نصار عبدالله يكتب: الكتابة بالعين اليسرى

مقالات الرأي




هل قدر لأحد القراء الأعزاء أن يجرب القراءة والكتابة معتمدا ولو إلى حين على العين اليسرى وحدها؟ ..أتمنى من الله أن يتم عليكم جميعا نعمة الإبصار بأكملها وأن يديمها، لكننى خضت هذا الأسبوع التجربة التى تكلمت عنها منذ قليل
)والحمد لله فى كل الأحوال(، وهأنذا أكتب هذا المقال معتمدا على العين اليسرى، رغم أنها أصلا أضعف من اليمنى،  رغم أن العينين كلتيهما تعانيان من الكتاركت )المياه البيضاء( التى وصلت من الشدة إلى الحد الذى جعلنى فى الآونة
الأخيرة أرى الأشياء أشباحا !! قبل ذلك كنت قد بدأت ألاحظ أن طباعة الصحف قد أصبحت باهتة وأنها تزداد مع الوقت بهتانا )بالمصادفة كلا المعنيين لكلمة «بهتان » ينطبق!! ولكنى أتكلم هنا عن شحوب درجة اللون( ..كنت فى البداية أعلل هذا البهتان بأنه رداءة فى تقنيات الطباعة المستخدمة فى الفترة الأخيرة التى تدهور فيها كل شىء تقريبا ..لكننى مع زيادة مستوى البهتان خطر لى أن أقارن بين مستوى وضوح الطباعة فى إحدى الصحف القديمة التى أحتفظ بها وبين صحيفة معاصرة، وعندئذ هالنى أن طباعة الصحيفة القديمة باهتة أيضا، وأنه لافرق يذكر بين مستوى بهتان الصحيفة القديمة والحديثة )مرة أخرى أذكر بأن كلا المعنيين لكلمة «بهتان » ينطبق!! ولكنى أتكلم هنا عن شحوب درجة اللون( ...حينئذ فقط، فطنت إلى أن المشكلة ليست فى الطباعة، ولكنها غالبا فى عينى وقررت على الفور أن أستشير الصديق العزيز والقديم حاتم عمار...  قبل أن يصبح حاتم عمار طبيبا شهيرا للعيون )هو حاليا واحد من أشهر أطباء العيون فى صعيد مصر إن لم يكن أشهرهم، كما أنه فى رأى الكثيرين واحد من أفضل أطباء العيون فى مصر بالكامل( قبل أن يصبح حاتم عمار طبيبا شهيرا، كنت واثقا أنه سوف يصبح كذلك فى يوم من الأيام، ليس فقط لأنه دائم القراءة والاطلاع ودائم المتابعة لكل ما هو جديد فى مجال تخصصه )القراءة ركيزة أساسية لا غنى عنها لتحقيق التفوق فى أى مجال من المجالات(، وليس فقط لأن الله قد منحه حساسية استثنائية وقدرة نادرة على التحكم
فى أنامله )الحساسية والقدرة على التحكم موهبة يؤتيها الله من يشاء لكنها تصل إلى أوجها بالمران المتصل(، ولكن قبل ذلك كله لأنه يتسم بالصدق والإخلاص والحس الإنسانى الرفيع وهى صفات آخذة فى الانقراض بين الأطباء، خاصة من ينتمون إلى الأجيال الأخيرة. ولقد عرفت هذا الجانب فيه ليس فقط من خلال ما لمسته عن قرب منذ أن عرفته منذ سنوات بعيدة، ولكنى عرفته أيضا من خلال ما كان يرويه عنه واحد من أصدقاء طفولته وهو بالمصادفة واحد من أبناء عمومتى
فى نفس الوقت وأعنى به المستشار وائل نصار الذى كان والده رئيسا لنيابة طما مسقط رأس الطبيب الشهير ..قال لى الدكتور حاتم لا بد من إجراء عملية وتركيب عدسات... وأضاف: فيما مضى كنا ننتظر حتى «تنضج المياه ! »، أما الآن،وبعد تقدم العلاج بالليزر، فقد أصبح من الأفضل إج راء العملية مبكرا، لأن هذا يجعل إجراءها أيسر، وفترة تعافيها أقل!، وسوف نبدأ بالعين اليمنى، تاركين لك اليسرى تستخدمها كيفما تشاء خلال فترة التعافى التى لن تطول كثيرا بإذن الله، .. سوف نتيح لك الفرصة لكى ترى كل شىء بعين يسارية، )فى هذه المرة بالمعنى الفيزيقى للكلمة، وليس بالمعنى الفكرى الذى كثيرا ما نلمحه فى كتاباتك!!(.. أخيرا هأنذا أمتثل لمشيئة الأقدار، ولقرار حاتم عمار بأن تكون نقطة البداية هى الرؤية بعين يسارية بالمعنى الفيزيقى.