور بالشك تجاه ذلك وأنه شىء أكثر من الخطأ قد يكون تلاعبا أو غسيل أموال .. إلخ، الأمر معروض على سيادتكم لاتخاذ اللازم مع حفظ حقوقى تجاه الشركة.

مرفق لسيادتكم البريد الإلكترونى الوارد لى من الشركة بتاريخ 20/3/2016 وتاريخ 22/3/2016 وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.

مقدمه محمود محمد أبوالمجد 24/3/2016"

انتهت الشكوى، وأرفق بها الإيميلات، ومعها بيان من هيئة الرقابة المالية ببيانات الشاكى والمشكو فى حقه وطبيعة الشكوى وتاريخها وممهورة بخاتم هيئة الرقابة المالية.

وسلمنا محمود أبوالمجد نسخة من كشف حسابه المتضمن ملايين بورصة لندن وأسهمه وحساباته بالإسترلينى والمصرى.. وقال لنا إنه اكتشف قصة غريبة، اكتشف أن الأسهم التى دخلت حسابه كانت مملوكة لشخص آخر منذ عام 2009 وكانت قيمة هذه الأسهم وقتها لا تتجاوز 800 ألف جنيه وتضاعفت إلى 21 مليون جنيه.

قبل أن تتعاطف مع الشركة وتقول: إن ما حدث خطأ فى حركة إيميلات الشركة عليك أن تعرف أن الأموال دخلت فى حساب عميل وخرجت منه بدون أن يكون له حيلة أو يوقع ورقة واحدة وهى سابقة تعنى أن عملاء الشركة مغلوبون على أمرهم وليست لهم ذمة مالية أو سيطرة على حساباتهم.. الأمر الثانى أن هيئة الرقابة المالية حتى الآن لم تلعب أى دور ولم ترد على الشكوى وهو ما يضيف غموضا حول دور الهيئة التى يفترض أنها جهة رقابية.

الأمر الآخر أن ما حدث هو عملية نقل أموال من مصر إلى لندن، فقد تم وضع قيمة الصفقة بالإسترلينى فى حساب العميل ويمكن للشركة أيضا مثلما فعلت أن تسحب تلك الأموال فى لندن أو تنقلها هناك لحساب آخرين.

1- مليارات بلتون
بلتون هى الشركة الأشهر فى عالم الأوراق المالية خلال الأشهر الأخيرة، لعبت دور البطولة فى صفقة سى آى كابيتال الشهيرة المملوكة لبنك الـ«C.I.B»، والشركة "بلتون" مملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس واستحوذ عليها نهاية عام 2015 مع شركة فايننشال التى يرأسها سامح الترجمان وبلغت قيمة الصفقة 650 مليون جنيه.. وبلعبة واحدة ارتفعت قيمة الشركة لتدخل عالم المليارات.

فقد دخل ساويرس فى صراع مع البنك الأهلى والبنك المركزى للاستحواذ على شركة سى آى كابيتال وطلب بنفسه تدخل رئيس الوزراء حتى ينسحب البنك الأهلى من منافسته فى الاستحواذ على الشركة، وانسحب الأهلى الذى نفى لى رئيسه هشام عكاشة أن يكون رئيس الوزراء قد تدخل لديه فى هذه الصفقة ولكنها رواية نجيب نفسه فى مقاله بجريدة أخبار اليوم.

وتوقفت الصفقة فيما بعد لأسباب أخرى.. المهم أن الحديث حول صفقة الاستحواذ، وقيمتها مليار جنيه، هذا الحديث وحده رفع قيمة أسهم بلتون فى البورصة من 4 جنيهات خلال شهر يناير إلى 22 جنيها خلال شهر مارس، عدد اسهم بلتون 162.741.798 سهما، عندما كانت قيمة السهم 4 جنيهات كانت قيمة إجمالى أسهم الشركة 648 مليون جنيه، وعندما ارتفعت قيمة الأسهم إلى 22 جنيها للسهم أصبح إجمالى قيمة أسهم الشركة 3.2 مليار جنيه، والآن والسهم قيمته فى السوق 16 جنيها أصبحت قيمة الأسهم تساوى 2.6 مليار جنيه.

هذه الأرقام تقول إن حديث ساويرس ومحاولاته وصراعاته مع الحكومة لها ثمن، وصل الثمن فى فارق سعر أسهم شركته إلى 2 مليار جنيه، وهو ما يوازى ضعف ثمن "سى آى كابيتال"، حتى لو لم يشتر ساويرس الآن "سى آى كابيتال" فقد ربح الرجل ضعف ثمن الشركة..

يبقى أن نشير إلى شركاء ساويرس فى بلتون، قيادات مجلس إدارة الشركة وهم أصحاب أسماء لعبت أدوارا كبيرة فى إدارة الاقتصاد المصرى على فترات مختلفة منهم من كان رئيس بورصة ومنهم من كان وزيرا يدير نصف الحكومة، منهم سامح الترجمان وماجد شوقى ومنير فخرى عبد النور.

2- معركة بداية الأسبوع
مساء أول أيام التداول فى البورصة الأسبوع الحالى قرر الدكتور محمد عمران رئيس البورصة إلغاء جميع العمليات المنفذة على أسهم "بلتون القابضة" فى ذلك اليوم، وهى ليست المرة الأولى التى يتم فيها إلغاء التعامل على هذا السهم وهو ما يعنى أن هناك أمورا تجرى فى الكواليس.. وغالبا هى ألاعيب محبوكة جيدا فالشركة يقوم على أمرها اثنان من رؤساء البورصة السابقين وتجيد التعامل مع المسالك القانونية.. وبالفعل اعترضت الشركة على قرارات عمران والمعركة مستمرة.