في ذكرى ميلاده.. "جيفارا" المتمرد الثوري وأيقونة الحرية
هو من الثوريين الكوبيين الكبار، وكان طبيبا وكاتبا، وزعيما وقائدا عسكريا لا مثيل له، كما كان من الشخصيات الرئيسية في الثورة الكوبية، والذي استطاع أن يخلد اسمه على مدار التاريخ، إنه أرنستو تشي جيفارا الذي تأتي ذكرى ميلاده في مثل هذا اليوم الموافق 14 يونيو من عام 1928.
نشأته
ولد إرنستو تشي غيفارا من أم اسمها سيليا دي لا سيرنا وأب اسمه إرنستو غيفارا لينش يوم 14 يونيو 1928 م، وهو الأكبر بين خمسة أطفال في عائلة من أصول أيرلندية وإسبانية.
في وقت مبكر جدا من الحياة، نمى لدى غيفارا حينذاك - شعور التعاطف مع الفقراء، و بحكم نشأته في أسرة ذات الميول اليسارية كان غيفارا يتعامل مع طائفة واسعة من وجهات النظر السياسية، حتى في الوقت الذي كان فيه صبيا كان والده مؤيدا قويا للجمهوريين من الحرب الأهلية الإسبانية وغالبا ما استضاف العديد من اللقاءات بين قدامى المحاربين في منزله.
اهتماماته الفكرية والأدبية
عندما كبر جيفارا أصبح يهتم بالقراءة لكتاب أمريكا اللاتينية، حيث قام بتدوين أفكار العديد من هؤلاء الكتاب في كتاباته الخاصة بخط يده مع مفاهيمه وتعاريفه، وفلسفات المثقفين البارزين من وجهه نظره، وقام أيضا ببعض الدراسات التحليلية لبوذا وأرسطو، بجانب دراسته لبرتراند راسل عن المحبة والوطنية، والمجتمع من جاك لندن وفكرة نيتشه عن الموت، كما أخذ عن سيغموند فرويد مجموعة متنوعة من المواضيع مثل الأحلام والرغبة الجنسية والنرجسية وعقدة أوديب شملت مواضيعه المفضلة.
نضاله
جاء جيفارا وقد كتبت عليه الثورة الكوبية حينها، فلم يقف موقف المتفرج حيث كره اتكال الثورة الكوبية على الاتحاد السوفيتي، واستمر في ابتكار وسائل أخرى للحصول على التمويل وتوزيعه، كما انهمك تشي جيفارا في نقاش علني مع بعض شباب اليسار الجديد من نيويورك، حيث مثّل تشي الكثيرين في الحركة الناشئة إرادتهم على الحركات الثورية للسكان الأصليين.
حال الثورة الكوبية ودور جيفارا
وبالفعل فإن الثورة في كوبا، على عكس المفاهيم المعاصرة للكثيرين في الولايات المتحدة اليوم، كانت مستقلة، وفي بعض الأحيان معارضة للحزب الشيوعي الكوبي، ولقد أخذ بناء مثل هذه العلاقة التي لم يكن من السهل صنعها عدة سنوات فقط بعد الثورة ونجحت في أخذ سلطة الدولة وتأسيسها، دافعة إلى الاندماج بين القوى الثورية والحزب، الاندماج الذي لم يضع نهاية لمشاكل جيفارا والثورة الكوبية نفسها.
مشكلات تعيشها الثورة
اعتماد كوبا المتزايد على الاتحاد السوفيتي كان يمثل إحدى المشكلات لجيفارا، حيث قررت الحكومة أثناء احتياجها اليائس للنقد من أجل شراء لوازم شعبها الضرورية، وبعد نقاش مرير قررت أن تضيع فرصة تنويع الزراعة في كوبا من أجل التوسع في محصولها النقدي الرئيسي، قصب السكر، الذي يتم تبادله أمام البترول السوفيتي، لتستهلك جزء من هذا البترول وتعيد بيع الباقي في السوق العالمي، وبالتدريج فقدت كوبا، بالرغم من تحذيرات تشي (والآخرين)، القدرة على إطعام شعبها نفسه، وهي المشكلة التي بلغت أبعادا مدمرة بانهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، آمن تشي بأن المجتمع الجديد حقيقة، وعليه أن يجعل طموحه هو ما يحلم به شعبه من أجل المستقبل، وأن يعمل على تنفيذه فورا في كل أوان ومكان.
اغتياله ووفاته
وبعد الدور الكبير الذي عاشه جيفارا لثورته، ألقي القبض على اثنين من مراسلي الثوار، فاعترفوا تحت قسوة التعذيب أن جيفارا هو قائد الثوار، وعليه انتشر آلاف الجنود لتمشيط المناطق الوعرة بحثا عن أربعين رجلا ضعيفا وجائعا.
وفي أحد وديان بوليفيا الضيقة هاجمت قوات الجيش البوليفي المكونة من 1500 فرد مجموعة جيفارا المكونة من 16 فرداً، وقد ظل جيفارا ورفاقه يقاتلون 6 ساعات كاملة وهو شيء نادر الحدوث في حرب العصابات في منطقة صخرية وعرة، تجعل حتى الاتصال بينهم شبه مستحيل.
وقد استمر "تشي" في القتال حتى بعد موت جميع أفراد المجموعة رغم إصابته بجروح في ساقه إلى أن دُمّرت بندقيته ووقع في الأسر، ورفض أن يتبادل كلمة واحدة مع من أسروه، وفي النهاية قام رقيب بإطلاق رصاصة من مسدسه في الجانب الأيسر فأنهى حياته في ٩ أكتوبر، ١٩٦٧.