مرصد الإفتاء: خطاب "العدناني" ظاهره القوة وباطنه الضعف والهزيمة

أخبار مصر

دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية - صورة أرشيفية


أكد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، أن الخطاب الأخير للمتحدث باسم تنظيم "داعش" أبي محمد العدناني الشامي، يشير إلى حالة الهزيمة التي يعيشها التنظيم حاليًّا، ومحاولته لتغليفها بتعبيرات القوة والصلابة لرفع الروح المعنوية لعناصره، ساعيًا إلى توجيه الدفة ناحية الغرب بشكل عام لدعوة عناصره للهجوم على المدنيين هناك، إضافة إلى الهجوم على النظم العربية التي يعتبرها "مرتدة" وتبشيره بقرب فتح "السعودية"، كما هاجم الخطاب تنظيم القاعدة وزعيمها أيمن الظواهري الذي وصفه بـ "سفيه القاعدة".

وأوضح المرصد أن خطاب العدناني، المعنون بـ"ويحيى من حي عن بينة" هو خطاب يحمل بداخله معاني الهزيمة والانكسار، بالرغم من أنه مغلف بقشرة من ألفاظ القوة والفخر وادعاء القوة والصلابة؛ حيث أكد العدناني أن خسارة الأراضي والمقاتلين لا تعني خسارة التنظيم وهزيمته، واستدل على ذلك بخسائر التنظيم في الماضي والتي تجاوزها وعاد أقوى مما سبق، على حد وصفه.

وأضاف المرصد، أن الخطاب يؤكد اعتراف التنظيم بخسارة قياداته وعناصره الهامة؛ حيث قال العدناني مخاطبًا التحالف الدولي، ممثلاً في الولايات المتحدة الأمريكية: "هل انتصرتِ عندما قتلتي أبا مصعب أو أبا حمزة أو أبا عمر أو أسامة؟! وهل ستنتصرين إذا قتلتي الشيشاني أو أبا بكر!! أم تحسبين أن الهزيمة خسارة مدينة أو خسارة أرض!".
 
كما حمل الخطاب اعترافًا من التنظيم بخسارة المدن والأراضي أيضًا، حيث قال العدناني: "هل سنهزم وتنتصرين إذا أخذتِ الموصل أو سرت أو الرقة أو جميع المدن وعدنا إلى الصحراء كما كنا"، في دلالة إلى قرب هزيمة التنظيم وعودة عناصره إلى الصحراء كمجموعة فارة، وفقدان ملامح الدولة التي تشدق بها التنظيم منذ سيطرته على المدن الكبرى في سوريا والعراق.
 
وحاول العدناني، رفع الروح المعنوية لمقاتليه والتهوين من تداعيات تلك الخسائر بالقول: "كلا إن الهزيمة فقدان الإرادة والرغبة في القتال، وستنتصرين يا أمريكا ويهزم المجاهدين في حاله واحدة، سنهزم وتنتصرين إذا ما استطعتِ انتزاع القرآن من صدور المسلمين وهيهات هيهات".

وأوضح المرصد، أن العدناني، شن هجومًا حادًّا على المملكة العربية السعودية مبشرًا بفتحها على أيدي مقاتلي التنظيم في تدليس صارخ للحديث النبوي حول فتح جزيرة العرب، والتي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "تغزون جزيرة العرب، فيفتحها الله، ثم فارس، فيفتحها الله، ثم تغزون الروم، فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال، فيفتحه الله"، وذلك لشرعنة الهجوم على السعودية وتوصيف ذلك بأنه نبوءة نبوية تتحقق على أيدي "الدواعش".

كما حمل الخطاب هجومًا معتادًا على تنظيم القاعدة، وزعيمها الحالي "أيمن الظواهري"، والذي وصفه العدناني بـ"سفيه القاعدة"، وذلك ردًّا على هجوم الظواهري الأخير على تنظيم "داعش" ووصفه لهم بالخوارج، وقد وصل الحال بالعدناني إلى تسمية جبهة النصرة بـ "جبهة الردة"، وهو ما يتسق مع الصراع المحموم بين التنظيمين للفوز بقيادة راية "الجهاد" المزعومة.

كما حمل خطاب العدناني، رسالة هامة مفادها أن الصراع والحرب مع الغرب "الكافر" والنظم الإسلامية "المرتدة" ليس صراع مصالح ولا أهواء وإنما هو صراع ديني يفرضه القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وقد حمل الخطاب دعوة للمقاتلين والمتعاطفين مع التنظيم في الغرب إلى البقاء في دولهم، وتنفيذ العمليات الإرهابية هناك، وتكبيد الدول الغربية بشكل عام الخسائر الفادحة، ولم ينس المتحدث باسم التنظيم أن يشرعن لهذه العمليات عبر التأكيد على أن أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تعتبر دولاً حربية ولا وجود فيها لمدنيين، وذلك لدفع أعضائه والمتعاطفين معه إلى تنفيذ العمليات التي تستهدف المدنيين دون تحرج أو تردد، خاصة مع حلول شهر رمضان، والذي دعا فيه العدناني إلى جعله شهر "جهاد" ضد الغرب.
 
واختتم المرصد، بيانه بالتأكيد على تراجع تنظيم "داعش" وانخفاض الروح المعنوية لعناصره، وقرب خسارته للمدن الكبرى التي يسيطر عليها، داعيًا إلى مواصلة الجهود المناهضة له ومحاصرته وعدم إتاحة الفرصة له لتجميع قواه ولم شمل مقاتليه، إضافة إلى غلق الباب أمام هروب عناصر التنظيم إلى مدن جديدة أو معاقل متوقعة.

بالإضافة إلى الحذر الشديد من خطورة "الذئاب المنفردة" التي يسعى التنظيم إلى تنشيطها عوضًا عن تراجع عملياته الجماعية في مناطق نفوذه، خاصة أن النداء الأخير للعدناني للذئاب المنفردة بالبقاء في دولها وتنفيذ العمليات الإرهابية يُعد ضوءًا أخضر لظهور عمليات في مناطق ومدن غير تقليدية لم يعهد عن التنظيم استهدافها من قبل.