مخطط الوقيعة بين مصر وأصدقائها.. بدء بـ"روسيا" وانتهى مع "فرنسا" بالطائرة المنكوبة

تقارير وحوارات

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسي


شهدت الساحة المصرية على مدار السنوات الأربع الماضية تحولات سياسية وأمنية واقتصادية كبرى، وهو ما خلق حالة من السيولة الشديدة في العلاقات البينية، وكذلك التحالفات الإقليمية لدول المنطقة، ولاشك أن التغيرات السياسية المتلاحقة التي شهدتها مصر خلال السنوات الأربع الماضية، قد ألقت بظلالها على سياسة مصر الخارجية، خاصة تجاه بعض الدول الأوربية كـ" روسيا، وإيطاليا، وفرنسا".

قوة العلاقات المصرية الروسية
ففي البداية شهدت العلاقات الروسية المصرية على مدار 71 عاما من التعاون الدبلوماسي والعسكري بين القاهرة وموسكو محطات تاريخية هامة، كانت العلاقات خلالها تصل ذروتها قبل أن تنحدر، وتصل حد القطيعة، ثم تتكفل الأيام لاحقا بعودتها تدريجيا من جديد.

ومن البروتوكلات الموقعة بين البلدين، عديد من المشروعات في مختلف المجالات، التي تشمل الطاقة، وتحديث المصانع التي تم تدشينها في مصر بخبرة سوفيتية سابقة، وتنمية منطقة قناة السويس، بالإضافة إلى التعاون مع مصر في مجالات البحث العلمي.

وجاء التقارب والتعاون المصري الروسي، الذي توج بزيارة الرئيس "بوتين" لمصر في فبراير من الماضي، كطوق نجاة للنظام المصري في مواجهة الحصار والضغوط الأمريكية التي وضعت نفسها طرفا في الصراع الداخلي على الحكم داخل مصر، وهو ما أقلق الإدارة الأمريكية وأفقدها قدرتها على ممارسة هذه الضغوط، وأصبح الأمل الوحيد لها هو الإجهاز على هذا التقارب بصرف النظر عن مدى صحة موقفها من الأحداث السياسية في مصر.

توقف الطيران بين القاهرة وموسكو
ولكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن، فعقب وقوع الطائرة الروسية بمصر في 31 من أكتوبر الماضي في سيناء، قررت سلطة الطيران المدني الروسي بوقف رحلات "مصر للطيران"، شركة الطيران الرسمية المصرية، إلى المطارات الروسية وهو ما يعني توقف الحركة الجوية المباشرة بين البلدين بشكل شبه كامل إلى حين.

وجدير بالذكر أن 3،2 مليون سائح روسي يقصدون منتجعات شرم الشيخ والغردقة سنويا، وأنه وقت وقوع الحادث كان نحو 79 ألف سائح روسي في مصر، وأن لجان التحقيق المصرية المشتركة مع كل من روسيا وفرنسا وألمانيا وإيرلندا تواصل عملها، ومن بين قراراتها الأخيرة ارسال آخر 7 ثوان من التسجيل الصوتي بالصندوق الأسود إلى معامل فرنسية لتحليلها والوقوف على طبيعة آخر الأصوات، التي صدرت على متن الطائرة المنكوبة، والتي يرجح أنها ستحسم المسألة.

العلاقات المصرية الإيطالية
تعود العلاقات بين البلدين خاصة التجارية منها إلى العصور الوسطى، حينما كانت إيطاليا مقسمة إلى عدة دويلات أو جمهوريات بحرية "Maritime Republics" وقد تنامت هذه العلاقات، وتشعبت إلى عدة مجالات غير التجارة، مع بداية عصر "الأمير محمد على"، أى فى أواخر القرن الثامن عشر.

وكانت جهات التمويل الإيطالية التي تشمل البنوك وصندوق ضمان القروض الإيطالية قررت رفع الحد الائتماني لتمويل المشروعات الاستثمارية الإيطالية بـ 10 مليارات يورو، وتأتي هذه المشروعات ضمن المشروعات التي تم الاتفاق عليها خلال مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري بشرم الشيخ مارس الماضي حيث تشمل قطاعات الصناعات الكيماوية والهندسية والبترول والنقل والطاقة والبنية التحتية.

مقتل "ريجيني" يفسد العلاقات المصرية الإيطالية
واشتد الضغط الدبلوماسي الإيطالي على مصر خلال اليومين الماضيين، على خلفية أزمة مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني في مصر منذ أكثر من شهرين، الأمر الذي طالبت على أثره روما القاهرة بالمزيد من التعاون والشفافية في التحقيقات الجارية، في حين أكدت إنها سترد بإجراءات مناسبة وفورية ضد مصر، إذ لم يكن هناك أي تغيير في أسلوب التعاون، هذه التصريحات صاحبها بعض التأكيدات البرلمانية التي تشير إلى أن قضية ريجيني يمكن اعتبارها اختبارا لمستقبل العلاقات التي تربط إيطاليا بمصر.

وفي الفترة الأخيرة لوحت شركة "إيني" الإيطالية، إحدى أكبر شركات البترول في العالم، عزمها بيع أصولها في مصر، ولم تتضمن التصريحات التي نقلتها وسائل الإعلام العالمية عن الرئيس التنفيذي لإيني، حول أسباب اتجاه الشركة الجديدة، ولكن التوقيت أثار تخوفات كثيرة حول ارتباطه بالحادث الأخير.

وتوقع دبلوماسيون وخبراء أن تتجه إيطاليا للضغط على مصر من خلال اللجوء لسحب الاستثمارات الاقتصادية ووقف السياحة مثلما فعلت موسكو، خاصة أن السياح الإيطاليين يفضلون قضاء إجازاتهم في المنتجعات السياحية في شرم الشيخ والغردقة، وأعلنت جمعية السياحة الإيطالية وقف جميع رحلاتها إلى مصر مؤخرًا.

العلاقات الاقتصادية بين مصر وفرنسا
وترجع العلاقات الثنائية مابين مصر وفرنسا إلى  بداية الثمانينات التي شهدت علاقات تجارية واقتصادية بين مصر وفرنسا، بل تعتبر فرنسا من أهم المستثمرين في مصر، وإحدى أهم الأسواق التصديرية للسوق المصري، ويحكم العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر وفرنسا عدد من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون.

وكان أولها في عام 1974 وقعت مصر بروتوكولا للتعاون المالي مع فرنسا بموجبه تقدم الخزانة الفرنسية قروضًا ميسرة لصالح المشروعات التنموية والاجتماعية في مصر، إلا أن العمل بهذا البروتوكول توقف بدءًا من عام 2000، وبلغ إجمالي المساعدات والقروض الميسرة التي قدمتها فرنسا لمصر 150 مليون يورو، إلى أن وقعوا بروتوكول تعاون مالي بين مصر وفرنسا بمبلغ 7.150 مليون يورو في 2-15، لتمويل إحلال أنظمة الملاحة بمطار طابا لصالح وزارة الطيران المدني، فضلا عن  تقديمها الخاص على المستوى العسكري، وصفقات السلاح التي تمت.

اختفاء طائرة مصر للطيران
وعقب إعلان السلطات المصرية اختفاء الطائرة إيرباص أيه 320 القادمة من باريس من على شاشات الرادار 23.09 بتوقيت باريس وعلى متنها 59 راكب و10 من أفراد طاقم الطائرة، لا يعلم أحد ما سيكون شكل العلاقة بين البلدين.

مؤامرة على مصر
وعلى خلفية اختفاء طائرة مصر للطيران المنكوبة أثناء عودتها من فرنسا، قال الإعلامي خيري رمضان، إنه لا يؤمن بنظرية المؤامرة على مصر؛ ولكن ما حدث خلال الشهور الماضية يؤكد أنها حقيقية، موضحًا: "دائما تحدث الحوادث مع الدول الصديقة لمصر مثل إيطاليا وروسيا وفرنسا".

وأضاف "رمضان"، ببرنامج "ممكن"، عبر فضائية "سي بي سي"، أن "أي خلل فني في الطائرة يعطى فرصة للطيار أن يتكلم وهذا لم يحدث، والصندوق الأسود سيكشف ما حدث"، منوها أنه تم رصد انحرافات للطائرة ثم اختفت تماما، وهذا يؤكد أن ما حدث بعيد عن فكرة الخلل الفني، منوهًا، أن إجراءات الأمن المسؤولة عنها فرنسا، ولكي يتم اقتحام أجهزة أمن فرنسا لابد من أجهزة عالية الجودة.

التأثير على العلاقات المصرية الفرنسية
في السياق ذاته تابع طارق الخولي، أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إن حادث سقوط الطائرة المصرية حال ثبوت أنه عمل إرهابي أو استخباراتي سيكون بهدف للتأثير على العلاقات المصرية الفرنسية، التي شهدت تقدم خاصة على المستوى العسكري، وصفقات السلاح التي تمت.

وأوضح "الخولي"، في تصريحات صحفية، أن تصريح رئيس الحكومة بأن الحادث نتيجة عمل إرهابي، تصريح متسرع ومتعجل، وكأنه ينبغي أن ينتظر نتيجة ظهور تحقيقات، لافتًا إلى أن أداء وزارة الطيران المدني به شئ من التخبط فنجد ظهور التصريح ونفيه، نتيجة عدم وجود غرفة عمليات موحدة لإدارة الأزمة.

وتابع عضو مجلس النواب، أنه أى دولة تقترب منها مصر اقتصاديًا أو سياسيًا يحدث حوادث إرهابية، وهذا بحاجة لبحث ودراسة، وهو ما حدث مع روسيا وإيطاليا من قبل، والآن فرنسا.