في ذكرى اغتياله.. "فرج فوده" ضحية أفكار المتأسلمين (بروفايل)

تقارير وحوارات

فرج فوده - أرشيفية
فرج فوده - أرشيفية


كان دائما ينادي بفصل الدين عن الدولة، حيث كان يؤمن بالعلمانية والمدنية، وسخر لهما جميع ما يملك، فألفّ الكثير من الكتب، وخطت يداه الكثير من المقالات التي أتت عليه بالوبال في نهاية المطاف، فلم يكن يعلم أن الكلمة التي يرددها ويصدع بها دائما، ستقوده إلى الهلاك، إنه الراحل "فرج فوده"، الذي يعد من أهم المفكرين الذين رحلوا في الأعوام السابقة، والداعي إلى الدولة المدنية البعيدة عن الدين، والذي تحل ذكرى وفاته والموافقة لهذا اليوم 8 يونيو 1992.


نشأته
ولد فرج فوده في قرية الزرقا بالقرب من مدينة دمياط في 20 أغسطس 1945، التحق فرج فوده في الستينيات بكلية الزراعة وحصل على شهادة البكالوريوس في  الاقتصاد الزراعيفي يونيو 1967وشارك فرج فوده في مظاهرات الطلبة الغاضبة عام 1968 واعتقل لعدة أيام في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.


الجماعة الإسلامية واحتدام المعركة
كان لفرج فوده العديد من الأفكار التي اعترضت عليها الجماعة الإسلامية، وهي جماعة نشأت في  مصر بأوائل السبعينيات من القرن العشرين تدعو إلى "الجهاد" لإقامة "الدولة الإسلامية" وإعادة "المسلمين إلى التمسك بدينهم وتحكيم شرع الله"، ثم الانطلاق لإعادة "الخلافة الإسلامية من جديد"  وكانت تنتشر بشكل خاص في محافظات الصعيد.


كما استخدمت الجماعة القتال في مصر ضد رموز السلطة، وقوات الأمن المصري، وبعض رجال الفكر، أمثال فرج فوده، الذي كان لديه أفكارا غريبة من وجهة نظر الجماعة الإسلامية، والتي أدت بالنهاية إلى اغتياله .

أفكاره التي أدت إلى اغتياله
أثارت كتابات فرج فوده، جدلا واسعا بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين، واختلفت حولها الآراء وتضاربت فقد طالب بفصل الدين عن السياسة و الدولة وليس عن المجتمع.

كانت جبهة علماء الأزهر تشن هجوما كبيرا عليه، وطالبت لجنة شؤون الأحزاب بعدم الترخيص لحزبه، بل وأصدرت تلك الجبهة في 1992 "بجريدة " النور" بياناً بتكفيره مما أدى بعد ذلك إلى اغتياله عن طريق الجماعة الإسلامية حينها.


اغتياله
وفي 8 يونيو، انتظر شابان من الجماعة الإسلامية، هما أشرف سعيد إبراهيم وعبد الشافي أحمد رمضان، على دراجة بخارية أمام "الجمعية المصرية للتنوير" بشارع أسماء فهمي بمصر الجديدة، وفي الساعة السادسة والنصف مساء، وعند خروجه من الجمعية بصحبة ابنه أحمد وصديق آخر، وفي أثناء توجههم لركوب سيارة فرج فوده، انطلق أشرف إبراهيم بالدراجة البخارية وأطلق عبد الشافي رمضان الرصاص من رشاش آلي فأصاب فرج فودة إصابات بالغة في الكبد والأمعاء، بينما أصاب صديقه وابنه إصابات طفيفة، وهربوا.


 وعلى الرغم من ذلك انطلق السائق الخاص لفرج فوده خلف المجرمين وأصاب الدراجة البخارية وأسقطها ليسقط عبد الشافي رمضان وارتطمت رأسه بالأرض وألقت الشرطة القبض عليه حينها، أما أشرف إبراهيم فقد تمكن من الهرب.

وفاته
حملت سيارة إسعاف فرج فوده إلى المستشفى، حيث قال وهو يحتضر: "يعلم الله أنني ما فعلت شيئا إلا من أجل وطني" وحاول جراح القلب د. حمدي السيد، نقيب الأطباء آنذاك إنقاذ حياة فرج فوده، لمدة ست ساعات، إلا أنه لفظ بعدها أنفاسه الأخيرة في مثل هذا اليوم الموافق 8 يونيو 1992.